مثّلت "هبة الكرامة" من فلسطينيي الداخل المحتل، مفاجأة كبيرة لأجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي وينظر إليها على أنها من أبرز معالم معركة "سيف القدس" قبل عامين.
وبالتزامن مع مواجهة عسكرية بين المقاومة في غزة والاحتلال والمواجهات بالضفة الغربية المحتلة ردا على الاعتداءات بحق المسجد الأقصى اندلعت احتجاجات ومواجهات واسعة بمناطق الداخل المحتل خصوصا المدن المختلطة بشكل لم يعهده الاحتلال من قبل.
واستشهد خلال الهبة فلسطينيان هما موسى حسونة من اللد ومحمد كيوان من أم الفحم، إضافة إلى عشرات الجرحى والمعتقلين، فيما لا يزال هناك حتى اليوم عدد من المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
بينما قتل خلالها إسرائيلي في مدينة اللد وأصيب آخرون، فضلا عن إحراق مركبات ومقار لشرطة الاحتلال.
فشل إسرائيلي
وأقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالفشل الأمني والاستخباري في منع الهبة قبل وقوعها أو التعامل معها.
وعقبها بأشهر نشر مراقب الكيان العام تقريرا حول إخفاقات الكيان في مواجهة تلك الأحداث خاصة على مستوى الجبهة الداخلية.
وجاء في التقرير الذي أعده المراقب "متنياهو آنجلمان" أن الشاباك والشرطة فشلا في إعطاء إنذارات مبكرة للإسرائيليين في المدن المختلطة قبيل اندلاع المواجهات وخاصة في اللد وأن أجهزة الاستخبارات فشلت في توقع الهبة التي وقعت في الداخل بالتزامن مع معركة سيف القدس في مايو من العام الماضي.
وبين التقرير أن آلاف الإسرائيليين فشلوا في التواصل مع الشرطة خلال المواجهات وذلك في ظل انهيار منظومة الرد على الاتصالات التابعة للشرطة.
كما وصل عناصر الشرطة إلى مواقع المواجهات بعد فوات الأوان ودون امتلاكهم لوسائل حماية أو وسائل تفريق التظاهرات.
وجاء في التقرير أن المواجهات في المدن المختلطة تسببت بمقتل 3 إسرائيليين وإصابة المئات من بينهم 300 عنصر شرطة ضمن 520 بؤرة مواجهات اشترك فيها نحو 6 آلاف فلسطيني من الداخل، كما جرى اعتقال 3200 شخص، 240 منهم من اليهود.
أما بخصوص الضرر المالي الذي تسببت به تلك الأحداث فأشار التقرير إلى أن الأضرار للممتلكات وصلت إلى 48 مليون شيقل، كما تضررت ممتلكات الشرطة بنحو 10 ملايين شيقل.
كما دلل التقرير على وجود خلل في توزيع عناصر الشرطة داخل المدن المختلطة وخاصة اللد وعكا حيث تم تصنيف مراكز الشرطة هناك مراكز يهودية وذلك بالنظر إلى وجود غالبية من اليهود في ظل نقص كبير في ضباط الاستخبارات من متقني اللغة العربية وأن الشرطة تقاعست عن أداء مهامها في إعداد عناصر وضباط شرطة لإتقان العربية ما صعب من مهام عملهم بشكل كبير.
ووفقاً للتقرير فقد قتل إسرائيليان في اللد خلال المواجهات وأصيب 5 في عمليات طعن في المدينة، كما أصيب 5 في أحداث إطلاق نار من خلال 16 حدث تخلله إطلاق نار من السكان، بالإضافة لإلقاء عشرات الحارقات و46 حادثة إلقاء الحجارة، كما تعرضت 350 مركبة للأضرار نتيجة المواجهات حرق منها 58 مركبة بشكل كامل.
عدم جاهزية للشرطة
وفيما يتعلق بالفشل الاستخباري في تنبؤ المواجهات، أكد المراقب في تقريره على وجود إخفاقات كبيرة بهذا الإطار؛ حيث تم التركيز الاستخباري على القدس كبؤرة للمواجهات في ظل ترقب مسيرة الأعلام في مايو 2021، إلا أن الأحداث العنيفة وقعت في مدن أخرى كاللد وعكا.
في حين يرى المراقب أن الاخفاقات الاستخبارية أضرت بمدى استعداد الشرطة وقدرتها على مواجهة الأحداث.
وجاء في التقرير ما نصه: "المنظومة الاستخباراتية لم تقدم توقعات جوهرية متعلقة بالأحداث التي اندلعت خارج القدس بشكل عام وفي المدن المختلطة على وجه الخصوص، وتركز الانتباه الشرطي على الأحداث في القدس وعانت الشرطة من فشل استخباري ونقص في المعلومات وعجز عن قراءة أحداث الشارع حتى بعد اندلاع المواجهات".
كما بين التقرير أن الشرطة كانت تعاني خلال الأحداث من ضعف منظومتها الاستخبارية في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي واعتمدت على عمليات رصد بدائية، وذلك في ظل ضعف في ميزانيتها والتي تمثلت في عدم شراء منظومة متابعة ورصد لمواقع التواصل الاجتماعي وما يدور فيها من أحداث حركت الشارع في النهاية.
وبالإضافة إلى فشل الشرطة فقد ركز التقرير على فشل الشاباك أيضاً في توقع الهبة الجماهيرية في المدن المختلطة على وجه الخصوص كما عانى الشاباك من نقص في القوى البشرية والعملاء داخل تلك المناطق ما ساهم في خروج الأمور عن السيطرة وخاصة بداية المواجهات.
وخلص التقرير إلى أن الشرطة الإسرائيلية بشكلها الحالي غير مستعدة لمواجهة أحداث مشابهة مستقبلياً وخاصة حال وقوع معركة متعددة الجبهات، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرارات جريئة في سبيل دعم النظام الشرطي في الكيان وتعزيز وتدريب قوات الاحتياط وحرس الحدود.
وانتهى المراقب بأن رسم صورة قاتمة عن نتائج المواجهات في تلك المعركة قائلاً إن فشل الشرطة والشاباك في أداء المهام الموكلة إليهما ساهما في انعدام الأمن الشخصي في أماكن المواجهات ما شكل ضربة قاسية لثقة السكان بالشرطة وبالمنظومة الأمنية برمتها.