web site counter

دراسة حديثة تكشف عن "مفاجأة".. كيف مات الإسكندر الأكبر؟

الدوحة - صفا

احتار المؤرخون طويلاً واختلفوا في سر وفاة الإسكندر الأكبر، الذي يوصف، أحيانا، بأنه أشهر القادة العسكريين عبر التاريخ، إذ امتدت إمبراطورتيه إلى مساحات شاسعة من مقدونيا إلى مصر والهند بما في ذلك مناطق كبيرة من محيط البحر الأبيض المتوسط وبلاد فارس، ولكنه مات شابا في مطلع الثلاثينيات من العمر عام 323 ق.م.

لكن اللغز الغريب لوفاة القائد المقدوني -الذي سعى إلى بلوغ ـ"نهاية العالم والبحر الخارجي الكبير"- ربما يكون قد تم حله في النهاية بعد قرابة 24 قرنا من الزمان.

وأشارت نظريات سابقة إلى أن الإسكندر -الذي ولد 356 ق.م على الأرجح، في مدينة بيلا المقدونية (باليونان حاليا)- مات بسبب العدوى من التيفوئيد أو الملاريا أو الإدمان على الخمر أو بالسم.

وسبق أن أشار مؤرخون إلى احتمال أن يكون مرض ومات في مدينة بابل القديمة (بالعراق حاليا)، أو أن يكون قتل في انقلاب عسكري استهدفه، لكن معظم هذه التكهنات لا تصمد طويلا أمام البحث التاريخي، والأكيد لدى المؤرخين أن إمبراطوريته تفككت بعد رحيله وانقسمت بين كبار جنرالاته.

ورث الإسكندر العرش بعد مقتل والده على يد حارسه، كما ورث عنه الجيش وفنون الحرب، وتخلص من منافسيه وقاد حملات لبسط نفوذه على اليونان وإخضاع مدنها لمقدونيا، وابتكر مبدأ الحرب الخاطفة ووسع سلاح الفرسان، وغزا بلاد فارس تحقيقا لحلم والده.

"موت كاذب"

والمفاجأة أن موت الإسكندر قد يكون أشهر حالة تُسجل على الإطلاق للتشخيص الخاطئ للموت أو ما يسمى بالموت الكاذب. ويقول المؤرخون إن الإسكندر لم يهُزم في أي معركة خاضها، لكن مرضا نادرًا قد يكون أودى بحياته.

وخلصت دراسة حديثة إلى أن الإسكندر لقي حتفه بسبب اضطراب عصبي حاد نادر، وهو ضعف سريع للعضلات يؤدي إلى الشلل.

لكن الكشف الأهم أنه بقي 6 أيام على قيد الحياة وهو مشلول قبل وفاته الحقيقية، بينما اعتقدت حاشيته أنه رحل، وربما كان يسمع نقاشاتهم حول خلافته وترتيبات ما بعد رحيله، بينما يستعدون لدفنه قبل أن يموت في النهاية.

ويقول المؤرخون إن جسد الإسكندر الأكبر لم يتحلل لمدة ستة أيام بعد موته المفترض، مما دفع اليونانيين القدماء إلى الادعاء أن فيه صفات غير بشرية، لكن الواقع -كما تقول الأستاذة في كلية الطب بجامعة أوتاغو في نيوزيلندا كاثرين هول (المشاركة في الدراسة)- أنه أصيب بالشلل بينما كان جسده قيد التجهيز للدفن.

وبالنسبة إلى الإغريق القدماء، عُد هذا دليلا على كونه "إلها" بحسب معتقدات بعضهم، لكن بالنسبة إلى كاثرين هول فإن هذا يثير تساؤلات لم تجب عنها النظريات السابقة التي لم تقدم أي إجابة شافية وكاملة عن عدم تحلل جسده طيلة ستة أيام بعد وفاته.

وقالت هول لصحيفة فوكس نيوز "لقد عملت لمدة 5 سنوات في مجال الرعاية الطبية الحرجة، ورأيت على الأرجح نحو عشر حالات شبيهة.. إن الجمع بين الشلل الصاعد والقدرة العقلية الطبيعية نادر للغاية، ولم أشاهده إلا مع الضعف السريع للعضلات". وحاليا، يصيب المرض ذاته واحدا من بين كل مئة ألف شخص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

يشار إلى أن الإسكندر الأكبر يعد من أشهر القادة والفاتحين عبر التاريخ، وتتلمذ على يد الفيلسوف الشهير أرسطو. وبحلول عامه الـ 30، كان قد بنى واحدة من أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم، وامتدت من سواحل إيطاليا واليونان الحاليتين غربًا، وصولا إلى نهر السند في الهند وباكستان الحاليتين شرقًا.

جسد الإسكندر بعد الوفاة

وحسب الدراسة الجديدة، أدت هذه الأعراض مع ذلك النوع من الشلل في جسد الإسكندر إلى انخفاض طلب الجسم على الأوكسجين، وهو ما من شأنه أن يقلل من معدل التنفس. كما أدت إلى عدم احتفاظ جسمه بحرارته، مع ثبات حدقة عينه وتوسعها، مما جعل الأطباء يظنونه ميتا، بينما كان قادرًا على السمع والتفكير والشعور بما حوله.

ويشير البحث التاريخي إلى أن تشخيص الوفاة في تلك الأزمنة كان يعتمد على التنفس أكثر من النبض، وإذا كان جسده يعاني من شلل فمن المفترض أن يكون تنفسه ضعيفا للغاية، وقد لا يكون جسده الذي لم تظهر عليه علامات تحلل ما بعد الموت معجزة، فالحقيقة البسيطة أنه لم يكن قد مات بعد.

روايات قديمة جديدة

تفيد الروايات التاريخية القديمة أن الإسكندر أصيب بالحمى ووجع في البطن وشلل تدريجي متزامن ومتصاعد حتى وفاته، لكن لا يوجد شهود عيان سجلوا روايتهم بالتفصيل، وفي رواية أخرى يقال إنه توقف عن الكلام ودخل في غيبوبة توفي بعدها، دون تقديم أي خطط لخلافته.

وقالت الباحثة هول "على وجه الخصوص، لم تقدِّم أي من التفسيرات القديمة أي إجابة شاملة تعطي تفسيرًا معقولًا ومجديًا لحقيقة ذكرها مصدر الرواية التاريخية وتتعلق بعدم ظهور أي علامات تحلل على جثة الإسكندر لمدة 6 أيام بعد وفاته".

وأضافت أن ذلك التفسير يشرح سبب الشلل المخيف الذي أصاب الإسكندر بدءًا من ساقيه وذراعيه، قبل أن يجعله غير قادر على الكلام. ولا يؤثر المرض الناجم عن عدوى بكتيرية في المعدة على الدماغ، فقد "كانت حاسة النظر عنده غير واضحة، وانخفض ضغط دمه للغاية ودخل في غيبوبة، ولكنه كان على دراية بمحيطه ويمكنه سماع ما يدور حوله.. لذلك ربما سمع جنرالاته يتجادلون عن خلافته ومن سيخلفه، وربما سمع المحنطين المصريين الذين جاؤوا وكانوا على وشك البدء بعملهم".

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

ط ع

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام