وصلوا الساعة الثالثة فجرًا في اليوم الأول من مايو/ أيار سنة 1948، ووضعوا الأطفال تحت عشر سنوات مع المسنين والنساء على جانب، ومن هم فوق عشر سنين حتى 55 سنة على جانب آخر، هذه بعض التفاصيل الجديدة المروعة عن مجزرة "عين زيتون".
وارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة عين زيتون في القرية الواقعة شمال مدينة صفد في أراضي الـ48 المحتلة، وهي قرية مهجرة حتى اليوم.
وفي "عين زيتون" التي ارتُكبت فيها بمثل هذه الأيام ما يشهد على أن "إسرائيل" لم تكن بحاجة لما يسمى قانون إعدام الأسرى الذي أقرته بالقراءات التمهيدية بالكنيست مؤخرًا، ونفذته عمليًا بحق الأسير خضر عدنان قبل أيام، إذ أعدمت الأسرى قبل 75 عامًا، لسبب واحد وهو "أنه لا يوجد أسرى يهود في إحدى المعارك مع الفلسطينيين قرب القرية".
وضمن ملف أطلقته وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا" حول ملفات ومجازر مخفية في أرشيف الاحتلال وبعض المؤرخين، تسلط الضوء على تفاصيل مروعة حدثت بحق أهل قرية عين زيتون، التي أتم الاحتلال الإسرائيلي مجازره واحتلاله لها بالكامل في تاريخ الرابع من مايو عام النكبة.
ويُحيى أبناء الشعب الفلسطيني في هذه الأيام الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية، التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية مئات المجازر وشردت مئات الألاف قسرًا في الوطن والشتات.
وتستعين وكالة "صفا" بعدد من المؤرخين والمحامين الذين انبروا للكشف عن ملفات مخفية تكشف ما حدث إبان نكبة فلسطين، وما فعلته العصابات الصهيونية بمشاركة بعض دول الغرب وعلى رأسها بريطانيا، في خطوة لتقديم ملفات بمحافل دولية لإدانة "إسرائيل".
تفجير المسجد
ويقول المختص بالكشف عن تلك الملفات جهاد أبو ريا: "إن القائد العسكري الصهيوني والذي كان اسمه "كرمئيل"، أمر بإدخال القسم الأول في مسجد عين زيتون بالقرية وتفجير المسجد على من فيه".
يضيف "ثم حينما جاءت العصابات تدخل الشباب للمسجد، جاء أمر مما يسمى القائد "جعيم ألون"، بألا يتم إعدام الشباب في لحظتها، قائلًا: "تريثوا فمن الممكن أن يتم تبادلهم بأسرى يهود، في معركة مع الفدائيين قريبة من القرية".
ثم "جاء خبر بعدم وجود أسرى يهود في تلك المعركة، وأنه لا حاجة لهم بهم"، في إشارة إلى الشباب الفلسطينيين.
مجزرة بثلاث دفعات
وفي ذلك الحين، قسمت العصابات الشبان ثلاث أقسام: قسم بلغ حوالي 30 شخصًا، وقد حققوا معهم في جبل كنعان القريب في مركز الصهاينة، ثم أطلقوا النار عليهم وهم أسرى، في منطقة بتجاه جبل الجعونة".
وحسب أبو ريا، فإن 23 شابًا من صفد خرجوا بسبب أحداث النكبة بتجاه عين الزيتون، تم اعتقالهم، فقيدوهم وأعدموهم، بدعوى أنهم اعتقلوا أثناء عمليات مقاومة.
"ثم إن القسم الثالث بقي فيه 30 من شباب عين زيتون، وقد تم قتلهم بالوادي القريب من المسجد وهم مكبلين".
وحينما وصل النبأ للصليب الأحمر، أبلغ بأنه سيرسل محققين أممين وبريطان، للتحقق من إعدام الشباب، فأرسلت العصابات الصهيونية عدد من الجنود، لفك القيد عن أيدي المعدومين كخطوة استباقية لوصول المحققين، لكي يُقال إنهم قُتلوا خلال المقاومة، يقول أبو ريا.
ويؤكد أن المجرمين المشاركين في فك قيد المعدومين، اعترفوا ورووا ذلك عام 1950 في العديد من المحطات.
إعدام مسنين قربها
ولم تكتف العصابات الصهيونية بهذه المجازر في القرية، فدفعها تعطشها للدماء لإعدام 130 مسنًا من صفد، تواجدوا قرب عين زيتون، وذلك مطلع شهر يونيو بذات العام، أي بعد شهر من احتلال القرية وإعدام وتهجير من تبقى من سكانها.
مصادر في منظمة "الهاغاناه، روت عن المجزرة "أن إجمالي قتلى قرية عين الزيتون بلغ سبعين شخصاً"، بينما مصادر أخرى كانت تقول إن العدد أكثر من ذلك.
وكان معظم شهداء قرية عين زيتون من عائلات حميد وغريب وخطاب والشعبي وإدريس.
وجاء عن المجزرة، أن المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين وصلته شهادة الجندي المشارك فيها المدعو "أهارون يائيلي"، الذي قال مما حدث: "إن اثنين من الإسرائيليين قدموا من صفد وأخذوا 23 رجلاً من عين زيتون، وجردوهم من ساعاتهم وأموالهم، وأخذوهم إلى تل وأطلقوا النار عليهم".
وأفاد الجندي المجرم بأن من تبقى من الفلسطينيين والعرب في عين زيتون، أحياء، تم تهجيرهم ونقلهم قسرًا إلى جبل الجرمق.
وتقع قرية عين زيتون المهجرة على سفح جبل كنعان قرب الطريق الواصل بين عكا وصفد، وتقدر مساحتها بـ1100 دونم، فيما تقام على 35 دونم مساكن أهلها المهجرين حتى اليوم.