رغم تكرار اعتداءات المستوطنين على أرضها، تصر المزارعة الخمسينية رحاب دويكات على إصلاح ما خربه المستوطنون وإعادة زراعتها من جديد، رافضة الاستسلام لليأس والإحباط.
وتملك المزارعة دويكات (54 عاما) وزوجها قطعة أرض مساحتها 8 دونمات في قرية روجيب شرق نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وهي قريبة من مستوطنة "ايتمار"، ما جعلها عرضة لاعتداءات المستوطنين المتكررة.
ومنذ العام 2017 شرعت دويكات باستصلاح أرضها مستفيدة من خبرتها التي اكتسبتها من خلال التطوع في جمعية الإغاثة الزراعية، وزرعتها بأشجار الزيتون والعديد من أصناف الخضار.
وحصلت دويكات على دعم من الإغاثة الزراعية التي زودتها بأشتال الزيتون من خلال حنان الدبواني وهي مغتربة فلسطينية في الولايات المتحدة، واشترت هي من مالها الخاص 50 شجرة كبيرة ليصل مجموع الأشجار في أرضهم إلى 250 شجرة.
وبجهد ذاتي، وبمساعدة من زوجها وبناتها أحيانا والعمال أحيانا أخرى، استطاعت تحويلها من أرض بور إلى جنة خضراء وأحاطتها بسلسلة حجرية وسيجتها، الأمر الذي لم يرق للمستوطنين الذين يطمعون بالتمدد على أراضي المنطقة ولا يريدون أي عائق في طريقهم.
عمل شاق وتكاليف باهظة
وتواظب دويكات على العمل في أرضها بشكل شبه يومي للعناية بالأشجار وسقايتها، ويعاونها بعض العمال بالأجرة، ويرافقها في أيام الجمعة والسبت زوجها الذي يعمل بالداخل المحتل.
وخلال السنوات الست الماضية، كانت تعمل بيدها بمعاونة زوجها والعمال، وقد أنفقت في استصلاح الأرض ما يزيد عن 70 ألف شيكل.
وقالت: "كنت أعمل من السادسة صباحا وحتى الثامنة مساء وأبني السلاسل بيديّ، ودفعت أجور عمال، واضطررت للاقتراض لإتمام المشروع".
وتابعت: "كنا نحضر الجرافة للعمل ونراقب تحركات جنود الاحتلال في المعسكر القريب ونستغل انشغالهم لكي تعمل الجرافة لمدة ساعة أو نصف ساعة لحفر حفرة أو إزالة صخرة كبيرة".
تضييق واعتداءات
وخلال العام 2022 تعرضت أرضها لأربع هجمات من المستوطنين قطعوا خلالها 150 شجرة، واستهدفوا الأشجار المحملة بالثمار قبيل موعد قطفها في أكتوبر/ تشرين الأول.
وقالت: "كانت صدمة كبيرة أن أرى الأشجار التي غرستها بيدي وتابعتها يوما بيوم حتى كبرت وأثمرت، لأجدها وقد قطعت بيوم وليلة".
وتؤكد أن هذه الاعتداءات تزيدها إصرارا على مواصلة العناية بأرضها، مضيفة: "في كل ساعة نسمع عن اعتداء هنا أو هناك لكن هذه الاعتداءات لن تصيبني بالإحباط، ولو كنت سأحبط لكنت أُحبطتُ في بداية عملي بالزراعة".
ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين هذا العام في محاولة منهم لدفعها لترك أرضها، وقبل عدة أيام وضعت خزان مياه وملأته، وبعد مغادرتها جاء مستوطن وأفرغ محتوياته من الماء بالأرض.
وأضافت: "في اليوم التالي سرق المستوطن الخزان بعد قص السياج، فأعدت تركيب السياج، وعندما عدت بعد يومين كان قد سرق السياج أيضا، وبعد البحث وجدت الخزان والسياج في أرض يستولي عليها ويستخدمها للزراعة".
وتشير إلى تواطؤ جنود الاحتلال مع المستوطن تارة بتوفير الغطاء له لممارسة اعتداءاته، وتارة أخرى عبر التضييق عليها ومنعها من إحضار آليات تسهل عملها.
فخلال وجودها في مزرعة المستوطن، جاء جنود الاحتلال واستجوبوها عن سبب تواجدها هناك، وعندما أخبرتهم أن المستوطن قد سرق الخزان والسياج، طلبوا منها إثبات ملكيتها لهما.
وقالت: "قلت للجنود كيف رأيتموني وأنا أدخل هنا لكنكم لم تروا المستوطن وهو يسرق معداتي من أرضي؟".
وتشتكي دويكات من غياب الدعم الرسمي للمزارع الفلسطيني الذي يواجه إرهاب المستوطنين كل يوم لوحده.
وأوضحت أن وزارة الزراعة وعدتها بدفع ربع التكاليف التي أنفقتها في أرضها، وتم فتح ملف لها، وطلبوا منها فتح حساب بنكي، لكن حتى الآن لم تحصل على شيء.
ولفتت إلى أن مؤسسة الإغاثة الفرنسية قدمت لها 39 شجرة زيتون بعد تقطيع الأشجار، وكل أسبوع تزرع 3 أشجار فقط بسبب صعوبة الحفر اليدوي في الصيف.