كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية عن بعض الوسائل التي تمارسها السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية للضغط على المقاومة في الضفة الغربية المحتلة؛ لإضعافها، وإبعاد الحاضنة الشعبية عنها.
وقالت الصحيفة إن السلطة تمارس ضغوطًا على المقاومة في مخيم بلاطة وطولكرم وجنين، عبر إثارة النعرات الحزبية، وتحييد الحاضنة الشعبية، بعد أن استخدمت "التسويات الأمنية" بحق مقاتلي "عرين الأسود" في نابلس.
ونقلت "الأخبار" عن مصدر مقرب من "العرين" قوله إن: "الأجهزة الأمنية وحركة فتح استغلّت الطبيعة العابرة للأحزاب التي جمعت مقاتلي العرين، الذين تجاوزوا عقدة العداء المفتعلة مع حركة حماس، واستغلّت أيضاً، الاحتضان الشعبي الواسع للظاهرة حتى من قِبَل عناصر حماس، وروّجت لمزاعم عن أن "حماس" تختبئ وراء "العرين" وحالات المقاومة، لتستعيد بناء عناصرها وقاعدتها العسكرية في الضفة، وتُكرّر سيناريو طرد السلطة وحركة فتح من غزة، في مدن الضفة".
وأضاف "وبهذه الطريقة استطاعت شقّ الصف الفتحاوي، بين مؤيّد لظاهرة العرين ومعادٍ لها، وجاء اعتقال القيادي مصعب اشتية في الثلث الأخير من شهر أيلول الماضي، وما رافقه من توتّر ومواجهات بين الأهالي والأجهزة الأمنية، ليُتمّ فصول الشرخ".
وأشار إلى أن "موقف الشهيد وديع الحوح- أحد أبرز قادة العرين- كان أخوياً ومتقدّماً ومتجاوزاً لكلّ الحواجز الحزبية، وكان الاحتضان الشعبي لموقف وديع ورفاقه نقطة ضاعفت من حرج الأجهزة الأمنية، ثمّ أفسح اغتياله في نهاية تشرين الأول من العام نفسه، الطريق لمزيد من الاختراق في حالة العرين".
وبين أنه "الاحتلال، ومعه الأجهزة الأمنية، استطاعوا صناعة الظروف الضاغطة على كلّ قيادي، لدفعه إلى الخيار الذي يكرهه؛ فمثلاً اعتُقل شقيق أحد المطاردين، وهو الرجل الوحيد في عائلته الذي يرعى ذويه، كذلك، لم يكن مصادفة أن يُقتل شقيق أحد المطاردين أيضاً في داخل سجون الأجهزة الأمنية، ثمّ مارست قيادات تلك الأجهزة وقيادات حركة فتح ضغوطاً نفسية على عائلات المطاردين، لإقناع أبنائهم بتسليم السلاح، والقبول بعروض التسوية، بدعوى أن الاحتلال سينفّذ عملية اغتيال وشيكة لهم".
وأكد أن "ما تركه العرين فكرة، عابرة للأشخاص، وكلّ الحسابات الإسرائيلية ترى أن تحييد بعض القيادات عن القيام بدورها، يعني نهاية الحالة، لكن الواقع أن فكرة المقاومة وكسر جمود الواقع السياسي، ومكافحة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، تَمدّدت من جنين أساسًا إلى نابلس، ومن البلدة القديمة إلى مخيم بلاطة الذي يتصدّر المشهد النابلسي حاليًا، ومن بلاطة إلى مناطق جديدة ستفاجئ العدو بلا شك".
وشدد المصدر على أن "الأفكار والقدوات العصيّة على الاجتثاث هي الدافع الذي ينقل في كلّ يوم، شابّاً مدنياً يعيش همومه الذاتية، إلى مقاوم يحمل السلاح، ويطمح إلى تنفيذ فعل فدائي مؤثر".
وأشار إلى أنه "حتى الشخصيات التي قبلت تحت ضغوط آنية بالتسويات، لا يبدو أن ثمّة تغيراً جذرياً طرأ على موقفها الوطني، هؤلاء يواصلون دورهم الملهم، وهم يعلمون أنهم لا يزالون عرضة للاغتيال أو الاعتقال من الإسرائيليين في أيّ لحظة".
حيرة في طولكرم وجنين
وذكرت الصحيفة أن ما صلح في نابلس لم يفلح في مناطق أخرى، إذ تمدّدت كتائب المقاومة على نحو أكثر شراسة، في جنين وطولكرم وأريحا.
وقالت: "هناك أيضًا، تُواصل الأجهزة الأمنية ممارسة الدور نفسه، لكن بأدوات ووسائل أخرى، أهمّها زرع الفتنة بين المكوّنَين الفتحاوي والجهادي، وافتعال الإشكاليات بين الأجهزة الأمنية وخلايا المقاومة، لدفع الفتحاويين إلى الاصطفاف مع واحد من الفريقَين، وصولًا إلى تعرية المقاومين وإفقادهم حاضنتهم الشعبية".
ونقلت الصحيفة عن مصدر في "كتيبة جنين" قوله إن: "الأجهزة الأمنية حاولت، ولا تزال، تغذية الخلافات الحزبية وافتعالها مع حركة فتح، بعدما عجزت تمامًا عن إقناع أيّ كادر بالقبول بالتسوية الأمنية، لكنها تدرك أيضاً أن الولاء الفتحاوي في المخيم منحاز إلى شخصيات بطولية، مِن مِثل زكريا الزبيدي ومروان البرغوثي".
وأكدت أن الفتحاويين في جنين "لا يرون في أبو مازن وقادة الأجهزة الأمنية أيّ رمزية يمكن أن يَدين لها بالولاء، ولذا، فإن مساعي السلطة تصطدم دائماً بالحالة الثورية النظيفة التي ترعاها أوساط عائلية وعشائرية، لم تلوّثها السلطة ولا سنوات الانقسام".
وأضاف المصدر "على خُطى جنين، تمضي الكتائب الفاعلة في طولكرم، حيث ثمّة ارتباط روحي بالمقاومة في جنين، تعود أصوله إلى أبعد من بدايات الانتفاضة".
وأكد أن "فرص تقويض الحالة المقاومة عبر السلطة، متعذّرة، ولا خطوط تواصل بين السلطة والكتائب المسلّحة، ولا سلطة تنظيمية ولا عشائرية عليها".