web site counter
السبت 08/03/2025 • اخر تحديث : منذ 6 ساعات

مع دخول البضائع والمجمدات

كيف بدت أسواق شمال غزة بعد 15 شهرًا من الحرمان؟

غزة - مدلين خلة - صفا

15 شهرًا من الحرب والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع دخول المساعدات والغذاء، لا سيما إلى شماله، كانت كفيلة بحرمان آلاف المواطنين من أبسط مقومات الحياة، فكان سلاح التجويع وسيلة الاحتلال لإجبارهم على الهجرة.

هذا الحرمان سرعان ما تلاشى بمجرد دخول وقف إطلاق النار في القطاع حيز التنفيذ في التاسع عشر من كانون الثاني/يناير الجاري، وبدء تدفق المساعدات الإنسانية والبضائع واللحوم المجمدة إلى شمالي القطاع، بعدما منع الاحتلال دخولها، بسبب حرب الإبادة الجماعية التي شنها على القطاع.

وفي لوحة تداخلت ألوانها ببعض، وتشعبت تفاصيل الحصول عليها، مع دخول اللحوم المجمدة إلى شمالي القطاع اختلفت المشاعر وردود الفعل عن ماهية طعمها، وهل تغير بعد هذه المدة من الانقطاع الإجباري؟.

فرحة كبيرة

المواطنة أماني الشندغلي، أخذت أثناء جلوسها في إحدى زوايا بيتها المدمر جزئيًا، ترقب بعينيها ردود فعل عائلتها بعد طهيها للمقلوبة ووضع بعض جناحين الدجاج المبرد عليها.

تقول الشندغلي لوكالة "صفا": "لم يكن المشهد معتادًا قبل 15 شهرًا، فقد جبلت معالم أفراد العائلة بالحزن على فقدهم للدجاج واللحوم طوال فترة الحرب على القطاع عامةً، وشماله خاصةً".

وتضيف "في تردد أخذ أحد الأطفال بالسؤال، كيف فاتت هذه اللحوم إلنا ومعقول رح تضل، ولا رح تختفي مثل قبل".

وتتابع الشندغلي "قطع صدمة الفرح صياح شقيقي، والله طعمها مثل زمان مش متغير، كل شي تغير علينا إلا الجاج ضل مثل طعمه قبل سنة ونص".

وتبين أن دخول اللحوم المجمدة إلى منزل عائلتها كان بمثابة فرحة كبيرة بعد حرمان طويل، مشيرة إلى أن البعض ما يزال غير مصدق أنه استطاع تناول اللحوم ولم يمت وهو جائع كما حدث مع غيره.

وتصف فرحة العائلة بتناولها للحوم "كأنها ليلة العيد، بعدما استطاعوا أخيرًا تذوقها وملئ بطونهم الجائعة منها".

وتردف "أحد أفراد العائلة رفض تناول الأرز مع اللحم، خوفًا من ذهاب طعمها من فمه، قائلًا: "بديش أكل رز بس لحمة خلي طعمها بفمي".

وتكمل "ربنا يحرمه الجنة إلي حرم عائلاتنا وأهلنا، ودخلنا بمجاعة أكلنا فيها أكل الحيوانات".

وأما المواطنة عبير خضر، من شدة فرحة أطفالها بشراء الدجاج وطهيه، أصروا على التقاط صورة تذكارية بجانبه قبيل تناوله.

تقول خضر لوكالة "صفا": "أطفالي أصروا على أخذ صورة تذكارية بجانب الدجاج قبل تناولها، وكتبوا لافتة عنونوها (بعد حرمان عام طعم الجاج مثل زمان)".

وتضيف "كانت فرحة العائلة، وخاصة الأطفال منهم كبيرة بعد علمهم بطهي صينية بطاطس بالجاج".

وتتابع "في بداية الأمر أخذ أطفالي بالسؤال معقول يا ماما طعمها مثل زمان، معقول ما تغير عليها شي".

وتردف "من الأمور المضحكة أن شقيقي أخذ يقول خائف من وجع معدتي، كونها اعتادت على أكل المعلبات، لكن اليوم تتفاجأ اليوم باللحوم تدخل جوفها".

وتصف خضر لمة العائلة على طاولة الطعام بأنها كانت مفعمة بالمزاح والنكات عن وجود الدجاج على سفرة الطعام، بعد حرمان أكثر من عام.

انتعاشة جزئية

وعادت أسواق محافظتي غزة والشمال تتزين بالسلع والمنتجات الجديدة، رغم ضعف الحركة الشرائية، بسبب الظروف الاقتصادية التي يعانيها المواطنون، وفاقمتها حرب الإبادة بعد فقدان الآلاف منهم مصادر رزقهم.

الستيني أبو حسن سكر لم يتمكن دن شراء تلك الأصناف الجديدة من السلع والبضائع، كونه يعاني أوضاعًا اقتصادية صعبة جدًا، بعد تعطله عن العمل، بسبب الحرب.

يقول سكر لوكالة" صفا": "من يرى البضائع وهي تغزو الأسواق يطير قلبه فرحًا، لكن حين تغوص في عالم الشراء فإنك تدرك حقيقة أنك عاجز عن اقتنائها لغلائها الفاحش".

ويضيف "نحن في أمس الحاجة لوجود هذه السلع، خاصة بعد الحرمان منها، لكن لا يجب أن تكون بمثل هذه الأسعار التي تعتبر خيالية بالنسبة لي ولكثير من المواطنين العاطلين عن العمل".

ويأمل سكر انخفاض أسعار السلع أكثر خلال الفترة القادمة، كي يتمكن من شراء كل ما تحتاجه عائلته، بعد أن حرمت منها خلال فترة الحرب.

وأما المواطن محمد عليوة فيقول لوكالة "صفا": "لن أتوقع أن تكون أسعار السلع بهذا الارتفاع، بعد دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ".

ويضيف، "رغم حاجتي وعائلتي لهذه السلع التي لم نتذوقها خلال فترة الحرب، إلا أنني لا أستطيع جلب كل ما يطلبه صغاري، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر المال الكافي لدي لشرائها".

ويتمنى عليوة انخفاض أسعار تلك السلع، وأن تصبح في متناول الجميع، كي يتمكنوا من شرائها، في ظل الظروف الاقتصادية التي يعانون منها، نتيجة الحرب.

ظروف صعبة

المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر يرى أن دخول السلع والمواد الغذائية إلى أسواق شمالي القطاع مع وقف إطلاق النار أدى إلى حدوث انهيارات في الأسعار.

ويضيف في حديث لوكالة "صفا"، أن الكثير من السلع التي دخلت شمالي القطاع شهدت انخفاظًا ملحوظًا بالأسعار يتراوح ما بين 1000_ 2000%، وذلك بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والسماح بإدخال 600 شاحنة يوميًا.

وحول نسبة دخول البضائع، يقول: "أعتقد أن الوضع جيد، ويعتبر الأفضل منذ السابع من أكتوبر 2023، فخلال 7 أيام دخل إلى قطاع غزة أكثر من 3000 شاحنة مناصفة ما بين الشمال والجنوب، وهذه الكمية لم تكن تدخل شمالي القطاع خلال 15 شهرًا".

ويشير إلى أن القدرة الشرائية لا علاقة لها بدخول البضائع من عدمه، وإنما علاقتها بانخفاض أسعار السلع ومدى امتلاك المواطنين للسيولة والأموال.

ويبن أن القدرة الشرائية منخفضة جدًا، لكنها ربما ترتفع بعد انخفاض أسعار السلع التي يحتاجها المواطنون يشكل كبير.

ويوضح أن الأوضاع الصعبة وارتفاع نسبة البطالة ومعدلات الفقر واعتماد جميع أهالي القطاع على المساعدات جميعها مؤشرات تُدلل على أن الاقتصاد الفلسطيني بالقطاع يمر بمرحلة كارثية.

ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك