لعبت المرأة المقدسية وما زالت دورًا كبيرًا وفعالًا في تربية الأجيال الناشئة على حب القدس والمسجد الأقصى المبارك، وغرس روح الفداء والنضال والتضحية في نفوسهم، ووجوب العمل لأجل نصرته وتحريره من الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم تعرضها للاعتقال والملاحقة والإبعاد، إلا أنها ما زالت تشكل رمزًا يُحتذى به في الشجاعة والصمود أمام عنف الاحتلال وإجراءاته الظالمة، وتدفع ضريبة دفاعها المستميت عن المسجد الأقصى، وتصديها لاقتحامات المستوطنين، وإفشال كل المخططات الإسرائيلية الرامية للسيطرة عليه وتهويده.
ودومًا كانت المرأة المقدسية شريكة للرجل في مسيرة النضال والتضحية الطويلة، تقف إلى جانبه وتُسانده وتُؤدي دورها اليومي الملقى على عاتقها لخدمة وطنها وقضيتها العادلة في شتى الميادين، فكانت الشهيدة والأسيرة وأم الشهيد وشقيقته وزوجته.
ولم يتوقف نضالها يومًا، بل سجلت حضورًا مميزًا ومشاركة فاعلة على كل المستويات، مما أعطى للمشهد الفلسطيني نكهته الخاصة، رغم كل التحديات والمعاناة التي تُواجهها، في سبيل الحفاظ على انتمائها ومقدساتها وهويتها الوطنية.
جيل متميز
المقدسية زينة عمرو واحدة من النساء المقدسيات التي لعبن دورًا مهمًا في زرع حب الأقصى في قلوب أبنائها، وحثهم على حمايته والدفاع عنه، حتى كرسوا حياتهم لخدمته والرباط فيه، رغم تعرضها وهم لسلسلة من الملاحقات والإبعادات.
وتقول عمرو، في حديث خاص لوكالة "صفا": إن "الظروف والمعاناة الصعبة والقاسية التي تعيشها المرأة في مدينة القدس جعلت منها مربية صابرة قادرة على صنع جيل متميز ومعطاء، يُحب الجهاد والتضحية في سبيل الدفاع عن المسجد الأقصى".
وتوضح أن ممارسات الاحتلال وإجراءاته العنصرية التي يفرضها على المقدسيين تجعل هذا الجيل مرتبطًا بالأقصى ارتباطًا وثيقًا، كونه نشأ في ظروف جعلته يتحمل المسؤولية الكاملة تجاه قضيته.
وتضيف أن "هذا الدور لم يعد مقتصرًا على المرأة فقط، بل أصبح لدى الشباب المقدسي معتقدات خاصة بهم، لذلك أصبحنا نرى تمردًا لدى كثير من الأبناء، ولا سيما عند اندلاع أي أحداث بالقدس والأقصى، إذ يُسارعون إلى تصدر الميدان دون علم آبائهم وأمهاتهم".
وبات هذا الجيل- كما تبين عمرو- يمتلك الشجاعة والنخوة والشهامة، ويُثبت حضوره المميز والدائم في شتى الميادين، دفاعًا عن أولى القبلتين، ومدينته المقدسة التي تعاني الأمرين، نتيجة الاحتلال.
وتتابع "كلما اشتدت الأحداث والظروف في القدس نرى هؤلاء الشباب يدافعون بكل قوة عن أقصاهم ومدينتهم، لا يأبهون للاحتلال واعتداءاته الهمجية، بل يقفون كالأسود دفاعًا عن وجودهم ومقدساتهم".
صمود وتحدٍ
و"للمرأة المقدسية دور كبير في تعزيز نماذج الصمود والثبات لدى أبنائها، والتحلي بالصبر والتحدي، وهم يرون في الأم المثل والقدوة التي يُحتذى بها، وهي التي تتحمل أعباء الحياة وممارسات الاحتلال من أجل التمسك بمنزلها وبقائها في القدس"، وفق عمرو.
وتضيف "نجد أن صمود الأبناء وثباتهم وتحديهم الكبير لظروف الحياة، نابع من أن الأم هي قدوة لهم، تمثل قلعة الصمود والتحدي في مواجهة الاحتلال".
وتؤكد أن "المسجد الأقصى يمثل قلعة الصمود، ورمز الوطنية والانتماء للأمة، والمساس به خط أحمر، وأن الدفاع عنه لا يقتصر على أحد، بل لابد من بذل الغالي والنفيس من أجل حمايته والدفاع عنه".
وبهذا الصدد، تقول عمرو: "عند المساس بالأقصى نرى الجميع يقف وقفة واحدة، وهناك من يتقدمون الصفوف دفاعًا والذود عنه، ورأينا من أسقطهم الاحتلال في براثن المخدرات أول من وقفوا للدفاع عن المسجد، باعتباره خط أحمر".
الأقصى عقيدة
أما المقدسية فوزية الكرد فتقول: إن "المرأة المقدسية تغرس حب الأقصى في نفوس أبنائها منذ الصغر، من خلال تنشئتهم على ذلك بالعلم والثقافة والأخلاق، والتعريف بالمسجد ومعالمه الإسلامية، واصطحابهم معها للمسجد، وحثهم على الرباط الدائم فيه والدفاع عنه".
وتضيف أن "المرأة تُربي أبناءها أن الأقصى يُمثل عقيدة ومكانة عظيمة ومهمة لدى المسلمين عامة، وأهل القدس خاصة، وأن هذا المكان مقدس للمسلمين وحدهم، ليس لليهود أي ذرة تراب فيه، وأيضًا تعريفهم بمكانة المسجد وتاريخه، وتوعيتهم بخطورة الاحتلال وأهدافه المستمرة للسيطرة عليه".
وتتابع "رغم وجود الاحتلال ومحاولته تدمير أخلاق الشباب المقدسي، إلا أن المرأة تبقى حريصة بشتى الوسائل على خلق جيل قادر على الدفاع عن الأقصى وحمايته، ووجوب العمل على تحريره".
وتشير إلى أنها تجد خلال رباطها بالمسجد الأقصى، في عيون الأطفال والشباب مدى حبهم وارتباطهم الوثيق به، وشجاعتهم في الدفاع عنه من اقتحامات المستوطنين وتدنيسهم لحرمته.
وتؤكد الكرد أن "مسؤولية الدفاع عن الأقصى تقع على عاتق الجميع، ويجب توعية الأبناء وزرع حب الأقصى في قلوبهم منذ الصغر، لأجل بناء جيل واعٍ يحمل هم قضيته وتحرير مقدساته من براثن الاحتلال".