غزة- مدلين خلة - صفا
في رحلة ربما تكون الأخيرة في حياتهم، ينزل صيادو غزة إلى البحر، بحثًا عن لقمة عيش تسد رمق أطفالهم، رغم المخاطر التي تُلاحقهم، بفعل الاستهداف والقصف الإسرائيلي.
ظروف كانت أقسى من ركوب البحر ومواجهة زوارق الاحتلال التي تتمركز في عرض بحر غزة تُطلق نيران رشاشتها وقذائفها تجاه شِباكٍ ربما تكون وفيرة الرزق، أو نُصبت حديثًا، لكن الهدف لها صيادٌ خاطر بحياته، من أجل لقمة عيش مغمسة بالدم.
وكغيره من القطاعات الحيوية الاقتصادية في قطاع غزة، فإن قطاع الصيد البحري تضرّر بشكل كبير، جراء حرب الإبادة المستمرة على القطاع منذ نحو 15 شهرًا.
وحسب وزارة الزراعة في غزة، فإن جيش الاحتلال قتل خلال حرب الإبادة 200 صياد، وتسبب بفقدان نحو 4 آلاف و600 طن من إجمالي كمية الإنتاج السمكي بقيمة 20 مليونًا و129 ألف دولار.
ودمر الاحتلال 270 غرفة للصيادين من أصل 300، و1800 مركب من أصل 2000، إلى جانب تدمير ميناء غزة الرئيس و5 مراسي بالكامل.
رحلة نجاة
"نحاول تأمين قوت أطفالنا، أي شبكة بتطلع وفيها سمك بتكون رزق يتم تقسيمه على عدد من الصيادين المشتركين في نفس القارب". يقول الصياد نائل الهسي لوكالة "صفا"
ويضيف الهسي "أعمل في مهنة الصيد منذ الصغر، ولم أواجه صعوبات كما اليوم، مجرد ركوبنا القوارب والإبحار لمسافة لا تتعدى 500 متر تبدأ زوارق الاحتلال بإطلاق رشاشاتها تجاهنا".
ويتابع "تتحول رحلة الصيد وجلب الرزق إلى رحلة نجاة من الموت، لأن الرصاص والقذائف تأتي من كل حدب وصوب، وعليك أن تنجو بروحك، وإلا أكلتك أمواج البحر ورمتك بعيدًا عن شاطئك".
ويشير إلى أن الصيد في وقت الحرب، يكون مسافة قليلة لا تشكل أي خطر على جيش الاحتلال، لكنه يتعمد استهدافنا في محاولة لتضييق سبل الحياة المعدومة.
ويردف الهسي "نعمل وسط مخاوف من أن يتم اعتقالنا أو إصابتنا، وهذه مخاطر نواجهها بمصير مجهول لا يعلمه إلا الله".
ويعاني صيادو قطاع غزة أوضاعًا معيشية صعبة للغاية، في ظل منع الاحتلال ولوجهم للبحر، منذ بدء الحرب، وتدمير مراكبهم ومعداتهم.
وبلغ عدد المتعطلين عن العمل من صيادي الأسماك في القطاع نحو 5 آلاف، بسبب الحرب.
عذاب وموت
ويعاني الصياد أحمد سعدالله، الذي فقد بعض من أقاربه خلال رحلة البحث عن لقمة العيش، في فلك البحر المجهول، هو الآخر "الأمرين"، بسبب عدم قدرته على توفير بعض الاحتياجات لعائلته، واستهداف الاحتلال مصدر رزقه.
يقول سعدالله لوكالة "صفا": "فقدت عددًا من أقاربي بعد إطلاق الزوارق الحربية الإسرائيلية نيرانها تجاه قارب كنا نعتليه، لكسب رزقنا وبيع ما نحصل عليه، وتقسيم المبلغ تساويًا بيننا، في محاولة لتوفير بعض احتياجات العائلة".
ويضيف "نجازف بأغلى ما نملك (أرواحنا)، في محاولة ربما تكون ناجحة ونستطيع الحصول على قليل من السمك، لكن في كثير من الأوقات نعود بخفي حُنين".
ويتابع "أصبح جلب السمك رحلة عذاب وموت، فإما أن تنجو بروحك، أو تموت ودمك يُغطي شِباكك التي فككتها وجهزتها برفقة صغارك".
وحسب مسؤول لجان الصيادين زكريا بكر، فإن انتهاكات الاحتلال بحق الصيادين توزعت خلال الأشهر الماضية، بين إطلاق النار والقذائف باتجاه المراكب المبحرة والراسية، إضافة لاعتقالات، ومصادرة مراكب وتدمير معدات الصيد.
وذكر بكر في تصريحات صحفية، أن متوسط الاعتقالات في كل شهر بمعدل 5 صيادين، وتوسط الاعتداءات من 30 – 40 اعتداءً، وأما متوسط الأضرار بلغت من 3 – 4 أضرار.
ر ش