خيام رفح ليست للنزوح فقط.. بل لنيْل الماجستير أيضًا

رفح - خــاص صفا

بِذات التوتر المعهود الذي يشعر به طلبة الدراسات العليا قبيل دقائق من نيل درجاتهم، يُشاطر الباحث تامر أبو موسى ذلك الإحساس من هم في المؤسسات الأكاديمية، لكن هذه المرة من خيمة.

تلك الخيام الصغيرة التي ما زال يقضي فيها مئات الآلاف من النازحين في قطاع غزة أشهر نزوحهم؛ حوّلها ابن مدينة رفح إلى مكانٍ لمناقشة رسالته العلمية العليا.

ففي مخيم "فلسطين" للنازحين بحيّ الجنينة وسط المدينة التي فاق عدد سكانها المليون جرّاء النزوح القسري؛ أقام تامر (41 عامًا) خيمةً مؤقتةً ليستضيف بها مناقشيه الذين سيقررون منحه درجة الماجستير في الإرشاد التربوي.

وانطلاقًا من الأمانة العلمية؛ لم تشفع ظروف العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ أكثر من 30 أسبوعًا لدى تامر لنيل الدرجة العلمية بسهولة؛ فقد كانت الخيمة الصغيرة مُفعمةً بالملاحظات والانتقادات والإرشادات لرسالته التي فاقت الـ160 صفحة، من لجنة المناقشة التي قررت في نهايتها منحه الإجازة العليا المأمولة.

الرسالة التي حملت عنوان: "المناعة النفسية كمتغيّر وسيط بين الضغوط النفسية والدافعية للإنجاز لدى المرشدين التربويين بالمحافظات الجنوبية في فلسطين"، لجامعة الأزهر بغزة، كانت دافعًا هي الأخرى لأن ينال تامر إجازته من الخيمة التي يحيط بها 64 خيمة نزوحٍ أخرى في المخيم بالحيّ.

وجامعة الأزهر في غزة كغيرها من مئات المؤسسات الأكاديمية الأخرى تعرضت إلى دمارٍ هائل خلال العدوان، فيما لجأ نازحو غزة إليها وأقاموا خيامهم في ساحاتها وقاعاتها.

ويقول تامر لمراسل "صفا" الذي سيستعد كذلك لنيل إجازة الدكتوراه في الإرشاد التربوي، إنه سعيدٌ بنيل "الماجستير" من الخيمة.

ويُضيف تامر، الأب لأربعة أبناء، أن مشروعه الصغير رسالةٌ قوية أنه وأبناء المدارس والجامعات صامدون في أرضهم ولن تمنعهم المجازر من إكمال تعليمهم.

ويستذكر الباحث العشرات من الأسرى والمُبعدين الذين سبقوه في نيل درجاتهم العلمية، قائلاً: "إننا شعبٌ يعشق العلم ولو كان وراء القضبان أو حتى في مخيمات النزوح والإبعاد، كما حدث في مخيم مرج الزهور جنوبي لبنان".

من ناحيته، قال المحاضر الجامعي ومناقش الرسالة عماد الكحلوت إن انقطاع العملية التعليمية وتدمير الجامعات لن يعني توقفها التام، مشيرًا إلى أن العديد من المبادرات شهدت تعليمًا للأطفال في الخيام.

في ركن مخيم "فلسطين"، الذي يضم 400 شخص تقريبًا، كان يقف رئيس مجلس إدارته خالد النجار الذي قال إنه في غاية السعادة كون مخيمه يهب الدرجات العلمية العليا؛ "فهو شعورٌ يدعوك للفرحة، ويمكن أن أُحدّث به الجميع بكل فخر".

ولم تغِب العواطف عن أجواء خيمة النقاش، فقد كان صلاح- والد الباحث- يدعو ساكني المخيم إلى الاقتراب أكثر لمشاركته فرحة نجله.

ويقول الأب المِضياف (68 عامًا) الذي كان يوزِع التمر: "خيامنا هذه رسالة تحدٍّ للاحتلال أنه مهما بلغت التحديات والمجازر فإننا لن نبرح أرضنا وسنزداد علمًا وتحديًا".

أما صديق تامر المفضّل عبد الهادي أبو عمرة، فيقول إن تامر بالأمس كان حاضرًا في قاعة جامعتهما حين نال هو درجته العلمية، واليوم يردُّ عبد الهادي جميل صديقه.

ويضيف لمراسل "صفا" أن رسالة العلم تمرّ بالكثير من العقبات والظروف الاستثنائية، ولكنها تنتهي بحصاد النجاح.

وضمت لجنة المناقشة كلاً من أسامة حمدونة (مشرفًا ورئيسًا) ومحمد عليان (مناقشًا داخليًا) وكلاهما من كلية التربية بجامعة الأزهر، وعماد الكحلوت (مناقشًا خارجيًا).

وشهدت خيام النزوح في القطاع العديد من الحالات الاستثنائية كحفلات الخطوبة وعقد القران والطلاق وإقامة المشاريع الربحية.

1_IMG-20240505-WA0143_watermark_الأحد_05052024_191626.jpg

0_IMG-20240505-WA0144_watermark_الأحد_05052024_191626.jpg

3_IMG-20240505-WA0141_watermark_الأحد_05052024_191626.jpg

أ ج/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة