في الوقت الذي تتظاهر فيه سلطات الاحتلال بأنها تستخدم سياسة "العصا والجزرة" تجاه فلسطيني الداخل المحتل، بملف الترخيص والبناء، عبر "إمهال" المتضررين للحصول على تراخيص؛ إلا أن الواقع أن "العصا فقط هي الموجودة، ولا جزرة".
ولا تُعد إخطارات "الإمهال للترخيص" سوى غطاء لممارسة المماطلة والتسويف من أجل استمرار منع منح تراخيص البناء لفلسطينيي الداخل، وهذا ما حدث في الطيبة مؤخرًا، على سبيل المثال لا الحصر.
وأمهلت سلطات الاحتلال "الجهات المعنية في الطيبة، 3 أشهر، من أجل ترخيص مباني، حتى لا يتم إخلاءها"، بعدما أصدرت الشهر الماضي أمرًا بذلك تمهيدًا لهدمها.
وأصدر الاحتلال أوامر إخلاء وهدم بحق 466 مبنى في الطيبة والطيرة وقلنسوة قبل شهر، الأمر الذي لاقَ حالة غضب وسط الفلسطينيين، الذين اعتبروها حربًا على ما تبقى من وجودهم بتلك المناطق.
وجاء الإمهال الذي سلمته سلطات الاحتلال أمس السبت، بعد خطوات نضالية ووقفات احتجاجية، شهدتها الطيبة خلال الأسابيع الماضية، وسط تحذيرات من تنفيذ الإخلاء.
"لا يوجد جزرة"
ولا يعد هذا الإمهال سوى ذرِّ للرماد في العيون؛ ففي الوقت الذي يتقدم فيه أصحاب المنازل والمنشآت والمصالح، بطلبات الترخيص للبناء يتم رفضها، حسبما يؤكد الناشط عبد السلام قشوع.
ويقول قشوع لوكالة "صفا": "إن كذبة مهلة الترخيص، هي غطاء على سياسة الهدم والتهجير، خاصة وأنه لا يوجد تخطيط في بلداتنا، حتى يتم منح تراخيص بناء".
ويضيف: "تريد سلطات الاحتلال أن تظهر بأنها تمارس سياسة العصا والجزرة، ولا يتواجد في تلك السياسة سوى العصا، بل إن الضرب بها اشتد منذ تطوير ما يسمى بقانون التخطيط والبناء، ووضع قانون كيمتس".
ومن المعطيات الصادمة التي يفيد بها قشوع، أنه "في المثلث الفلسطيني بالداخل، لم يُضاف منذ عام 1994 أي متر بناء في أي مكان، بفعل المماطلة ورفض تراخيص البناء".
ويؤكد أن ما تسمى "وحدة تطبيق القانون" تشن هجمة شرسة على معظم مدن المثلث، خاصة الطيرة والطيبة وقلنسوة، وتضع مخالفات باهظة تصل قيمتها للشخص الواحد إلى مليون شيكل، بحال لم يخلِ أو يهدم منشأته".
ويكمل: "المواطنون في ظل هذه السياسة لسنوات وأشهر، يضطرون للبناء على عاتقهم، وهو ما يجعل معظمهم يقعون بفخ أوامر الهدم وفرض الغرامات".
ويحذر من أنه في ظل الوضع الحالي، فإن فلسطينيي الداخل مقبلون على المزيد من التهجير والهدم، في ظل حكومة إسرائيلية شديدة التطرف.
"تسليم ملفات"
ويوافقه في التحذير، عضو اللجنة الشعبية لقضايا الأرض والمسكن في الداخل أحمد ملحم، الذي يؤكد أن سلطات الاحتلال سلمت ملف الهدم والبناء إلى ما يسمى "الإدارة"، وسحبته من المحاكم.
ويقول لوكالة "صفا": "اليوم إذا لم تُخلِ بيتك أو منشأتك في الداخل، خلال شهر أو شهرين، وفق الأوامر الإدارية، فإن الغرامات تزيد".
ويوضح أن المحاكم الإسرائيلية في السابق كانت تعطي مهلةً، تصل إلى سنة أو اثنتين، بعد صدور أمر الإخلاء والهدم؛ لكن الملف سُحب من المحاكم، التي كانت في الأصل جزء من المخطط.
مهلة للوصول للهدم
لذا، فإن ما يعيشه الفلسطينيون في الداخل هو مشروع إسرائيلي لافتراس أراضيهم وما تبقى من مسطحات بلداتهم، ومن أجل ذلك، فإن من يدعوا أنهم يمنحوا مهلةً للترخيص، غير مستعدين للنظر بهذه الطلبات.
ويعزي ذلك إلى "أن اللجان اللوائية أو القُطرية الإسرائيلية، غير مستعدة لوضع مخططات بناء لفلسطينيي الداخل، كونها غير معنية بذلك".
وبالتالي، فإنها تُقرّ المهلة حتى يستوعب المتقدم بالطلب مع مرور المدة، أمر الإخلاء أو الهدم، فيدفع الغرامات مرارًا، إلى أن يصل لموعد أمر الهدم، وتنفيذه إما بيده أو على يد السلطات.
ويدفع الفلسطيني في الداخل 1800 شيكل يوميًا، على منشأته أو بيته، طالما لم يحصل على التراخيص.