web site counter

الخليل القديمة.. جدران عتيقة تُصارع التهويد

الخليل - خاص صفا

تُعرَف مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بسوقها الكبير المكتظ، وباجتيازه نحو قلب المدينة يتلاشا الناس تدريجيًا إلى أن تصل البلدة القديمة، حيث ينعدم الناس باستثناء الصامدين من أهلها وبعض السياح.

وفي مقدمتها على يمين الضيف، مستوطنة يعلوها أعلام الاحتلال الإسرائيلي، وجندي متأهب على برج عسكري يحمل قناصة ضخمة، هناك تحديدًا يحرص الناس على الاجتياز سريعًا كي لا يكونوا هدفاً لتلك البندقية.

ويضع الاحتلال لافتات بالعبرية، تحمل أسماء الحواري والممرات الضيقة التي تقود في نهايتها إلى حاجز عسكري يفصل المسجد الإبراهيمي.

ورغم كل تلك الرموز الطارئة، ووحشة البلدة وخلوّها من الزائرين، تسمع جدرانها تحكي عن فلسطينيتها وتاريخها الضارب، ويأخذك صوتٌ يدعوك لدخول متجره بلهجة خليلية أصيلة، ويرحب بك وجه البلدة السّمح، الحاج زكريا دوفش بكلام رطب لطيف، وتشم رائحة لبن الكشك الخليلي تعم المكان، لتدرك انتصار تاريخ البلدة وتراثها على العبرنة ومحاولات التهويد.

وعند وصول المسجد الإبراهيمي، تمر عبر الحاجز بعد التفتيش والتدقيق في هويتك، يعود البعض أدراجه قسراً ويمر آخرين، وحول المسجد عدة حواجز تؤدي إلى المناطق المغلقة في مدينة الخليل، إذ لا يسمح إلا لساكنها بالعبور.

وتشل المناطق المغلقة ثمانية أحياء، هي: تل الرميدة، ووادي الحصين، وشارع الشهداء، ومحيط بركة السلطان، وحارة جابر، وحارة السلايمة، ومحيط المسجد الإبراهيمي وشارع الشهلة، يقطنها نحو خمسة آلاف فلسطيني.

تبهت الملامح الفلسطينية في الأحياء المذكورة، وتنتشر حواجز عسكرية عديدة يفصلها عن بعضها أمتار قليلة.

ولم تسلم حتى حاويات النفايات في حارة جابر، وتل الرميدة وشارع السهلة من التهويد، ففي مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي، أزالت سلطات الاحتلال الحاويات الخاصة ببلدية الخليل، واستبدلتها بحاويات إسرائيلية تحمل اسم مجلس المستوطنات.

وقالت نائب رئيس بلدية الخليل أسماء شرباتي في حديثٍ لوكالة "صفا"، إن الاحتلال يسعى إلى إحكام سيطرته على المناطق المغلقة بالخليل وتهويدها بكافة السبل والوسائل، مقابل تبديد الوجود الفلسطيني ومحاربة كل أشكال صموده.

وأضافت أن الاحتلال يتعدى على صلاحيات بلدية الخليل في المناطق المغلقة، ويعيق وصول طواقمها لمتابعة خدماتها المقدمة للمواطنين، وإصلاح الأعطاب ورصد التجزوات.

وأما الناشط عارف جابر فأفاد في حديثه لوكالة "صفا"، بأن التضييق يتصاعد في المناطق المغلقة منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، موضحًا أن الاحتلال حوّل المنطقة إلى سجن كبير بعزلها عن المدينة وتقطيعها بالحواجز التي تملأ زقاق الحارات وتطوّق المنازل.

وبيّن جابر "أن الأهالي يتعرضون لسوء المعاملة والإهانة عند عبور الحواجز، من تفتيش واحتجاز، فضلًا عن سرقة أموالهم وهواتفهم من قبل الجنود".

وتابع "بينما يتجول المستوطنون ويلهوا أطفالهم في أحيائنا وشوارعنا، يلتزم الفلسطينيون منازلهم ويغلقون نوافذهم ويحيطونها بأسلاكٍ شائكة خشية اعتداءات جنود الاحتلال ومستوطنيه".

وأضاف أن التضييق في تصاعد منذ السابع من أكتوبر الماضي، مشيرًا إلى ارتفاع عدد نقاط التفتيش والحواجز إلى نحو 40 حاجزًا، إلى جانب مضاعفة أعداد كاميرات المراقبة التي ترصد المواطنين داخل منازلهم.

وبيّن أن الاحتلال يحارب كل ملامح الحياة في المنطقة، إذ أغلق نحو 60 منشأة اقتصادية تمثل مصدر رزق للعائلات الصامدة في الأحياء المغلقة.

ووفق اتفاقية الخليل المبرمة مع السلطة الفلسطينية عام 1997، قسّمت مدينة الخليل إلى منطقتين، H1 وتخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة، و H2 تخضع لسيطرة الاحتلال الأمنية، وتقدر مساحتها نحو 20% من مساحة الخليل وتشمل البلدة القديمة والمناطق المغلقة والمسجد الإبراهيمي.

س ز

/ تعليق عبر الفيس بوك