بينما كان أهالي عشرات الأسرى المفرج عنهم في الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لصفقة "طوفان الأقصى"، يستقبلون أبناءهم بأجواء من الفرحة الغامرة في الضفة الغربية، كان آخرون يكتوون بنار الشوق لأبنائهم بعد إبعاد الاحتلال الإسرائيلي عددًا من الأسرى.
ومن بين الأسرى الذين أبعدهم الاحتلال قسرًا اليوم، الأسير زيد العامر من مدينة نابلس، والذي كان يفترض أن يُحرر إلى الضفة الغربية، وبينما كانت عائلته في انتظاره برام الله، هاتفهم قائلًا إن الاحتلال أبعده قسرًا إلى غزة.
ورغم إحباط قرار الاحتلال لذوي الأسير، إلا أنهم أكدوا فرحتهم بتحرره، وبأنهم سيلتقون فيه حيثما كان، عما قريب.
وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم السبت عن 200 أسير فلسطيني من سجن "عوفر"، ضمن الدفعة الثانية من الصفقة، مقابل 4 مجندات إسرائيليات.
وتضمنت القائمة 121 أسيرًا محكومًا بالسجن المؤبد، و79 أسيرًا بأحكام مختلفة، مع إبعاد 70 أسيرًا للخارج، مقابل إطلاق سراح 4 مجندات إسرائيليات أسيرات لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس" في غزة.
"إبعاد وتهديد ولكن"
الأسير زيد زياد جميل عامر من مدينة نابلس، والمحكوم بالمؤبدين و30 عاما، أبلغ أيضًا بالإبعاد قسراً، قبيل الإفراج عنه اليوم، بل هدده الاحتلال بإعادته إلى السجن لأي سبب كان، في إشارة لحالة السخط التي تنتاب إدارة السجون من فرحة الأسرى وتحررهم على يد المقاومة.
ويقول الأسير عامر الذي قضى 9 أعوام ونصف من محكوميته، لوكالة "صفا": "أبلغوني بالإبعاد قسرًا بعدما أخرجوني يوم الأربعاء من السجن، وتم مقابلتي من ضابط الشاباك، الذي هددني بالملاحقة، وسط تعامل وحشي، يعكس حقدهم وانعدام إنسانيتهم".
ورغم محاولات الاحتلال التنغيص على فرحة الأسير زياد، إلا أنه تمتع بعزيمة قوية، شاكرًا أهل غزة ومعتبرًا إياهم أهله، مشيدًا بدور المقاومة وفضلها في تحريره.
كما أبعد الاحتلال قسرًا الأسير الأردني المحكوم بالسجن 19 عامًا ثائر خلف إلى قطاع غزة، والذي خرج منتصرًا وممتنًا للشهيد يحيى السنوار الذي وعد بتحرير الأسرى قبل ارتقائه.
انتقام ومحاولة خلق أزمات
ويقول المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة لوكالة "صفا" إن ملف الإبعاد معقد وشائك، وهو مخالف لكل القوانين الدولية، موضحًا أن هذه ليست المرة الأولى التي يبعد فيها الاحتلال أسرى ضمن صفقات التبادل، "وهو يريد أن ينتقم من خلال هذا القرار القسري، من الأسرى بعدة أساليب".
ويبين أن الاحتلال يريد أن يعاقب الأسير بعد تحرره بسبب فرحته، ويريد تشتيت عائلته ومحاولة خلق مشاكل اجتماعية، من خلال حرمانه من مكان سكناه أو الوطن كاملًا.
ولكن ما يبحث عنه الاحتلال من الأهداف السابقة، لا يمكن أن يتحقق، لكون الشعب الفلسطيني وأسراه قادرون على تجاوز هذه الأزمات، وفق تقدير فروانة.
ويستشهد بالأسرى الذين تم إبعادهم في صفقة "وفاء الأحرار"، التي تم الإفراج بمقتضاها عن الجندي جلعاد شاليط مقابل أكثر من ألف و100 أسير، تم إبعاد عدد منهم.
وبحسبه، فإن الإبعاد انتقام بشكل أو بآخر من أسرى معينين، ولاسيما أسرى المؤبدات الذين شاركوا في عمليات أوجعت الاحتلال.
ويشدد فروانة على أنه ورغم قساوة اختيار الإبعاد، ورغم ما يعانيه الأسير وذويه، إلا أنه يبقى أهون ألف مرة من بقائه في السجن وعذاباته.