لم تكلَّ والدة الشهيد أشرف الشيخ إبراهيم من مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، عن حثّ نجلها على الزواج، لكنه في كل مرة كان يقول: لم يحن الأوان بعد!، رغم دخوله في العقد الثالث من العمر.
تزوج جميع إخوة الشهيد "إبراهيم"، حتى شقيقه الأصغر حازم سبقه بها، إثر اعتقاله داخل سجون الاحتلال.
ومؤخرًا رضخ الشهيد أشرف لطلب والدته المتكرر، تحقق حلمها وتمت خطبته، وتذكر في حديثها لوكالة "صفا"، أنه قال يومها، "سيكون عرسي حديثاً لكل الناس".
وفي حديثها عن حياته النضالية تقول والدته السيدة آمنة، " لقد بدأ ابني أشرف محمد الشيخ إبراهيم حياته النضالية، في وقت مبكر، وهو ابن الثالثة عشرة، وفي كل مرة كنت أزجره وهو يلاحق دوريات الاحتلال خوفًا عليه، وكان يرد كما الرجال: لا تخافي يا أمي، أنا أعرف ما أفعل".
وتضيف بحزن ممزوج بالفخر، " لقد ارتقى شهيدًا في ذات المكان الذي ألقى منه حجره الأول على الاحتلال بعد 25 عامًا من المقاومة على مدخل حي السِّيباط (السوق الأثري القديم في مدينة جنين)".
أما عن اعتقالاته في سجون الاحتلال فتشير والدته، "أن الاحتلال اعتقله بوحشية عام 2006، اعتقلوه أمامي من المنزل، وكانت وحشية الاحتلال تشير إلى رغبتهم بتصفيته في المنزل، لكن وجودي منعهم من ذلك، وخضع في سجنه لتحقيق قاسٍ، تعرض خلاله للتعذيب والضرب المبرح، حتى شُقَّ سقف حَلقِه، وطلب له الادعاء حكماً بالسجن 15 عامًا، لكن المحامي رفع قضية على السّجان، للتعذيب الذي تلقاه أشرف، فأبرم له المحامي صفقة بالتنازل عن القضية مقابل حكمٍ مخفف، فحكم بالسجن لعشرين شهرًا".
أما شقيقه حازم فيقول لـ "صفا"، "إن اعتقاله الثاني كان في عام 2014، وحكم بالسجن خمس سنوات، بتهمة مقاومة الاحتلال، وقد أُفرج عنه في شهر شباط /فبراير عام 2019، وكانت الوالدة وبقية العائلة، قد عملوا طيلة سنوات اعتقاله على بناء منزل له، ليكون عشًا للزوجية، خاصه وأنه كان وقتها يبلغ (34 عامًا)".
ويضيف "لما خرج من سجنه قلنا له أنه حان وقت زواجك، فردَّ: بل لم يحن بعد، وأصر على زواج شقيقه الأصغر أولاً، وظل يرفض في قَبوله الزواج حتى قبل استشهاده بأشهر قليلة".
ويتابع شقيقه حازم، "كان يقول حتى لو تزوجت وكوَّنت أسرة، فسأبقى على ذات الطريق التي خطيتها لحياتي، وهي طريق المقاومة ومقارعة الاحتلال".
ويؤكد " أن أشرف سار على خطى عمه الشهيد جمال أمين الشيخ إبراهيم الذي قاتل مع الثورة حتى ارتقى شهيدًا عام 1969 في أحد معارك المقاومة مع الاحتلال على حدود فلسطين".
وتشير والدته السيدة آمنة إبراهيم بعد أن مسحت دمعاتها عن خدها، " كم كانت فرحتنا كبيرة، بعد أن وافق على الزواج، وأتمننا معه مراسيم الخِطبة، وحددنا موعد الزواج ليكون في شهر أكتوبر/ تشرين أول القادم، وكان دائم القول: سيكون عُرسي حديثاً لكل الناس".
وتضيف "كان له ما تمنى فقد زف للحور، وشارك في زفافه كل أصحابه من مختلف مناطق فلسطين، كان عرسًا كبيرًا كما قال".
وختمت والدة الشهيد "إبراهيم" حديثها لـ "صفا"، "يزعجني من يقول لي عظم الله أجركم، بل أحب أن يقال لي مبارك عليه الشهادة، لقد نال ما تمنى، وأنا راضية وفرحة له بما نال، الله يرضى عليه ويحشرنا معه مع الشهداء والصديقين".