بسبب غزة.. "انقلاب" على "إسرائيل" في الجامعات الأمريكية

واشنطن - خــاص صفا

"كانت الجامعات الأمريكية قديما مكانا لغسل أدمغة الطلبة وصناع المستقبل، والآن فقدت إداراتها السيطرة وتحولت ساحات معارك لمحاربة الصهيونية"، هكذا تختصر الناشطة آية حجازي حال الجامعات الأمريكية في تفاعلها مع القضية الفلسطينية قديما وحديثا.

وتستعرض حجازي، في أحد منشوراتها على منصة إكس (تويتر سابقا) بعض المواقف التي عايشتها خلال دراستها وعملها منذ أعوام في جامعات أمريكية عدة، في وقت كانت الساحة الفلسطينية تشهد تصاعدا للأحداث على صعيد صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي.

تقول حجازي، حينما كانت في جامعة جورج مايسون بتخصص تحليل وحل النزاعات الدولية، إن حرب عام 2008 التي شنها الاحتلال على غزة كانت في أوجها، "والنزاع في صلب تخصصي، بل يعتبر هو التخصص".

"رغم ذلك لم أسمع ولو مرة واحدة كلمة غزة أو فلسطين في أي من المحاضرات" تكمل حجازي مشيرة إلى أنها حين وصفت حال الفلسطينيين والمصابين في تلك الحرب لمحيطها "كان رد فعلهم كأنهم رأوا عفريتا، ولم يعلقوا بشيء".

وتتحدث حجازي حول الإنجاز والنقلة النوعية قائلة إن "فلسطين صارت هي الحدث والموضوع داخل الجامعة، وأصبح الناس يهاجمون حل الدولتين الوهمي والصهيونية ومشروع إسرائيل دون أي خوف".

تواصل الاحتجاج

ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، تتفاعل عديد الجامعات المرموقة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية مع الأحداث.

وتنظم الحراكات الطلابية باستمرار المظاهرات والاحتجاجات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على القطاع، والمعبرة عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع حرب عرفها التاريخ المعاصر.

ومنذ أيام، يعتصم ويحتج مئات الطلاب في بعض أعرق وأشهر الجامعات الأمريكية امتدادًا من الساحل الشرقي للبلاد مرورًا بجامعات النخبة في الولايات الداخلية وصولًا إلى الساحل الغربي في ولاية كالفورنيا.

ومن الجامعات التي تشهد تفاعلا جامعة كولومبيا بنيويورك، معهد ماسشوستس للتكنولوجيا في بوسطن، جامعة كاليفورنيا التي نصب طلابها خياما للتضامن مع المتظاهرين في الجامعات الأخرى، جامعة كال بولي في هومبولدت، جامعة مينيسوتا في سانت بول، جامعة ميشيغان وجامعة هارفرد

ويرفع المتظاهرون في مختلف الجامعات شعارات منددة بالمجازر التي يرتكبها الاحتلال، "فلسطين حرة"، "أوقفوا حرب الإبادة"، وغيرها من المطالب التي يسعون لتحقيقها.

وبعد أشهر من الاحتجاجات المتواصلة، بدأت التوترات تتصاعد، خاصة بعد إقدام السلطات الأمريكية على اعتقال أكثر من 100 متظاهر ممن نصبوا معسكر تضامن، الخميس الماضي، في جامعة كولومبيا، حيث طالبت رئيسة الجامعة الحرس الوطني التدخل لفك الاعتصام.

مطالب المتضامنين

وتعبر الصحفية ديما الخطيب، بعد زيارتها لاعتصام الطلبة من أجل العدالة في فلسطين في جامعة تافتس في بوسطن، عن ذهولها من مشاركة الشباب، اليهود والمسلمين والمسيحيين.

وتضيف أن "المعتصمين يخاطرون بخسارة دراستهم ولا يهابون السلطات الأمريكية"، وفق منشورها على منصة إكس.

وحول مطالب المعتصمين، توضح الخطيب أنهم مصممون على تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة، ورفع الحصار عنها، ووقف المساعدات الأمريكية لـ"إسرائيل"، ومقاطعة الجامعات لكل الشركات ذات الارتباط بالاحتلال والمستوطنات، ووقف برامج التبادل مع جامعات الاحتلال وأن يصدر رئيس الجامعة بيانا يطالب فيه بوقف الإبادة الجماعية.

انعكاس لتطور الوعي الغربي

من جهتها، تقول الكاتبة والمحللة السياسية لمى خاطر إن الاحتجاجات المتصاعدة في الجامعات الأمريكية تعكس تطورا في الوعي العام الغربي وتفاعله مع القضية الفلسطينية، خاصة أن من يقوم بها جيل الشباب.

وتشير خاطر، في حديثها لوكالة "صفا"، إلى أن هذه الحالة التي بات يشارك فيها الأمريكيون أنفسهم ومن مختلف الديانات، وليس فقط العرب والمسلمين، جعلت سردية الاحتلال تتهاوى وتتهتك في الغرب.

وتضيف خاطر أنه "ولى الزمن الذي كان الاحتلال يستفرد بسرديته الكاذبة التي كان ينجح في تسويقها للمجتمعات الغربية ودوائر صنع القرار فيها".

وتلفت خاطر إلى المفارقة في أن أمريكا هي أكثر الدول الداعمة للاحتلال، وهي التي تشهد أيضا أضخم الاحتجاجات الطلابية والشعبية ضده.

وتؤكد خاطر أن "استمرار الاحتجاجات سيعني تلقائيا أن غزة وحرب الإبادة التي تشن عليها ستلقي بظلالها حتما على الانتخابات التي ستجري العام، وهذا تطور مهم".

وتشرح الكاتبة لـ"صفا": "لأن الاحتلال أو الحكومات الغربية التي لا تجد مناصا من دعمه مطمئنة أنها تستمر بالدعم رغم المجازر وهو مطمئن أنه مهما أوغل في جرائمه لن يؤثر على الدعم الذي يحصل عليه".

وتستدرك خاطر بالقول إن "مواصلة الحالة تعني أن الكثير من الكيانات السياسية الغربية، وليست فقط أمريكا، ستكون في مواجهة مع شعوبها".

وتكمل "هذا سيعني إدراك المجتمعات الغربية أن كيان الاحتلال عبء سياسي واقتصادي وحتى أخلاقي عليهم كمجتمعات ونظم سياسية".

وتختم بأن "هذا تطور مهم لم يكن يحصل لولا معركة طوفان الأقصى ولعله من أهم نتائجها على صعيد التغير الكاسح في الوعي الغربي، أي تفكك رواية الاحتلال التي كانت تستأثر بالمجال الإعلامي الشعبي الغربي".

الاحتلال يتخوف

من جانبهم، فإن تصريحات قادة في الاحتلال تظهر انزعاجهم وتخوفهم من استمرار الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية.

ويقول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن ما يحدث في الجامعات الأمريكية مروّع ويشبه ما حدث بـ"ألمانيا النازية".

من جهته، دعا وزير جيش الاحتلال يوآف غالنت لوقف المظاهرات قائلا إنها "ليست معادية للسامية فحسب، بل تحريض على الإرهاب".

أما وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير فطالب بإقامة مجموعات مسلحة لحماية الجاليات اليهودية، داعيا السلطات الأمريكية للتحرك لتحقيق ذلك.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة