شكل رفع طالبة في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا بالقدس المحتلة العلم الإسرائيلي، صدمة للفلسطينيين جميعًا، في حدث ما زالت ردود الفعل الغاضبة تتوالى بشأنه.
ويعتبر الحدث بمثابة قرع الخزان في ظل الصراع على التعليم الفلسطيني بالمدينة المحتلة، فهل هو حدث عابر أو سقوط بـ"الأسرلة"؟
وجاء الحدث في ظل مواجهة الفلسطينيين فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس، ومفارقة واسعة بين مختلف أطياف المجتمع المقدسي، الذي يواجه بصلافة أسرلة التعليم.
وتصدت القوى والأوساط التعليمية لهذه الحادثة في مدرسة راهبات الوردية، وأصدرت بيانات تندد بها، وتؤكد على مواجهتها في ظل الصراع المتواصل على التعليم والهوية الفلسطينية في القدس.
وأطلق طلاب من مختلف المدارس المقدسية أمس حملة بعنوان "لهذه الأرض علم واحد هو علم فلسطين" في إطار نشر الوعي بعد محاولة بلدية الاحتلال السيطرة على وعيهم وأسرلة المناهج.
الناشط المقدسي راسم عبيدات يقول في لقاء خاص مع وكالة "صفا" إن رفع العلم عمل خاطئ ويمتد في ثقافة التطبيع ما بين الشعب الفلسطيني والطلبة الفلسطينيين مع الاحتلال في ظل هجمة تمارس على العلم الفلسطيني، وإقرار بالقراءة الأولى باعتبار مخالفة جنائية لمن يرفع ذلك العلم سواء في القدس أو الداخل الفلسطيني".
ويرى أن المدرسة أخطأت؛ لكن هذه المدرسة تحتضن أكثر من 1700 طالبة، ولديها دورٌ وطني وتربوي.
وفيما يتعلق بأسرلة التعليم، يوضح عبيدات أن هناك عملية اختراق واسعة، لافتًا إلى أن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تتحمل المسؤولية الأولى والمباشرة في هذا الاتجاه.
وينوه إلى أن هناك مدراء في مدارس بيت صفافا وصور باهر كانوا يخدمون في جيش الاحتلال.
ويتساءل عبيدات عن دور وزارة التربية التي لم تتعاطَ مع رسمٍ لعلم إسرائيل على سور مدرسة جيروسالم ولقاءات تطبيعية في عيد العرش اليهودي، ودراسة التاريخ الفلسطيني وفق الرواية الصهيونية واعتبار فصائل المقاومة جماعات إرهابية.
ويتابع: "نحن لا نبرر ما حدث في تلك المدرسة؛ ولكن بالمقابل يجب أن تأخذ الوزارة الفلسطينية دورها في محاربة أسرلة المنهاج في القدس، وتخصص ميزانيات لدعم المدارس، فنحن لا نريد وزارة شكلية لا تسيطر إلا على 9% من التعليم في القدس.
وعن أبعاد الهجمة الإسرائيلية ضد مدارس القدس، يرى عبيدات أن الاحتلال يسعى إلى إزاحة المنهاج الفلسطيني بشكل نهائي وأسرلته في القدس، والخطة الخماسية 2018 - 2023، خصصت 875 مليون شيكل من أجل أسرلة العملية التعليمية.
ويلفت إلى أن بلدية القدس والمعارف الإسرائيلية تقايض المنهاج بالميزانيات، فأي مدرسة تُبنى في القدس يشترطون عليها أن تعلم المنهاج الإسرائيلي، ولا يوجد مدرسة بنيت مجددًا هناك، إلا وتدرس ذلك المنهاج.
ويبين أن المدارس الخاصة والأهلية أدخلت نفسها بالمصيدة بتلقّي المال من بلدية الاحتلال، وهي تدرك أن البلدية ليست جمعية خيرية؛ وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك تعليمٌ فلسطيني دون أن يتم بناء وإقامة مدارس في المدينة المقدسة.
ويقول: "يتراجع المنهاج الفلسطيني وعدد المدارس الفلسطينية، بعد إضراب المعلمين الأخير منذ 3 أشهر، إذ انتقل عدد من المعلمين والطلاب من مدارسهم التابعة للأوقاف الاسلامية إلى مدارس البلدية والخاصة".
من جانبه، يرى عضو اتحاد لجان أولياء أمور طلاب مدارس القدس رمضان طه أن ما جرى بالمدرسة خطوة ضمن سلسلة خطوات التطبيع مع الاحتلال، فقد سبق إدخال المنهاج الإسرائيلي في المدرسة غرّة هذا العام الدراسي بموافقة مسؤولين كنسيين، وهذه الخطوة تكميلية للسياسة التي تنتهجها راهبات الوردية في عملية أسرلة التعليم.
ويبين أن مدرسة راهبات الوردية تعي جيدًا ما تقوم به من هذا المخطط، وسوف يتبعه خطوات أخرى من خطوات التساقط نحو أسرلة التعليم.
ويطالب طه المجلس الكنسي وضع حد لهذه التصرفات، قائلاً: "كفى تجاوزات من إدارة مدرسة راهبات الوردية والقائمين عليها".
ويبلغ عدد الطلاب في مدارس القدس 109 آلاف طالب، 10% منهم يتبعون الوزارة الفلسطينية ويتعلمون في 51 مدرسة بالقدس وضواحيها، فيما تتبع 82 مدرسة لبلدية الاحتلال بالقدس و79 مدرسة أهلية، و23 مدرسة شبه رسمية و5 مدارس تتبع إدارة "أونروا".