بخطى متسارعة، تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإقامة شبكة هائلة من الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وخلق سلسلة متصلة كبيرة من الوجود الاستيطاني، في خطوة ستُغير الضفة من شمالها إلى جنوبها، وتُكرس سياسة الضم والفصل العنصري.
ومنذ تشكيل الحكومة المتطرفة، جرى التركيز بشكل غير مسبوق على قضية المواصلات بالضفة، وخصص وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة النقل والمواصلات ميري ريغيف، ميزانية تزيد عن 6 مليارات شيكل، لتطوير شبكة الطرق الاستيطانية بالضفة خلال الخمس سنوات المقبلة.
وكشف أعضاء شركة "نتيفي إسرائيل" مسارات خطة الطرق الضخمة التي ستُغير الضفة في غضون أربع سنوات، بحيث تمتد الخطة على نحو 100 كيلومتر، سيتم تشييدها على طول الطريق رقم (60) الاستيطاني، الذي يمتد من جنوب الضفة حتى شمالها.
ومن بين الطرق المستهدفة "التفافي حوّارة"، الذي يعتبر الأكثر أهمية لحماية المستوطنين في الضفة الغربية، وتأمين تنقلهم، بعد سلسلة عمليات إطلاق نار استهدفتهم في بلدة حوّارة.
وتُنفذ شركة "موريا" الإسرائيلية الأعمال من "شاعر بنيامين" إلى بلدة حزما شمال شرقي القدس المحتلة، والتي ستعمل على تطوير الطريق إلى القدس في غضون بضع سنوات.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن ريغيف قولها: "منذ اليوم الذي توليت فيه منصبي حددت هدفي بإعادة تشغيل جميع المشاريع الاستيطانية بالضفة، والتي جمدتها الحكومة السابقة وأجلتها، وكذلك الترويج لقائمة طويلة من مشاريع استيطانية جديدة ضمن الخطة الخمسية للوزارة، بقيمة غير مسبوقة تزيد عن ثلاثة مليارات ونصف المليار شيكل".
وأضافت أن "هذه المشاريع تعتبر من أولويات الحكومة الحالية، التي تعتبر الضفة الغربية قلب دولة إسرائيل، ويجب استثمارها مثل أي مكان آخر في البلاد".
وأوضحت أن الهدف من تعبيد هذه الطرق "توفير الأمن والسلامة للمستوطنين"، لافتة إلى أن الأعمال هناك تتقدم بوتيرة سريعة للغاية، ومن المتوقع أن تكتمل في الأشهر المقبلة.
كانتونات صغيرة
المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر يقول إن الاحتلال يريد السيطرة على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، لتحويلها إلى كانتونات فلسطينية وتجمعات صغيرة متواصلة مع بعضها عن طريق شبكة من الطرق الاستيطانية.
ويوضح بحر، في حديثه لوكالة "صفا"، أن مخطط الطرق يهدف إلى خلق تواصل كامل مع المستوطنات والبؤر الاستيطانية بالضفة، عبر سرقة مساحات شاسعة من أراضيها.
ويشير إلى أن الاحتلال خصص ميزانية بقيمة مليار ونصف المليار دولار لإقامة شبكة الطرق الهائلة، بحيث ستخصص لتسهيل تنقل وسفر المستوطنين في الضفة.
وتشهد الضفة تسارعًا في وتيرة الاستيطان وإقامة بؤر استيطانية جديدة على حساب الأراضي الفلسطينية من أقصى الشمال إلى الجنوب، بالإضافة إلى شبكة الطرق الرامية لخلق طرق فصل عنصري بين الفلسطينيين والمستوطنين، وفق بحر.
ويؤكد أن حكومة الاحتلال تُسخر أغلب ميزانيتها لصالح المشاريع الاستيطانية والتهويدية في الضفة والقدس ومحيطها، والتي من شأنها خنق الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، وإعاقة تنقلهم، والسيطرة على أراضيهم، لخدمة المستوطنين.
ويشير إلى أن آليات الاحتلال تعمل يوميًا في كل مكان بالضفة لإقامة البؤر الاستيطانية، فيما يُمنع المواطن الفلسطيني من البناء والوصول إلى أرضه وزراعتها.
وخلال العام الماضي، أنجزت سلطات الاحتلال سبعة مشاريع استيطانية خاصة بالشوارع الاستيطانية باستثمارات إجمالية قدرها 64.2 مليون شيكل، ويجري العمل على تنفيذ 12 مشروعًا باستثمارات قدرها 164.2 مليون شيكل.
فصل عنصري
ويطالب المختص في شؤون الاستيطان، المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية بالتحرك العاجل والتدخل لوقف الاستيطان وسياسة "الأبرتهايد" الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وضمن مخطط الطرق الاستيطانية، سيعمل الاحتلال على شق التفافي العروب بمسارَين من القدس إلى الخليل وصولًا لمستوطنة "كريات أربع"، إضافة إلى طريق لربط مستوطنة "بيتار عيليت" بالضفة، وآخر يشق قرية الخضر إلى مستوطنة "تسور هداسا" غربي بيت لحم.
وبحسب المخطط، سترتبط جميع الشوارع الاستيطانية مع بعضها لتسهيل وتأمين تنقل المستوطنين بين المستوطنات الجاثمة على أراضي الضفة الغربية.
بدورها، وصفت حركة "السلام الآن" اليسارية المناهضة للاستيطان، المخطط بأنه مخطط فصل عنصري للطرق بالضفة.
وقالت: إن "الحكومة اليمينية الحالية شوهت الأولويات، وأوضحت مرة أخرى أن المستوطنين هم مواطنون من الدرجة الأولى، فبدلًا من استثمار المليارات في النقب والإقليم والجليل، تقوم بصرفها على مجموعة صغيرة ومتطرفة من مستوطني التلال لإرضاء سموتريتش وأصدقائه المتدينين الذين يُدمرون إسرائيل".