يوافق يوم الأربعاء الثالث من مايو/ أيار اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1991، في وقت تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب انتهاكاتها واعتداءاتها ضد الصحفيين الفلسطينيين.
ويعد هذا اليوم مناسبة لتعريف الشعوب بانتهاكات حق الحرية في التعبير، وكذلك كمناسبة لتذكيرهم بالعديد من الصحافيين الشجعان الذين آثروا الموت أو السجن في سبيل كشف الحقيقة، وخدمة رسالتهم المهنية ونصرة قضايا أوطانهم.
ويمثل أيضًا، تذكيرًا للحكومات بضرورة احترام ما تعهدت به من دعم للحقوق الأساسية للصحفيين وحق شعوبهم في الحصول على معلومات عن أحوال بلادهم وأحوال العالم.
واختارت "اليونسكو" الثالث من أيار/مايو للاحتفال بهذه المناسبة، إحياء لذكرى اعتماد إعلان "ويندهوك" التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة، والذي صدر خلال اجتماع للصحفيين الأفارقة في ناميبيا عام 1991.
ونص إعلان "ويندهوك" على أنه "لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال إيجاد بيئة إعلامية حرة ومستقلة، تقوم على التعددية، كشرط مسبق لضمان أمن الصحفيين، أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقًا سريعًا ودقيقًا".
وفي الوقت الذي يحتفي فيه العالم، باليوم العالمي لحرية الصحافة، يواصل الاحتلال انتهاكاته بحق الصحفيين والإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي زادت عن (174) انتهاكًا منذ بداية العام 2023، كما ارتفع عدد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال الى 19 صحافيًا.
اعتداءات ممنهجة
ويتعرض الصحفيون الفلسطينيون لاعتداءات مستمرة من قبل قوات الاحتلال أثناء تغطيتهم الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق المواطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بما يتخللها من إطلاق للنيران وقنابل الغاز السام، والضرب والدفع على الأرض، ومصادرة الكاميرا، فضلًا عن الملاحقة والاعتقال والاستدعاء والتحقيق معهم.
ولم تقتصر الانتهاكات على ذلك، بتواصل مواقع التواصل الاجتماعي حملتها الممنهجة في محاربة المحتوى الفلسطيني بالتعاون مع الاحتلال، حيث سجلت لجنة دعم الصحفيين خلال نيسان/أبريل الماضي أكثر من تسع حالات توزعت في حذف وتقييد الفيس بوك لأربعة حسابات.
وتواصل محكمة الاحتلال في القدس تأجيل محاكمة الصحفية المقدسية لمى غوشة، والتي تخضع للحبس المنزلي منذ أكثر 6 أشهر، بعد اعتقال دام عدة أيام.
ومنذ بداية العام الجاري، رصد المكتب الإعلامي الحكومي، إصابة (63) صحفيًا وصحفية برصاص قوات الاحتلال، واعتقال وإبعاد (41) صحفيًا، فضلًا عن منع (96) صحفيًا من حقهم في تغطية الأحداث على الساحة الفلسطينية، وتعرض (9) صحفيين إلى حالات اقتحام ومداهمة.
وخلال العام 2022، ارتكبت قوات الاحتلال (939) انتهاكًا بحق الصحفيين الفلسطينيين، وقتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة، والصحفية غفران وراسنة، إضافة إلى (201) إصابة، و(154) اعتقالًا، وتعرض (62) صحفيًا لحالات اقتحام ومداهمة، وحرمان (256) صحفيًا من حقهم في التغطية الإعلامية. وفق المكتب الإعلامي
ويستهدف الاحتلال الصحفيين، في محاولة لتقويض دورهم في كشف وفضح جرائمه المتواصلة بحق الفلسطينيين، وتقييد حرّيّة الرأي والتعبير.
وشكّل دور الصحفيّ الفلسطينيّ وما يزال دورًا نضاليًا خاصًا، نتيجة لكثافة العنف الذي يواجهه أثناء عمله، ومواجهته لسياسات الاحتلال التنكيلية منذ عقود، سواء عبر الملاحقة والتهديد والاعتقال.
دعوات للمحاسبة
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم، وسط دعوات فلسطينية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الصحفيين، وتنفيذ القرار (2222) الخاص بتوفير الحماية لهم، وضرورة التدخل الدولي العاجل للإفراج عن الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال.
وحذرت لجنة دعم الصحفيين، من تمادي الاحتلال في ضرب المبادئ الأساسية لحرية الصحافة بعرض الحائط، من خلال الاستمرار في انتهاكاته، دون أدنى اهتمام بما يمثله الثالث من مايو من كل عام.
وطالبت بضرورة الإفراج عن الكاتب الإعلامي الأسير وليد دقة المريض بالسرطان، قبل فوات الأوان، خاصة أن وضعه الصحي يزداد تدهورًا بسبب الإهمال الطبي المتعمد بحقه، بعد أن نقلته سلطات الاحتلال الأحد الماضي، من مستشفى "برزيلاي" في عسقلان، إلى مستشفى "سجن الرملة".
ودعت إلى ضرورة الضغط على الاحتلال للإفراج عن 19 أسيرًا في سجون الاحتلال، ورفع الحبس المنزلي على الصحافيتين المقدسيتين لمى غوشة، ورائدة جولاني، حيث تخضعان للإقامة الجبرية وفق شروط مجحفة ومنع من الاتصال والتواصل، ولا تتحركان إلا في حدود مساحة المنزل.
وأما المكتب الإعلامي الحكومي فأكد أن الاعتداءات الإسرائيلية أضعف من أن تنال من إرادة وعزيمة فرسان الإعلام الفلسطيني الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل أداء واجبهم المهني.
وطالب كل المحافل الدولية بالتدخل والمساعدة في وقف الجرائم بحق الحركة الصحفية الفلسطينية المستهدفة بالبطش، والرصاص، في سبيل الترهيب لتغييب حقيقة جرائم وعنصرية الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.
وجدد مطالبته بضرورة شطب عضوية الاحتلال من كافة المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير، وتشكيل لجنة تحقيق أممية للنظر في كافة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام.