يعيش الأسير عاهد أبو غلمة مسؤول أسرى الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال ظروفا صعبة بعد تحويله للتحقيق في مركز "بيتح تكفا" وسط تعتيم إسرائيلي على أوضاع اعتقاله.
والأسير عاهد يوسف أبو غلمة ولد عام 1968 في قرية بيت فوريك قضاء نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، وهو المسؤول عن التخطيط لعملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي السابق رحبعام زئيفي عام 2001.
وأنهى أبو غلمة دراسته الثانوية في مدارس بيت فوريك، وأسس مع مجموعة من زملائه خلال دراسته اتحاد لجان الطلبة الثانويين في قريته عام 1982، ثم انضم لصفوف الجبهة الشعبية عام 1984.
وفي نهاية عام 1984 اعتقل على خلفية المشاركة بالمظاهرات والأعمال الاحتجاجية في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية، ومكث في سجن الفارعة قرب نابلس خمسة أشهر.
في عام 1986 التحق أبو غلمة بجامعة بيرزيت وتخصص في علم الاجتماع، إلا أن مسيرته التعليمية تعطلت وتقطعت لفترات طويلة بسبب الاعتقال المتكرر والملاحقة من قبل قوات الاحتلال.
نشاطه بانتفاضة الحجارة
ومع اندلاع الانتفاضة الأولى، كان أبو غلمة من السباقين في قيادتها، حيث عمل وساهم في تشكيل اللجان الشعبية والمجموعات الضاربة للجبهة الشعبية في منطقة نابلس وتعرض للملاحقة والاعتقال من قبل قوات الاحتلال.
اعتقل أبو غلمة في النصف الثاني من عام 1990، وبعد التحقيق معه حوّل إلى لاعتقال الاداري لمدة عام.
وبعد خروجه من السجن عاد والتحق بالجامعة وتولى مسؤولية عدد من اللجان في جبهة العمل الطلابي، حيث انتخب مرتين عضوا في الهيئة الادارية لجبهة العمل في جامعة بير زيت عامي 92 و93.
وفي منتصف عام 1994 بعد اعتقال مجموعة عسكرية للجبهة الشعبية، لوحق وطورد من قبل قوات الاحتلال وأمضى هذه الفترة متنقلا بين أريحا ورام الله حتى اعتقاله من قبل اجهزة السلطة عام 2002 في نابلس.
وأثناء ملاحقته من قبل سلطات الاحتلال استطاع أن يكمل دراسته الجامعية ويتزوج ويرزق بطفلين أثناء مطاردته.
وقد فرضت الإقامة الجبرية على زوجته من قبل سلطات الاحتلال أربع مرات متتالية لمدة ستة شهور لمنعها وأطفالها من زيارته في سجن أريحا.
وأثناء عمله في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير من سنة 1996 – 2001 شارك في العديد من النشاطات الداعمة للأسرى والمعتقلين ومتابعة إضراباتهم عن الطعام وخطواتهم الاحتجاجية التي كانوا يقومون بها.
كما مثّل الجبهة الشعبية في اللجنة الوطنية والإسلامية العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمعتقلين.
أما المواقع التي احتلها أبو غلمة خلال مسيرته النضالية في صفوف الجبهة الشعبية، فكانت عضو الهيئة المسؤولة لقيادة منطقة أريحا 1995، وعضو في قيادة منطقة رام الله من عام 1997 حتى اعتقاله من قبل السلطة عام 2002.
كذلك تقلد عضوية اللجنة المركزية العامة/ فرع الضفة الغربية من عام 1997 حتى الآن، وعضوية اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية من عام 2000 حتى الآن، وتقلد مسئولية فرع السجون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وبسبب انتمائه للجبهة الشعبية ومواقفه السياسية الجريئة، تعرض أبو غلمة للاعتقال على يد أجهزة السلطة الفلسطينية في الوقت الذي كان مطاردا لقوات الاحتلال، فاعتقل في يناير من عام 1996 لمدة أسبوع اعتقالا احترازيا على خلفية انتخابات المجلس التشريعي الأولى.
وكذلك تم اعتقاله في شهر ديسمبر عام 1996 لمدة خمسة أشهر وأطلق سراحه في مايو عام 1997، ثم اعتقل في شهر مايو من العام 2000 لمدة شهر بتهمة قيادة انتفاضة الأسرى ومحاولته تحويلها إلى ظاهرة عسكرية.
ومع تفجر انتفاضة الأقصى بتاريخ 29/9/2000 شارك أبو غلمة في قيادة الانتفاضة من خلال قيادته للجناح العسكري للجبهة الشعبية.
اغتيال زئيفي
اتهم أبو غلمة بالتخطيط وقيادة وتدريب المجموعة العسكرية التابعة للجناح العسكري للجبهة الشعبية التي نفذت حكم الإعدام بوزير السياحة الإسرائيلي السابق رحبعام زئيفي صاحب مبدأ الترانسفير (التهجير القسري) للشعب الفلسطيني من أرضه، رداً على قيام الاحتلال باغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.
وعلى إثر هذه العملية، قامت أجهزة السلطة عام 2002 باعتقاله واعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات وثلاثة من نشطاء الجبهة ووضعتهم في سجن أريحا المركزي، وتعرض أثناء الاعتقال للإصابة على يد اجهزة السلطة في مدينة نابلس.
وقد نقلوا إلى سجن أريحا إثر صفقة بين السلطة والاحتلال برعاية امريكية بريطانية، من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله إلى سجن أريحا تحت حراسة بريطانية أمريكية مقابل فك الحصار عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
الاختطاف والمحاكمة
وبتاريخ 13/3/2006 قامت قوات الاحتلال باقتحام سجن أريحا المركزي اثر انسحاب المراقبين الدوليين من داخله، وقامت باعتقاله هو والقائد أحمد سعدات والأسرى حمدي قرعان وباسل الأسمر ومجدي الريماوي بالإضافة للعميد فؤاد الشوبكي وعدد من المعتقلين السياسيين.
وفور اعتقاله، اقتادته قوات الاحتلال إلى سجن المسكوبية للتحقيق العسكري الذي استمر أكثر من شهرين، تعرض خلال هذه الفترة لجميع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي والتهديد باعتقال الزوجة وهدم المنزل، وتم خلال فترة التوقيف نقله إلى أغلب السجون لخلق حالة من عدم الاستقرار لديه.
وفي الأول من يناير 2008 وبعد عشرات الجلسات، حكمت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في القدس بالسجن المؤبد وخمس سنوات إضافية على أبو غلمة بعد إدانته بالمسؤولية عن الخلية التي اغتالت زئيفي.
وفي 14 يناير 2010 بدأت رحلة العذاب مع العزل الانفرادي للقائد في الشعبية، وضاعف من معاناته كثرة تنقلاته بين أقسام العزل في عدة سجون، فخلال عشرة شهور من ذلك التاريخ عمدت إدارة سجون الاحتلال إلى نقله أكثر من 23 مرة من عزل انفرادي إلى آخر ليستقر به المطاف حاليا في عزل سجن "الرملة" الذي نقل اليه من عزل سجن "أوهلي كيدار".
وفي يونيو 2022 انتُخب الأسير عاهد أبو غلمة مسؤولًا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سجون الاحتلال، وذلك في اختتام أعمال المؤتمر الخامس للجبهة الشعبية في السجون.