قال تقرير جديد للبنك الدولي، يوم الأحد، إن الاقتصاد الفلسطيني لم يعد بعدُ إلى مستويات ما قبل تفشِّي الجائحة على الرغم من وجود بعض المؤشرات على تعافيه.
وأشار التقرير إلى أن استمرار القيود على الحركة والعبور، والآثار طويلة الأمد لضائقة المالية العامة إلى جانب زيادة الأسعار تُسهم جميعاً في إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي.
ولفت إلى أنه "من المُتوقع أن يصل معدل النمو إلى 3.5% في عام 2022 انخفاضًا من 7.1% في 2021".
وأكد أن تسارع معدل التضخم يسهم في أكبر الضرر للأسر الفلسطينية الأكثر فقرًا، حيث يُتوقع أن ترتفع تكلفة بعض السلع الغذائية الأساسية ما يصل إلى 80% بنهاية العام.
جاء ذلك في تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الذي سيقدمه البنك الدولي إلى لجنة الارتباط الخاصة يوم 22 سبتمبر/أيلول 2022 في اجتماع يُعقد في نيويورك على مستوى السياسات بشأن المساعدات الإنمائية المُقدمة للشعب الفلسطيني.
ويبحثُ التقريرُ في الاتّجاهات العامّة الحالية للأوضاع الاقتصادية والمالية العامة في الأراضي الفلسطينية، ويُحلِّل الآثار المترتبة على الزيادات الحادة في أسعار المواد الغذائية التي تسارعت وتيرتها بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأدَّت الزيادة السريعة للتضخم إلى استمرار زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود التي تُشكِّل نسبة أكبر من نفقات الأسر الفقيرة.
وتعد الضفة الغربية وغزة ثاني أكبر مستورد للمواد الغذائية (من حيث النسبة) في المنطقة، كما تأتي نسبة كبيرة من واردات دقيق القمح وزيت عباد الشمس من أوكرانيا وروسيا.
وفي الفترة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2022، ارتفع مُكوِّن الأغذية في مؤشر أسعار المستهلكين الفلسطينيين بشدة إلى أعلى مستوى له في السنوات الست الماضية.
وانخفض عجز المالية العامة للسلطة الفلسطينية بنسبة 70% في النصف الأول من عام 2022 بالمقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
ويرجع هذا الانخفاض إلى زيادة قوية في الإيرادات والحفاظ على مستويات الإنفاق، إذ إن الزيادات في بنود مُعيَّنة للإنفاق قابلها هبوط شديد في الإنفاق على البرنامج الوطني للتحويلات النقدية بتكلفة اجتماعية كبيرة.
وتراكمت لدى السلطة الفلسطينية متأخرات كبيرة مستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية والموظفين العموميين، وعلى الرغم من التناقص التدريجي في مستوى الاقتراض المباشر للسلطة الفلسطينية من القطاع المصرفي المحلي، فإن السلطة الفلسطينية وموظفي القطاع العام مازالوا يستحوذون مجتمعين على ما يقرب من 40% من إجمالي ائتمانات القطاع المصرفي، وهو ما ينطوي على خطر زعزعة الاستقرار، وارتفعت أيضاً القروض المتعثرة والقروض المُصنَّفة منذ عام 2018.
ويرى التقرير أنه من الضروري إجراء إصلاحات فلسطينية في جانبي الإيرادات والنفقات من أجل الوصول إلى مسار أكثر استدامة للمالية العامة.
وأشار إلى أنه "ينبغي أن تستهدف إصلاحات الإنفاق فاتورة الأجور ونظام المعاشات التقاعدية للموظفين العموميين، والتحويلات غير المُوجَّهة".
وقال: "ومن الأولويات الرئيسية في هذا الصدد أيضاً تحسين إدارة الإحالات الطبية، وأنظمة الدعم غير المخطط للهيئات المحلية".
وأضاف "مما يبعث على التفاؤل أنَّ السلطة الفلسطينية أعادت في الآونة الأخيرة التأكيد على التزامها بإصلاح فاتورة الأجور".
وفي جانب الإيرادات، كان أداء السلطة الفلسطينية من حيث الإيرادات جيداً بالمقارنة مع بلدان هشة أخرى على المستوى نفسه من التنمية، ولكن لا يزال هنالك الكثير مما ينبغي عمله لاسيما أن السلطة الفلسطينية لا تُحصِّل سوى قدر ضئيل من الإيرادات من قطاع غزة بسبب الانقسام الداخلي، وفق التقرير.
وأكد التقرير ضرورة إجراء إصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية في الضفة الغربية لتشمل المهنيين من ذوي الأجور المرتفعة مثل الأطباء والمحامين والمهندسين، إلخ، وتقوية التشريعات لتفرض عقوبات في حالات عدم الالتزام بسداد الضرائب.
ولفت إلى أنه مع استمرار السلطة الفلسطينية في أجندتها الإصلاحية، سيكون استمرار المانحين في تقديم المساعدات للسلطة بشكل ثابت ويمكن التنبؤ به أمراً ذا أهمية بالغة من خلال عمليات دعم الموازنة.
وذكر أن السلطة الفلسطينية تواصل إحراز تقدم في تحسين إدارة المالية العامة، وقامت في الآونة الأخيرة أيضاً بتعزيز النظام الفلسطيني لمكافحة غسل الأموال ومحاربة "تمويل الإرهاب"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أنه "سيكون البناء على هذه الجهود جانباً مهماً من جوانب الشراكة مع المجتمع الدولي".
وقال إنه: "يجب أن تتضافر جهود السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي لدراسة أكثر الأشكال فعاليةً للمساعدات المباشرة للسكان الأشد فقراً والأكثر احتياجاً، بما في ذلك إحياء البرنامج الوطني الفلسطيني للتحويلات النقدية".
وأوضح التقرير أن "الإصلاحات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية تُعد ضرورية لكنها ليست كافية لوضع الأراضي الفلسطينية على مسار للتنمية المستدامة، كما يُعد تعاون الحكومة الإسرائيلية ضرورياً لتقليص القيود الاقتصادية والحد من تسرُّبات الموارد من المالية العامة والمساعدة في خلق حيز أكبر للإنفاق في المالية العامة من أجل توفير المساعدات الاجتماعية".
وأضاف "ومن شأن منح منشآت الأعمال الفلسطينية إمكانية الوصول إلى المنطقة (ج) أن يُعزِّز الاقتصاد الفلسطيني بمقدار الثلث وأن يزيد إيرادات السلطة الفلسطينية بنسبة 6% من إجمالي الناتج المحلي، ويُمكِن للحكومة الإسرائيلية أيضاً تحويل الإيرادات التي تحصلها من منشآت الأعمال العاملة في المنطقة (ج) ورسوم المرور عبر معبر جسر اللنبي وفقاً للاتفاق المؤقت لعام 1995، ويمكنها أيضاً خفض الرسم البالغ 3% الذي تتقاضاه عن مناولة الواردات الفلسطينية".