لم يجف الحبر الذي خطت به ما تسمى محكمة الصلح الإسرائيلية، قرار تهجير أهالي قرية رأس جرابة في النقب الفلسطيني المحتل، بعدْ، حتى تبِعته لجان الاحتلال اللوائية، بعقد جلسة حول المرحلة الأولى لحي استيطاني جديد فوقها.
فبعد أقل من أسبوع لاتخاذ محكمة الاحتلال قرارًا بتهجير قرية رأس جرابة، سارعت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية في النقب، إلى عقد جلسة أولية للتباحث في إيداع مخطط للحي المسمى بـ"روتم".
وصادقت محكمة الاحتلال في بئر السبع، يوم الإثنين 24 يوليو، على دعاوى الإخلاء المقدمة من قبل ما تسمى "سلطة أراضي إسرائيل"، ضد أهالي قرية راس جرابة، وذلك بهدف تهجيرهم من أجل توسيع مستوطنة ديمونا وإقامة حي جديد على أنقاضها.
ومن المقرر أن يتبع الحي الاستيطاني الجديد لمستوطنة ديمونا، حيث يقع شرقيها، فيما سيكون مكانه فوق بيوت رأس جرابة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن هجمة إسرائيلية متسارعة نحو تهويد النقب والجليل، من خلال مخططات ومشاريع، بعضها اتُخذ فيه قرار، وأخرى بدأت بالتنفيذ.
انسجام وتتالي أدوار
ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف بالنقب عطية الأعسم لوكالة "صفا": "إن ما يجري هو نتاج لانسجام كبير بين أركان الحكومة الإسرائيلية والمؤسسات والمحاكم واللجان اللوائية والإقليمية".
ويضيف: "الانسجام في الترحيل والهدم، وخصوصًا في النقب، فهناك تبادل أدوار واضح، واستكمال مهمات، لذلك كان بحث اللجنة اللوائية لإيداع مخطط تهجير رأس جرابة الصادر من المحكمة بعده مباشرة ضمن مهمة موكلة بها".
ويرى أن كل المؤسسات واللجان هي أذرع للهرم السياسي الإسرائيلي وللحكومة المتطرفة التي اتخذت قرارًا بتسريع ترحيل أهالي النقب.
وتُعد المحاكم الإسرائيلية أكثر المؤسسات انسجامًا مع حكومة الاحتلال، في ملفي التهجير والهدم لفلسطينيي الداخل عامة، والنقب خاصة، وهو ما يظهر جرأة اتخاذ قرار تهجير رأس جرابة، وإقامة حي استيطاني يتبع لمستوطنة ديمونا على أنقاضها.
ويأتي قرار محكمة الاحتلال بتهجير رأس جرابة، كنتاج لـ10 دعاوى إخلاء ضد أهالي القرية الفلسطينية، قدمتها سلطات الاحتلال سابقًا.
إخلاء وتغريم كمرحلة أولى
وينص قرار محكمة الاحتلال على "وجوب إخلاء القرية من السكان أنفسهم، بحلول الأول من مارس المقبل".
ولم تكتف محكمة الاحتلال بقرار التهجير؛ بل إنها فرضت على سكان القرية دفع أتعاب "محامي الدولة"، وذلك بمبلغ إجمالي قدره 117 ألف شيكل، ما يعكس فعلًا الانسجام التام بينها وبين محكمة الاحتلال، الذي تحدث عنه الأعسم.
ويحذر من أن ما يجري في النقب هو المرحلة الأولى من تهجير سكان قرى ما يزيد عن 40 قرية.
ويشير إلى أن حكومة الاحتلال وأذرعها، تستغل حالة التطرف الحاصلة في "إسرائيل"، والأوضاع المحلية والإقليمية، من أجل تسريع عملية التهجير، رغم أن أهالي النقب لم يعد لديهم سوى أقل من 3% من مساحتها.
وتتجه عمليات التهجير لإقامة مستوطنات على أنقاض القرى، أو إضافة أحياء تابعة لمدن ومستوطنات قائمة على بلدات الفلسطينيين بالنقب.
وفي ملف رأس جرابة، تؤكد اللجنة الشعبية للدفاع عن القرية في النقب أن لجنة التخطيط اللوائية الاحتلالية، قد اجتمعت لمناقشة وإقرار توسيع ديمونا بحارة "روتم" الاستيطانية، على مساحة عشرة آلاف دونم.
وتشدد اللجنة على أن لجنة الاحتلال، تتجاهل حتى وجود القرية، البالغ عدد سكانها أكثر من 500 نسمة، وهم يسكنونها منذ العهد العثماني هم وآبائهم وأجدادهم.
واتهم مركز لجنة التوجيه العليا لعرب النقب طلب الصانع، لجنة التخطيط الاحتلالية، بأنها، "تستخدم التخطيط بشكل سياسي وعنصري حيث أنها تخطط لليهود وتعمل على تهجير المواطنين الفلسطينيين.
وبتنفيذ تهجير قرية رأس جرابة، تكون سلطات الاحتلال قد حسمت ملف الصراع بين القرية وديمونا، الذي استمر لسنوات، ويبقى الفيصل في هذا الحسم، بيد النضال والمواجهة من أهل النقب والفلسطينيين عامة بالداخل.
وتهدد 16 مستوطنة من المقرر أن يتم إقامتها، وفق مخطط صادقت عليه حكومة يائير لابيد التي سبقت الحكومة الحالية، مستقبل الوجود الفلسطيني في النقب.