بعدما أتمت العائلة تجهيز طابق لسكن ابنها العريس طارق (28 عامًا) بمنزلها المقام منذ 20 عامًا، تفاجأ أهل البيت والضيوف بجرافات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المكان، معززة بعشرات العناصر من القوات الخاصة.
واختارت سلطات الاحتلال وقت هدم منزل الفلسطيني حسين جبارين بأم الفحم في الداخل المحتل بـ"عناية"، على الرغم من أنه "كان لديها متسع من الوقت سابقًا لهدمه"، لكنها فضّلت التنفيذ في "ليلة الحنة".
اعتداء وضرب وتكسير وحصار، هو ما تحولت إليه ساحة الزفاف، بعدما كانت تعج بالمباركين والأغاني المفرحة، قبل أن يحل المساء الذي كان الجميع بانتظاره لـ"سهرة الشباب".
كسر الفرحة
ويتحدث الستيني أبو ذر الغفاري جبارين لوكالة "صفا" عن تفاصيل ليلة زفاف ابن شقيقه، قائلًا: "هذا البيت مقام منذ مدة طويلة تزيد عن 20 سنة، ومن يومها تنازعنا إسرائيل عليه".
ويضيف "كان بيننا وبينهم محاكم، وبالطبع حكمت محكمة إسرائيلية لصالحهم".
وبالرغم من صدور حكم هدم المنزل، إلا أن مساعٍ كانت موجودة لمنع تنفيذه، لكن "الجنون الاحتلالي" في اقتلاع منازل الفلسطينيين بالداخل، قفز كعادته على تلك المساعي.
ويقول جبارين: "الحكم لم يكن قريبًا، لكن وقت التنفيذ ضاق بهم واختاروا يوم زفاف ابن أخي".
ويصف المشهد بقوله "فجأة جاءت الجرافات وحاصرت المكان، وحدثت مناوشات كبيرة واعتدوا على والد العريس وعلى ابني، وتم نقله للمستشفى بعد إصابته بكل أنحاء جسمه".
ومنذ إقرار قانون "كامينتس" العنصري من حكومة الاحتلال الإسرائيلي عام 2017، تتسارع عمليات هدم المباني السكنية والزراعية التابعة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.
ويستهدف "كامينتس" المنازل الفلسطينية في الداخل، ويسرّع هدمها، كما يقوّض صلاحيات المحاكم فيما يتعلق بتجميد أوامر الهدم.
"فرح وطني"
وبعد الاعتداء ووسط حالة من الصدمة والذهول "وعدم التصديق" أتت الجرافات على المنزل بكل ما فيه من تحضيرات وأحلام لعروسين، قضيا عامين وهما يجهزان لهذا اليوم.
ويقول عم العريس بصوت مرتجف "الشيء كان صدمة كبيرة لنا وحتى للناس حولنا، أن تتحول الفرحة برمشة عين إلى خراب ودمار واعتداء وهدم".
لكن إرادة الفلسطيني كانت حاضرة رغم المشهد المأساوي، فأبّى أهل أم الفحم إلا أن يكتمل الزفاف وأن يُزف طارق لعروسه رزان في نفس اليوم.
ويقول جبارين "بنفس شدة الألم، كان هناك إرادة وتضامن وتلاحم من الأهل وأهل أم الفحم وخارجها معنا، وصممنا على مواصلة الحياة وأكملنا العرس والحفل".
وتحوّل العرس إلى حفل وطني بأغاني وطنية تحيي في نفوس الناس الثوابت الوطنية والأغاني التراثية، بمشاركة واسعة من أهل المدينة و"الأحبة والمتضامنين من خارجها".
ويضيف جبارين "ردود فعل الناس، كانت جميلة جدًا وتفرج القلب رغم كل ما حدث، بل إنها شكلت تأثيرًا عكسيًا، ودافعًا للعريس ليفرح".
كما تم إقامة حفل زفاف متكامل للعروسين في إحدى صالات الأفراح بمدينة الناصرة.
أما عن طارق ورزان فقد وهبهما والد العروس شقة، تم زفافهما إليها، لتعوضهما عن شقة العمر التي فقداها، وإلى حين إعادة بنائها من جديد.
وتشير إحصائيات حديثة إلى أن أكثر من 50 ألف بيت في الداخل الفلسطيني المحتل مهددة بالهدم من سلطات الاحتلال، التي تواصل سياسة التضييق على الفلسطينيين في قضيتي الأرض والمسكن، اللتيْن أصبحتا جوهر الصراع بأراضي الـ48.