يبدو أن "إسرائيل" وبالرغم من صدمتها من شباب الداخل الفلسطيني المحتل، والتي تجلت واضحة في أحداث هبة الكرامة وما تمخض عنها من نتائج وتبعات على الأرض، إلا أنها مصرة على المضي بمشاريع "الأسرلة".
يأتي ذلك رغم ثبات فشل مشاريع أسرلة الفلسطينيين في أراضي الـ48 المحتلة، والتي ضخت "إسرائيل" في سبيلها، ملايين الشواقل من الميزانيات.
وكُشف النقاب عن تشكيل اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يقوده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حركة تُدعى "عتيدنا"، تختلف عن تلك المعروفة بين "شبان التلال"، لتضاف إلى عشرات الحركات التي أنشأت بالداخل، بهدف حرف الشبان الفلسطينيين عن بوصلة وطنهم وهويتهم.
وجاء الكشف عن الحركة المذكورة بصحيفة "هآرتس" العبرية اليوم، بتفاصيل عن عملها، وصفته بـ"الهادئ"، أي أن عملها التفافي ويتسم بالخبث والسرية.
ويقف وراء الحركة الجديدة قيادات محسوبة على اليمين الإسرائيلي من "الدرجة الأولى"، وتدعو الحركة إلى "إحداث تغيير داخل المجتمع الفلسطيني في أراضي الـ48، ليقود إلى تشكيل تيار عربي يميني بينهم على المدى البعيد، كما تدعو للتجنيد في جيش الاحتلال، عبر وسائل عديدة".
ويقول الخبير بشئون الحركات الصهيونية والاستيطانية بأراضي الـ48 عامل الهزيل، لوكالة "صفا": "إن حركة عتيدنا الجديدة، هي تيار خبيث، سيتخذ من الإغراءات والامتيازات والمنح، سبيلًا للغلغلة بين الفلسطينيين".
ويضيف أنه بالرغم من أنها تضاف إلى سلسلة لا متناهية من الحركات والميليشيات التي أنشأت من أجل أسرلة الشباب في الداخل الفلسطيني، إلا أن هذه الحركة، تبدوا أكثر خطورة، كونها تطمح إلى إنشاء "قيادات عربية يهودية لدمج الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي".
وجاء في الحديث عن أهداف الحركة "أنها تريد الوصول إلى شركاء متساوي الحقوق في إسرائيل".
وحسب الهزيل، فإن الحركة تركز كسابقاتها، على الإغراءات التي منها: رحلات ودورات تعليمية مجانية، ومنح جامعية للطلاب، وغيرها من الامتيازات، التي قد لا يتفطن إليها بعض الشباب.
ووفقًا للصحيفة فإن الحديث يدور حول "عتيدنا" بأنه "ائتلاف وشراكة بين شخصيات من سلك التربية والتعليم، وقيادات عربية، بالشراكة مع شخصيات يهودية".
ومن الشخصيات التي تقف وراء تشكيل الحركة، شخصيات تربوية واجتماعية، وقيادات يهودية من المعسكر القومي الصهيوني في "إسرائيل".
وتزعم الصحيفة بأنه سيكون هناك تنسيق مع شخصيات في الوسط العربي بالداخل".
المؤسسون والدلالات
ومن أهم مؤسسي هذه الحركة ما يسمى بوزير المساواة الاجتماعية الإسرائيلي "عميحاي شكلي"، الذي عُرف سابقًا بمطالباته المتكررة بنقل سكان وادي عارة وكفرقاسم والطيبة وباقة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، ويعتبر احد اكثر المؤثرين في هذه الحركة".
كما يرأس الحركة "أرو ايشل" من مستوطنة "كفار ادوميم"، وهو الذي يدفع بمشاريع التأهيل ما قبل الخدمة العسكرية، وأحد الشخصيات المؤثرة جدًا داخل اليمين الإسرائيلي.
كما يندمج في تأسيس الحركة أحد القيادات الاستيطانية، ممن ينادون بتشجيع التلاميذ اليهود على اقتحام الحرم الإبراهيميّ في الخليل.
ويحذر الهزيل من وقوع قيادات في الوسط الفلسطيني بالداخل، بفخ الحركة الجديدة، معتبرًا أن هذه الحركة تحتاج "لحذر وتوعية على مستوى البلاد".
ويخص الهزيل حديثه، بالقول "إن ما يستدعي الشك اليقيني، هو أن المدير العام لهذه الحركة هو عاميت دري، أحد مؤسسي منظمة جنود الاحتياط الإسرائيليين".
إصرار رغم صدمة الهبة
كما تشارك في الحركة شخصيات أمريكية، وهو ما يشير إلى مدى عمق وخطورة أهداف الحركة تجاه المجتمع الفلسطيني بالداخل، والذي يعاني من تفكك نتيجة الجرائم المتفشية، بدعم المنظومة الأمنية الإسرائيلية، حسب الهزيل.
وأيضًا يجزم بأن "إسرائيل على ما يبدو، لم تتعظ من صدمة الشباب في الداخل والنقب، وعزوفهم عن حركاتها التي أنشأتها سابقًا، ضمن مشاريع الأسرلة".
ويكمل "هبة الكرامة أحدثت صدمة وطعنة بخاصرة هذه المشاريع، لكن يبدو أن إسرائيل لا تتراجع عن محاولات أسرلة هذا المجتمع، كوسيلة من وسائل طمس هويتهم وحرفهم عن الثوابت الوطنية، التي أثبتوا أنها متغلغلة في دمهم، خلال العامين الماضيين، وما شهدتهما من أحداث".