المعلم هو الأب، هو الملهم والموجه والمربي ، هو الرسول المبعوث بالعلم والموكل بالأخلاق والقيّم على المُثل، ويساعد المعلم الجيد على أن نصبح بشرًا صالحين في بلادهم، ومواطنين نافعين لأوطانهم، وأشخاصًا مؤثرين في محيطهم، وكيانات فاعلة في مجتمعاتهم.
في ظل إدراك المجتمع العالمي لقيمة وأهمية المعلم أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) اليوم العالمي للمعلم في الخامس من أكتوبر، لتكون احتفالية دولية كبرى تشارك فيها كل المؤسسات العلمية والتعليمية والثقافية بالعالم.
كما احتفل "جوجل" موقع البحث الأشهر عالمياً، بيوم المعلم العالمي "يوم المعلمين 2022"، حيث زين واجهته الرئيسية بالعديد من الأدوات المدرسية احتفالاً بهذه المناسبة، وتقديرا للدور المهم لهذه المهنة.
تاريخ يوم المعلمين
تحتفل عدد من دول العالم في الخامس من شهر أكتوبر من كل عام، بـيوم المعلم العالمي، وهو تقليد حديث ظهر مع تسعينيات القرن الماضي وتحديدًا عام 1994، احتفالًا بتوصية اليونسكو الموقعة عام 1966، والتي حددت المعايير الخاصة بتوظيف المعلمين وتدريبهم وتوفير بيئة عمل جيدة لهم.
ويعتبر يوم المعلم العالمي نافذة لبحث أوضاع المعلمين الحياتية، ونظرة مجتمعية للقضايا المتعلقة بهم، وأبرزها تمكين المعلمين وتبني اليونسكو إصدار توصيات تحت شعار الحق في التعليم، يعني الحق في مدرس مؤهل، وكذلك وضع العاملين في العملية التعليمية الجامعية.
ويهدف يوم المعلمين إلى التركيز على تقدير وتقييم وتحسين المعلمين في العالم، وإتاحة الفرصة للنظر في القضايا المتعلقة بالمعلمين والتدريس.
الاحتفال بيوم المعلمين
تتركز الاحتفالات باليوم العالمي للمعلم هذا العام 2022، على موضوع "التحول في التعليم يبدأ بالمعلمين"، وتمتد الفعاليات التي تقيمها اليونسكو خلال الفترة من 5- 7 أكتوبر.
وتفتح فعالية الاحتفال الرسمي السيدة ستيفانيا جيانيني، مساعدة المديرة العامة للتربية في اليونسكو، تليها بيانات من ممثلي الشركاء في المؤتمر: منظمة العمل الدولية (ILO) ، واليونيسيف ، ومنظمة التعليم الدولية (EI).
كما وسيشمل يوم المعلم العالمي 2022 في مقر اليونسكو، حفل تسليم جائزة اليونسكو - حمدان لتطوير المعلمين، وافتتاح معرض ابتكار المعلمين.
وتتضمن الاحتفالية كذلك العرض الأول لفيلم Être prof، بالإضافة إلى اشتمال الفعاليات حلقة نقاش على الإنترنت حول: "دور المعلمين في التعليم الأخضر: مبادرات من أجل التنمية المستدامة"، وعدد آخر من الحلقات عبر الانترنت بذات السياق.
وتختلف بعض الدول في طقوس الاحتفال بيوم المعلم العالمي، فتجد الهند تحتفل به في الخامس من سبتمبر من كل عام، كما تؤجل أستراليا والمناطق المحيطة بها احتفالية يوم المعلمين لنهاية أكتوبر.
اليونسكو تدعو لجعل التدريس كمهنة الاختيار الأول للشباب
في ظل هذه المناسبة وإدراكًا للأهمية الحاسمة لإعادة التأكيد على قيمة مهمة التدريس، تدعو اليونسكو الحكومات إلى جعل التدريس كمهنة الاختيار الأول للشباب قبل كل شيء، حيث يتم الاحتفال بعمل المعلمين المتفانين في جميع أنحاء العالم الذين يواصلون السعي كل يوم لضمان أن يصبح "التعليم الجيد الشامل والمنصف، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، حقيقة واقعة في كل ركن من أركان العالم.
وتؤكد اليونسكو على أن اليوم العالمي للمعلمين فرصة للاحتفال بالإنجازات والنظر في طرق كفيلة بمواجهة التحديات المتبقيّة، وذلك من أجل تعزيز مهنة التدريس.
أوضاع المعلمين في الدول العربية
وفي نظرة سريعة على أوضاع المعلمين في الدول العربية، نجد أنهم يمرون بظروف صعبة للغاية بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها بلدانهم.
ففي لبنان، أدى الانهيار المالي المستمر في البلاد منذ ثلاث سنوات، إلى أن يبدأ العام الدراسي وسط سلسلة من الإضرابات نظمها المعلمون بسبب انخفاض رواتبهم بشدة.
وفي حين قرر معلمو مرحلة التعليم الأساسي وقف إضرابهم والانتظام في الدراسة، لم يحدد معلمو المرحلة الثانوية موقفهم بعد بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم، كما استمر أساتذة الجامعات في إضرابهم لنفس السبب.
وتخشى إدارات المدارس من عدم تمكنها من تأمين الوقود اللازم للحفاظ على الإضاءة والتدفئة خلال فصل الشتاء.
وأدى تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان إلى خفض قيمة الليرة بشدة ما دفع حوالي ثمانين بالمئة من السكان إلى براثن الفقر وتسبب في نقص الخدمات الأساسية ومنها المياه والكهرباء.
وفي السودان، الوضع لا يختلف كثيرا عن نظيره في لبنان، فالمعلمون يواجهون ضغوطا كبيرة نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، ما تسبب في ترك بعضهم مهنة التدريس أو العمل في أكثر من مهنة للوفاء بالتزاماتهم الأسرية.
وكشفت لجنة المعلمين في السودان، أن البلاد تتأهب لإضراب شامل من المعلمين بسبب تدني الأجور وذلك مع بدء العام الدراسي الجديد.
وكان مئات المعلمين في السودان قد نظموا احتجاجات في الأشهر الأخيرة احتجاجا على تدني الأجور والمطالبة بتحسين أوضاعهم.
يأتي هذا في وقت يواجه السودان، أحد أفقر دول العالم، احتجاجات مستمرة منذ الانقلاب الذي قام به قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، العام الماضي ما أدى إلى حرمان السودان من بعض المساعدات الدولية.
وأشعلت الاضطرابات التي أعقبت الانقلاب احتجاجات شبه أسبوعية، ما أدى إلى تدهور حاد في الوضع الاقتصادي الذي كان يعاني بالأساس بعد سنوات من حكم الرئيس عمر البشير الذي أطيح به عام 2019 اتسمت بسوء الإدارة وصراعات داخلية.
أما في تونس، فقد تجمع حشد للمعلمين النواب ( المتعاقدين بشكل مؤقت مع وزارة التربية والتعليم) قرب مبنى الوزارة الأسبوع الماضي، للتعبير عن تمسكهم بحقهم في العمل بشكل دائم وتثبيتهم في ظل وجود أماكن شاغرة كما يقولون.
كما يطالب المعلمون الوزارة بالتوصل لتسوية نهائية لملفهم المستمر منذ سنوات وبإيجاد حل لقضية مستحقاتهم المادية إذ يشتكي البعض منهم من عدم الحصول على رواتبه لشهور طويلة.
ويخرج المعلمون النواب في تونس في احتجاجات مستمرة، خاصة مع بدء العام الدراسي، للتعبير عن غضبهم بسبب سوء أوضاعهم.
وفي المغرب، نفس المشكلة يعاني منها المعلمون، فقد نظمت "التنسيقية المغربية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" إضرابا نهاية الشهر الماضي احتجاجا على ما وصفته ب"المحاكمات الصورية" لعدد من أعضائها وللمطالبة بالحق في وظيفة عمومية.
وجددت التنسيقية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، رفضها "للنظام الأساسي الجديد لمهن التربية والتكوين"، وأكدت أن "معالم هذا النظام تنذر بالإجهاز التام على الوظيفة العمومية، باعتباره خارج نظامها، و لا يستجيب للمطلب الرئيسي للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والمتمثل في الإدماج في الوظيفة العمومية و إسقاط نظام التعاقد".
كما عبرت التنسيقية عن رفضها للاقتطاعات من الأجور واصفة إياها ب"السرقات من أجور الأساتذة الهزيلة، إضافة إلى الترسيبات في حق الأساتذة المتدربين".
قصيدة قم للمعلم وفهِ التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا للشاعر أحمد شوقي