web site counter

في غزة.. كثُر الموت فاختفت المآتم

خانيونس - خاص صفا

لم يعتب المواطن خالد بركة على أحد من أقاربه وأصحابه، في عدم مجيئهم لتقديم واجب العزاء باستشهاد نجليه، وهو في الفاجعتين المنفصلتين باستشهادهما، يعلم أن شدة وطأة حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" على غزة، شردت وأفقدت الجميع.

واختفت مآتم غزة مع كثرة الموت وارتقاء الشهداء على مدار الساعة طوال الـ463 من العدوان المتواصل على قطاع غزة.

"ومن من غزة ما فقد شيء"، يتساءل والد الشهيدين بحرقة على كثرة الأحزان التي تلم به وبغيره من الفاقدين لأبنائهم وذويهم.

وبالرغم من حاجة ذوي الشهداء للأحبة والأقارب لجبر خواطرهم بفقدانهم من ارتقوا، إلا أن النكبات التي ألمت بأهل غزة، أخفت معظم العادات الاجتماعية فسقط واجب العزاء عنهم.

كما اختفت بيوت العزاء مع اكتظاظ الأماكن بالشهداء وتشرد العائلات وانتشار المخيمات والنازحين، بالإضافة لعدم وجود أماكن تقام فيها المآتم، بسبب هدم الاحتلال لمعظم  الأحياء والمنازل.

وارتقى نجلي بركة في جريمتين إسرائيليين منفصلتين، كانت الأولى بارتقاء سليمان بقصف مسيرة إسرائيلية دراجته الهوائية أثناء عودته لمنزلهم في بلدة عبسان الجديدة شرقي محافظة خانيونس جنوبي قطاع قبل حوالي 9 أشهر، والثاني قبل نحو شهرين بقصف مركبة قريبة من مركبته أثناء عمله سائقًا.

الصدمة أنستهم العزاء

"صحيح أننا لم نعتب على أحد بسبب الحرب، لكن نشعر بأننا في حلم من لحظة استشهاد أبي"، تقول أماني القهوجي، موضحة أن صدمة الفقد لم تشعرهم بمن حولهم.

وتوضح القهوجي "25 عاما" أنه حينما استشهد والدها في يناير العام المنصرم، لم تكن العائلة مجتمعة في مكان واحد، بسبب النزوح.

وتضيف القهوجي "أبي من خيرة الناس وهو محبوب من الجميع الحمد لله، ولو أننا في بيتنا والناس في بيوتهم، لامتلاء بيتنا بالأحبة المواسين لنا، لكننا كنا نازحين بالمدارس".

"كان الله بعون الناس والكل مكروب، وأبي والشهداء ارتقى ودفن وتمت جنازته بغمضة عين".

واستشهد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة بأكتوبر عام 2023 المنصرم  ما يزيد عن 46 ألف مواطن، فيما وصل عدد المصابين إلى 109,378 ، كما أن 72% من الضحايا هم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة.

عزاء مع وقف التنفيذ

ومقابل من دفنوا أبناءهم وذويهم دون قدرة حبيب أو قريب للوصول إليهم ليواسيهم، لم يأخذ المئات واجب العزاء، ليس لغياب المعزيين، وإنما لأنهم لم يواروا جثامين أبنائهم الثرى.

فما يزال عشرات الآلاف من ذوي المفقودين لم يودعوا أبناءهم، إما لأنهم تحت أنقاض المباني التي قصفها الاحتلال، وعددهم يزيد عن 10 آلاف، أو لأنهم لا يعلمون مصير أبناءهم، منذ أن فقدوا آثارهم.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه أهل غزة انتهاء حرب الإبادة تختطف "إسرائيل" بقصفها المتواصل أرواح العشرات في كل ساعة تمرّ، فيما يراوغ قادة الاحتلال ويرفضون وقف العدوان، متخذين من دماء الأبرياء أداة لمكاسبهم السياسية.

وتواصل "إسرائيل" حربها، رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

ر ب

/ تعليق عبر الفيس بوك