غزة - خاص صفا
يُنذر خطر التغير المناخي بكوارث تهدد دول البحر المتوسط؛ بطريقة لا رجعة فيها، حيث أن زيادة حرارة المياه إضافة للملوحة والحموضة بالبحر تخلّ بالنظام البيئي وتؤثر على أنواع الكائنات البحرية التي تعيش فيه.
ووفقًا للصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، فقد ظهر أكثر من ألف نوعٍ من الأسماك الغازية بالبحر المتوسط، وذلك نظرًا لطبيعة المياه التي أصبحت أكثر دفئًا، في الوقت التي اضطرت فيه أسماك أخرى للهجرة للبحث عن مياه أكثر اعتدالاً.
ويُحذر الصندوق العالمي للطبيعة من أن هذه المتغيرات ستكون لها مخاطر كبيرة على البيئة البحرية والصيد، وبالتالي على النظام الغذائي والصحي للإنسان.
مخاطرُ بدأت بالفعل على عمل الصيادين في فلسطين، سيما في قطاع غزة، حيث لا يسمح الاحتلال منذ ما يزيد عن (15 سنةً) للصيادين بالصيد إلا ضمن شريط بحري ضيق لا يتجاوز8 أميال بحرية.
تقلّص موسم "التشارين"
ويتحدث الصياد أشرف العامودي لـ"صفا" والذي يعتاش من مهنته منذ كان فتىً يافعًا، عن أثر هذا التغير الذي يلاحظه الصيادون في غزة منذ أعوام، خاصة في فترة "التشارين" –أكتوبر ونوفمبر- والتي تأتي بعد "الصليبة"- بداية أمطار الخريف- وبعدها.
ويقول العامودي: "في هذه الفترة (40-50 يومًا) يكون البحر "غلِّيني" -هادئ بلا أمواجٍ تقريبًا-، وهذه الفترة تعد موسمًا جيدًا للصيد في غزة"، لكنه يستدرِك أن هذه الفترة تقلصت بنسبة كبيرة لتصبح بضعة أيام، حتى أنه من الممكن أن تختفي في بعض الأعوام.
ويلفت إلى حدوث تغيرات في التيارات البحرية ودرجة حرارة المياه، بحيث أن ارتفاع درجة حرارة المياه شهري يوليو وأغسطس بدرجة أعلى وبشكل ملحوظ عن الأعوام السابقة يؤثر على مواسم الصيد المقبلة.
ويبين أن الصيادين لاحظوا فقدان وانقراض بعض الأنواع الجيدة من الأسماك من الشواطئ الغزية مثل سمك "المرمير" و"البوري المهاجر" و"القاروص أو الكرفوش"، حيث أن تواجدها في شباكهم أصبح حدثًا نادرًا.
بدوره، يقول مدير دائرة البيئة البحرية بوزارة الزراعة بغزة محمد أبو طير لوكالة "صفا"، إن التغير المناخي يؤثر بشكل كبير على تواجد الأسماك في البيئة البحرية بفعل أن الأسماك من ذوات "الدم البارد" ولا تستطيع التكيف مع التباين الشديد في درجات الحرارة فتلجأ للهجرة حمايةً لنفسها.
وينوّه أبو طير إلى أن درجة الحرارة عاملٌ مهم يتحكم في تواجد الأسماك وبقائها في هذه البيئة البحرية دون غيرها.
ويؤكد أنه ومن خلال الإحصائيات لكمية الصيد؛ تمت ملاحظة النقص الحاد في بعض الأنواع مثل "المرمير والصروص والدنيس" نتيجةً لاحترار مياه البحر.
ظهور الأسماك السامة
ويضيف: "بالمقابل ومع اختفاء أسماك وكائنات بحرية أخرى، ظهرت كائنات بحرية لم تكن موجودة من قبل أو كانت بكميات قليلة".
ويلفت إلى أن التغير المناخي سَمح بوجود ودخول بعض الأسماك السامة للبيئة البحرية في الشواطئ الغزية مثل "سمكة الأرنب المنقط" - سمكة تعيش في النطاق المداري الحار- والتي تسببت بوفاة عدد من المواطنين.
ووفق الصندوق العالمي للطبيعة، فإن هناك زيادة هائلة في عدد قناديل البحر في حوض البحر المتوسط، وذلك بسبب تكاثر هذه القناديل والذي كان يحدث خلال بضع سنوات، أما الآن فإنها تتكاثر سنويًا بأعداد أكبر، كما أصبحت تعيش لفترت أكبر نتيجة لارتفاع درجة حرارة مياه البحر مما شكل بيئة بحرية مناسبة لها ولتكاثرها حتى في موسم الشتاء.
وحول هذا الأمر، يقول الصياد العامودي: "تفاجأنا هذه العام بوجود قناديل البحر بكثافة، وبالتالي ارتفعت درجة حرارة مياه البحر وانقرض السمك وهاجر".
أ ك/أ ش