تبعث مناورة "الركن الشديد 3" التي نفذتها الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في قطاع غزة، برسائل حاسمة لأطراف عديدة تؤكد من خلالها الجاهزية للتصدي لأي عدوان إسرائيلي محتمل، إلى جانب تطور حالة الوحدة للمقاومة في القطاع.
وأعلنت الغرفة المشتركة، الأربعاء، تنفيذها المناورة قرب السياج الأمني شمالي قطاع غزة، بهدف سرعة استجابة قوات المقاومة لأي طارئ واختبار جهوزية المقاتلين للتعبئة والتصدي للعدوان، مضيفة أنها شهدت سيناريوهات تكتيكية مختلفة؛ أبرزها عملية إغارة خلف خطوط العدو تخللها أسر عدد من الجنود.
وأوضحت الغرفة المشتركة أن المناورة جرت لقياس سرعة استجابة قوات المقاومة لأي طارئ واختبار جهوزية المقاتلين للتعبئة والتصدي للعدوان، وتتويجاً لفترة من التدريب المتقدم المشترك لنخبة من مقاتلي فصائل المقاومة.
وجاءت المناورة عشية تصويت الكنيست على حكومة الاحتلال المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو وما سبق ذلك من إقرار تشريعات تهيئ لمزيد من جرائم القتل والاستيطان وبحق الفلسطينيين، ما يؤشر لتفجر الأوضاع بصورة أكبر بالمناطق الفلسطينية.
رسالة الوحدة
ويرى المختص بالشأن الأمني أيمن الرفاتي أن المناورة تؤشر لتطور في العمل الجماعي للفصائل الفلسطينية، من حيث الاستجابة السريعة والقدرة على المناورة ومواجهة المخاطر الطارئة، وهذا يعني اننا أمام مقاومة لا تتوقف عن تطوير قدراتها وتستعد لجميع السيناريوهات التي قد تعتريها.
ويقول إن المناورة تحمل رسالة طمأنة للشعب الفلسطينية باستعدادها للمواجهة التحديات التي قد تفرضها حكومة الاحتلال المتطرفة والفاشية خلال الفترة المقبلة.
ويضيف أن الدلالة الأهم هي الرسالة الواضحة بجدية المقاومة وعملها لإنهاء ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فهذه المناورة تعطي دلالة واضحة أن الجهود الكبيرة ستكون منصبة خلال الفترة المقبلة لإنهاء ملف الأسرى عبر مبادلتهم بجنود من جيش الاحتلال.
كما تحمل المناورة من حيث المكان تحدياً للاحتلال، إذ أقيمت في موقع عسكري جديد للمقاومة الفلسطينية قرب الحدود الشمالية لقطاع غزة، وهو ذات الامر الذي يفرض واقعاً جديداً لصالح المقاومة في قواعد الاشتباك مع العدو، إضافة لاستعداد المقاومة لمواجهة أي محاولات من العدو لكسر قواعد الاشتباك، بحسب الرفاتي.
رؤية استراتيجية
من جهته يعُلق المحلل السياسي عبد الله العقاد على المناورة بالقول:" الركن الشديد وبهذا التسلسل يكشف عن رؤية استراتيجية عظيمة تتحرك فيها قيادة المقاومة الفلسطينية بكافة أذرعها وتشكيلاتها".
ويقول العقاد:" ابتدأت الرؤية بتكوين نواة طلائعية تمثلت في الكتائب والسرايا والألوية، ثم دخلت مرحلة التنسيق الميداني أثناء الالتحام وفي مواجهة الاقتحام، ثم التنسيق التشاركي العملياتي من خلال غرفة العمليات المشتركة على مستوى متقدم، وهذا وذاك مهد لأهم خطوة استراتيجية، وهي خلق بنية عسكرية مقاومة تتشكل من كل ألوان الطيف المقاوم تحت قيادة واحدة، وفي نسق عملياتي، وتسلسل موحد".
ويضيف، "تم هذا بتكيتكات متتالية، وخطوات متوالية حتى وصلت إلى دورات عسكرية واحدة، ومواقع يجري بناؤها لهذا الجيش، وقد تم تدشين أول موقع عسكري لهذه الغرض".
ويؤكد العقاد أن المناورات المتسلسلة ذات النسق الواحد تأتي في سياق متدرج يتكامل ويتعاضد، وفق الرؤية الهادفة التي تتشكل منها جيش التحرير الفلسطيني الموحد، أو حيش تحرير فلسطين.
ويتابع "بهذا يتحقق مفهوم الوحدة عملياً بجيش واحد، وقيادة موحدة، وهدف واحد تحرير فلسطين، وغاية نبيلة عظيمة استرداد فلسطين عربية إسلامية لا تقبل القسمة ولا التبعيض".
رسالة الوحدة والجهوزية
من جانبه يقول المحلل السياسي مصطفى الصواف، إن فصائل المقاومة تؤكد بهذه المناورة تؤكد وحدتها وجاهزيتها للتصدي لأي عدوان من قبل قوات الاحتلال مستخدمة سيناريوهات متعددة في مقدمتها سيناريو أسر جنود الاحتلال.
ويعتبر الصواف ذلك السيناريو بأنه رسالة مزدوجة وواضحة الأولى للاحتلال بأن موضوع تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجونه عبر أسر جنوده أولوية لدى المقاومة الفلسطينية، والثانية للأسرى في معتقلات الاحتلال؛ أن قضيتكم على سلم أولويات المقاومة والتي لن تدخر جهدا في العمل على إطلاق سراحكم بكل السبل والوسائل.
ويضيف الصواف أن رسالة المقاومة تؤكد أن ما يروجه الاحتلال عبر إعلامه بأن المفاوضات حول صفقة تبادل تحقق تقدم هو محض كذب.