لم تكن عملية دينزكوف التي وقعت مساء الخميس، سوى امتداد لعمليات نفذتها المقاومة الفلسطينية في التسعينيات وحملت معها الموت الزؤام للمستوطنين وأربكت حسابات قادتهم.
وتعيد العملية مساء اليوم في شارع ديزنكوف الشهير في "تل أبيب"، الذاكرة إلى الوراء لعملية فدائية موجعة نفذتها كتائب الشهيد عز الدين القسام ثأرا لشهداء مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل يوم الجمعة 15 رمضان عام 1414 هـ/ الموافق لـ 25 فبراير 1994.
ففي تاريخ 19 أكتوبر 1994، فجَّر الاستشهادي القسامي صالح عبد الرحيم حسن صوّي (نزال) "26 عاماً" من قلقيلية نفسه داخل حافلة إسرائيلية في شارع ديزنكوف في قلب "تل أبيب" داخل الأراضي المحتلة عام 48، مما أسفر عن مصرع 23 مستوطنا وإصابة ما يزيد عن (47) آخرين.
وتعدّ هذه العملية الاستشهادية الثالثة في سلسلة عمليات ثأر بطولية جاءت رداً على مذبحة الحرم الإبراهيمي التي ارتقى فيها نحو 29 مصلياً وجرح 150 آخرين، وهي من أكثر العمليات الاستشهادية قوة وتأثيراً ونجاحاً.
هزَّ الانفجار الضخم "تل أبيب" وحول الحافلة إلى كومة من الحطام، وأسفر عن إلحاق خسائر مادية كبيرة في واجهات المحالّ والمنازل المجاورة لمكان الانفجار، إضافة إلى إحداث حالة من الإرباك وسط أركان أجهزة العدو الأمنية، وضجة واسعة في أوساط حكومة "إسحاق رابين" الذي قطع زيارته لبريطانيا فور سماعه الخبر، فيما قطع وزير جيش الاحتلال هو الآخر زيارة كان يقوم بها للولايات المتحدة آنذاك.
كما تعتبر هذه العملية الأخيرة للشهيد المهندس يحيى عياش أثناء إقامته في الضفة قبل توجهه إلى قطاع غزة برفقة الشهيد المهندس سعد الدين العرابيد، وقد نشرت كتائب القسام وصية مصورة للشهيد صالح صوي وهي أول وصية يظهر فيها استشهادي من كتائب القسام بالصوت والصورة.
وفي الرابع من شهر مارس آذار لعام 1996, فجر الاستشهادي رامز عبد القادر عبيد من "سرايا القدس" نفسه بين حشود المستوطنين في شارع ديزنكوف فقتل ثلاثة عشر وأصاب 120 آخرين بجروح.
وفي الأول من يناير عام 2016 نفذ الشهيد نشأت ملحم (29 عاما) عملية إطلاق نار في شارع "ديزنكوف" ما أدى إلى مقتل إسرائيليين وإصابة 8 آخرين قبل أن يتمكن من الانسحاب من موقع العملية.
واغتالت قوات الاحتلال الشهيد ملحم بعد اشتباك مسلح معه في الأراضي المحتلة عام 1948، وبعد مطاردة استمرت ثمانية أيام.
وشارع ديزنغوف هو أحد الشوارع الرئيسية في "تل أبيب" وتنتشر على جنباته عشرات المطاعم والحانات والمحلات التجارية، وسماه الاحتلال بهذا الاسم نسبة لـ"مائير ديزنغوف" أول رئيس لـ"بلدية تل أبيب".