"ركام منزل يحيى السنوار"، هذا الرجل الذي لطالما شكّل رعبًا للمنظومة الأمنية والسياسية والشعبية الإسرائيلية، وما زال، تختاره اليوم المقاومة الفلسطينية، ولاسيما كتائب الشهيد عز الدين القسام، ليكون حاضرًا حتى بغيابه، في عملية تبادل الأسرى، التي كانت وعده وتتحقق اليوم.
ومن أمام ركام منزل رئيس حركة "حماس" الشهيد القائد يحيى السنوار، سلّمت كتائب القسام وسرايا القدس اثنين من الأسرى الإسرائيليين بالإضافة إلى خمسة تايلانديين، للصليب الأحمر الدولي، مقابل الإفراج عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين، في إطار الدفعة الثالثة للمرحلة الأولى من صفقة التبادل، التي تم بدأ تنفيذها يوم 19 يناير الجاري، بين حركة "حماس" و"إسرائيل"، بوساطة قطرية أمريكية مصرية.
ويقع منزل السنوار المدمر في شارع "5" غربي محافظة خانيونس، مسقط رأس الشهيد، ومن أكثر المناطق تدميرًا بحرب الإبادة التي شنّتها "إسرائيل" على غزة على مدار 15 شهرا.
وللشارع المذكور أيضًا ذكريات مؤلمة لجنود الاحتلال، الذين مكثوا فيه أشهرًا، وتلقوا الضربات المتتالية من المقاومة، وحاولوا الخروج بصورة نصر منه، عبر التقاط صورة جماعية أمام منزل السنوار، وخداع الجمهور الإسرائيلي بها، والادعاء بقرب الوصول إليه، في وقت كان الرجل المقدام، يقود عناصر المقاومة في عدة مناطق من جنوبي القطاع، ليكون تسليم الأسرى أمامه اليوم رسائل من نار تطلقها المقاومة للاحتلال.
واحتشدت جماهير كبيرة تهلل وتهتف لكتائب القسام والمقاومة، بمحيط ركام منزل السنوار، منذ ساعات صباح اليوم، وحتى انتهاء عملية تسليم الأسرى الاسرائيليين، وعلى رأسهم المجندة "أربيل يهودا"، التي سارت مشيًا على الأقدام من أقرب نقطة وصولًا لمنزل السنوار، ومن ثم لسيارات الصليب الأحمر الدولي، حيث تم تسليمها.
تلك المجندة التي يعرفها معظم سكان قطاع غزة، بسبب ارتباط قضيتها بملف عودة النازحين من جنوبي قطاع غزة لشماله، وتنفيذ "إسرائيل" للاستحقاق المتعلق بعودتهم، مشت اليوم سيرًا كما النازحون على شارع الرشيد بعودتهم، في رسالة أخرى من المقاومة.
وفي العملية الأولى، اختارت كتائب القسام مخيم جباليا، مكانًا لتسليم جندية إسرائيلية أسيرة، وهو المخيم الذي مسحه جيش "إسرائيل" بشكل كامل، وارتكب فيه من الفظائع ما لا عين رأت، تحت غطاء القضاء على كتائب القسام فيه والبحث عن الأسرى الاسرائيليين.
ولكن، اليوم ومن بين ركام هذا المخيم، خرج مقاتلو القسام برفقتهم المجندة الأسيرة آغام بيرغر، لتسليمها للصليب الأحمر، في مشهد سقطت أمامه صورة كيان بأكمله، ولسان حال رئيس حكومته "ياليتني كنتُ نسيًا منسيا"، كما علّق أحد النشطاء على البث المباشر لعملية التسليم.
وانتابت مشاعر الفخر المئات من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لمشاهد عمليتي تسليم الأسرى الإسرائيليين اليوم في جباليا وخانيونس.
دلالات ووفاء
وسطر معظم النشطاء بيت الشعر الذي ردده الشهيد السنوار: "وللحرية الحمراء باب بكل يدٍ مضرجةٍ يُدقٌ"، مشيدين بتاريخ هذا الرجل الذي قاتل الاحتلال حتى ارتقى شهيدًا.
وكتب أحد النشطاء أثناء عملية التسليم: "هذا وعد السنوار لتعود الدار".
وقال الناشط عمر حجاج "نحيي حركة حماس على هذا التسليم الذي يغيظ الأعداء".
وأضاف عبد الرحيم محمد "مشهد يغيظ الأعداء ويشفي صدور قوم مؤمنين"، فيما قال راشد المالكي "غزة انتصرت على أمريكا".
وعلقت الناشطة أسيل محمد "نرى في حماس شوكة في حلق الاحتلال وأعوانه".
وقال المحلل السياسي نجيب مفارجة لوكالة "صفا: "إن اختيار مكان منزل السنوار هي رسالة وفاء لسيد الطوفان، صحيح أنه استشهد لكنه حاضر وباق بين الناس، وبيته أصبح قبلة يؤمه المقاومون".
وأضاف "هناك دلالة رمزية تتعلق بوعد السنوار، الذي قرر الطوفان ووعد بتحرير الأسرى، وهي واحدة من الملفات التي وعد بها، وبدأت تتحقق".
ويؤكد أن اختياره له دلالات بأن السنوار باقٍ، وإن رحل، ورسالة للاحتلال بأنه لن يستطيع تغييبه أو محو رسالته وفكرته.