"انتفاضتهم قادمة لا محال"

بين هبتي "النفق" و"القدس والأقصى".. الهجمة تشتد وفلسطينيو الداخل "رأس الحربة"

الداخل المحتل - خاص صفا

مرّ ما يزيد عن ربع قرن على أهم هبتين، كان لفلسطينيي أراضي الـ48، الصدارة والقيادة في شرارتهما، ولجم خطوات إسرائيلية وقحة، تجاه المسجد الأقصى، وطوال هذه السنوات، لم يتراجع دورهم، كرأس حربة في الدفاع عنه، قيد أنملة.

وبالرغم من مشاريع الأسرلة، وإجراءات القمع والترهيب والاعتقالات والإبعاد، بالإضافة لاستهداف رحلات شد الرحال إليه، إلا أن "إسرائيل" لم تنجح في إضعاف دور الفلسطينيين بالداخل، تجاه المسجد الأقصى، بل إنها تفاجأت بأن "عقوباتها عليهم زادتهم تعلقًا به".

وشكّل فلسطينيو الداخل خط الدفاع الأول في "هبة النفق" التي اندلعت في الـ 25 من شهر سبتمبر عام 1996، إثر افتتاح رئيس بلدية الاحتلال بالقدس آنذاك إيهود أولمرت، بإيعاز من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يُعرف بالنفق الغربي أسفل المسجد الأقصى.

وتسبب افتتاح النفق، بغضب وثورة، سيما وأنها المرة الأولى التي يعلن فيها الاحتلال عن وجود أنفاق تحت المسجد، رغم نفيه لكل ما كانت تكشف عنه الحركة الإسلامية بالداخل المحتل، من وجود هذه الأنفاق.

واندلعت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، انطلقت حينها من القدس والأقصى وتوسّعت شمال فلسطين وجنوبها، وارتقى خلالها عشرات الشهداء، وأصيب المئات.

وعقب الهبة لاحقت "إسرائيل" بكل أطرها وأذرعها الأمنية، الحركة الإسلامية في الداخل، وعشرات الشبان الذين هبّوا وشدوا الرحال للمسجد، للمشاركة بالهبة.

وتوافق هذه الأيام التي يتعرض فيها الأقصى لهجمة إسرائيلية غير مسبوقة، أيضًا ذكرى هبة القدس والأقصى التي اندلعت عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "أرئيل شارون" للمسجد الأقصى، مما أدى لاندلاع انتفاضة عارمة، بكافة أرجاء الداخل المحتل، ارتقى فيها 13 شهيدًا، وأصيب العشرات.

دورهم بالهبتين

ويؤكد سياسيون وقيادات في الداخل المحتل، أن "فلسطينيي الداخل كانوا رأس الحربة في الهبتين، واستكملوا دورهم النضالي، بالرغم من كل محاولات إسرائيل، إبعادهم عن قضيتي القدس والأقصى".

ويقول نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل الشيخ كمال الخطيب لوكالة "صفا": "إن فلسطينيو الداخل هم أول من كشفوا عن أنفاق الاحتلال تحت الأقصى، عبر الحركة الإسلامية، وكانوا أول من غضب وثار فيها".

ويضيف "بعد هبة افتتاح النفق، أطلقت الحركة الإسلامية في الداخل، مهرجان الأقصى في خطر في الثامن من أكتوبر عام 1996، والكل يعلم تأثير هذا المهرجان، الذي قاده الشيخ رائد صلاح، على الحشد لإنقاذ الأقصى".

ويشير إلى أن الدور لم يتوقف، فتم إطلاق مشاريع إعمار المصلى المرواني، والمصلى القديم وترميمه، وتكثيف التواجد لفلسطينيي الداخل فيه، إلى أن جاء اقتحام "شارون" للمسجد عام 2000، الذي أدى لاندلاع انتفاضة الأقصى الثانية".

ويكمل "وكان بالطبع لأبناء الداخل الدور الأبرز في هذه الانتفاضة، عبر هبة القدس والأقصى التي ارتقى فيها 13 منهم، في إشارة واحدة إلى وحدة الموقف الفلسطيني والتحام أهل الداخل مع الأقصى".

ثمن المشاركة بهما

وكان دور فلسطيني الداخل في هبة القدس والأقصى، سببًا في معاقبة "إسرائيل" لهم، عبر المشروع الأسود، الذي من خلاله نشرت سياسة امتلاك السلاح ونشر الجريمة، بعد عام 2000، والذي نرى نتائجه اليوم على كل فلسطيني بأراضي 48، يقول الخطيب.

ولكنه يشدد على أن كل هذه العقوبات وشلال الدم الذي تقف ورائه المنظومة الإسرائيلية، لن يحول دون ترددهم وشد رحالهم ورباطهم في المسجد الأقصى، مستشهدًا بهبة "الكرامة" التي اندلعت في مايو العام قبل المنصرم، دفاعًا عنه.

وكما يقول "هذه الهبة هي امتداد لدور الفلسطينيين وتأكيدًا على أنهم لم ولن يفرطوا في هذا الشرف العظيم، بأن يكونوا رأس الحربة في الدفاع عن الأقصى".

شعورهم بالمسئولية دون غيرهم

من جانبه، يقول المختص بالشأن السياسي في الداخل سهيل كيوان لوكالة "صفا": "إن حافلات شد الرحال من الداخل إلى الأقصى، هي الترجمة لاستمرار دورهم، الذي أبلوه في هبتي النفق والقدس والأقصى".

ويضيف "نحن نتحدث عن عشرات الحافلات التي يتم تمويلها بصدقة جارية من الأهالي أنفسهم، وهذا يحدث أسبوعيًا، ويريد منه الفلسطينيون أولًا أن يكون هناك وجود أكثر للمسلمين في المسجد، وداخل الأسواق القديمة للقدس، لدعم أهلها وأصحاب المتاجر فيها، ولو بالبسيط".

كما يعي الفلسطينيون في الداخل ضرورة أن يكون تواجدهم دائمًا، لـ"للحفاظ على الحيز العام بأن يكون عربيًا إسلاميًا، وهذا يلزمهم من ناحية دينية وأخلاقية وإنسانية، بأن يكونوا شركاء ومسئولون أكثر من غيرهم، تجاه الأقصى".

وحسب كيوان، فإن هذه المسئولية في قلب كل فلسطيني بالداخل، تأتي أيضًا لأنهم الوحيدون الذين يستطيعون الوصول إلى الأقصى، في ظل اجراءات الاحتلال التي تمنع أهل الضفة وغزة من ذلك.

ويرى أن التطرف المتصاعد والهجمة على المسجد، والتي أصبحت منهجًا إسرائيليًا، يراد من خلاله تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، سيفضي إلى التصعيد والمواجهة حتميًا، والدليل ما حدث بهبة الكرامة القريبة.

وصعدت "إسرائيل" خلال الأيام الماضية من هجمتها تجاه المسجد الأقصى خلال الأعياد اليهودية المزعومة، خاصة "عيد الغفران" وعيد "العرش" من قبله.

انتفاضة قادمة لا محال

ويحذر كيوان من أن هذا التطرف كلما يزداد، كلما زاد برميل البارود ضغطًا، سيؤدي إلى انفجاره بأي لحظة.

ويوافقه الرأي القيادي في النقب عن الحركة الإسلامية يوسف أبو جامع، الذي يقول لوكالة "صفا": "إن فلسطيني الداخل لم يقفوا لوم يستكينوا لما حدث للأقصى بهبتي النفق والقدس والأقصى".

ويضيف "لفلسطينيي الداخل دور مبارك تجاه الأقصى والرباط فيه، والحفاظ عليه، عبر سنين، وهذا بفضل الوعي الذي انتشر داخل أراضي الـ48، والذي قادته الحركة الإسلامية بالداخل لسنوات".

ويشدد على أن "ألأقصى ما يزال بالنسبة لفلسطينيي الداخل عقيدة وسيبقى دورهم رياديًا، لأنهم يعدون خط الدفاع الأول له، كونهم يتميزون بشرف المقدرة على الوصول إليه".

ولذلك يستقرب أبو جامع انتفاضة في الداخل، تجاه ما يتعرض له الأقصى من هجمة، قائلًا "الفلسطينيون بأراضي 48 لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وهذا ما أثبته التاريخ والواقع، وسيثبته المستقبل".

ر ب/م ت

/ تعليق عبر الفيس بوك