بين الطرقات الوعرة المليئة بنبات التين الشوكي (الصبار) والعوسج الشائك، يجد عدد كبير من كاسبي لقمة العيش رزقهم عبر البحث عن نبات "الهليون" أو كما يطلق عليه شعبيًا "الحليون"، الذي ينمو داخل تلك النبات.
ويحتاج جمع هذه النبتة جهدًا كبيرًا، إذ تكون في عمق نبات التين الشوكي والعوسج، ما قد يسبب لقاطفها أذىً في الجلد وجروح.
ويُعتبر قطف النبتة الموسمية لدى سكان الريف الشرقي لمحافظة خان يونس، مصدر رزقٍ جيد في فصلي الشتاء والربيع.
ويعد "الهليون" من العائلة الزنبقية، وينمو في أوروبا، وأمريكا، والهند والمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وفي بلاد الشام بما فيها فلسطين، ويتميز بسيقانه المستقيمة التي يصل ارتفاعها إلى 150 سم ودون ذلك.
ويأتي نبات "الهليون" بثلاثة ألوان، الأبيض، والبنفسجي، والأكثر شيوعًا اللون الأخضر، وله فوائد كثيرة لاحتوائه على كثير من أنواع الفيتامينات؛ ومن فوائده، تخسيس الوزن وتحسين صحة الجهاز الهضمي، كما ويعد مصدرًا جيدًا لمضادات الأكسدة، ومخفضًا لضغط الدم.
ويقطع محمد النجار (40 عامًا)، من بلدة خزاعة الحدودية شرقي خان يونس، مع طفله مسافة لا تقل عن 10 كيلومترات على دراجة هوائية بشكل شبه يومي، باحثًا مع عدد من جيرانه وأقربائه عن النبتة الموسمية.
ويقول النجار، لوكالة "صفا"، "منذ نحو 12 عامًا أعمل في قطف تلك النبتة بموسمها، كونها مصدر رزق لنا، رغم المشقة في البحث عنها، فنسير على الأقدام مسافات طويلة من الصباح الباكر حتى مغيب الشمس".
ويضيف "هذه النبتة على وجه انقراض كُلما تم تجريف العوسج والتين الشوكي، ما يجعلني أقطع مسافة من بلدة خزاعة يوميًا إلى شوارع وبلدات خان يونس الشرقية ورفح كذلك، للبحث عنها، لأعود في نهاية اليوم بخمسة كيلوجرامات وأحيانًا نصل إلى عشرة كيلوجرامات، لأنني أحاول الذهاب لمناطق لا يذهب إليها أحد، فهناك العشرات أمثالي يبحثون عنها".
ولم يخفِ النجار مشقة البحث عن النبتة وخطورتها، ويقول بينما يشير إلى يده ووجهه: "أتسلل إلى داخل العوسج بجسدي أو أمد يدي حتى أعثر على النبتة، ويتسبب ذلك بجروح في يدي وفي وجهي أحيانًا حتى أنها خدشت عيني في إحدى المرات، ما اضطرني لشراء قفازات جلدية متينة، لتقليل نسبة الضرر".
ويتابع النجار "في نهاية اليوم نعود مُنهكين جدًا على متن الدراجة قاطعين مسافة مماثلة لتلك التي قطعناها صباحًا، ونذهب بالكميات إلى التجار أو الباعة في السوق لبيعها لهم".
ويصل ثمن الكيلو الواحد من النبتة الموسمية وفق النجار، ما بين 10-15 شيكلًا (الدولار = 3.65 شيكل).
أما الطفل أنس مرزوق، الذي لا يتعدى عمره 13 عامًا، فهو الآخر يقطع على دراجته الهوائية وقدميه أحيانًا، مسافة خمسة كيلومترات بحثًا عن نبات "الهليون"، في قرى ريفية غربي محافظة خان يونس.
ويقول مرزوق، لوكالة "صفا"، "الهليون مصدر رزق بالنسبة لي، فأذهب للعمل مع مجموعة من الأقارب، خاصة في ساعات الصباح الباكر قبل الذهاب لمدرستي، أوفر المصروف الشخصي لي، من خلال جمع ثلاثة أو خمسة كيلوجرامات، وبيعها للجيران، خاصة أن هناك طلبًا عاليًا عليها، ويتم توصيتي مسبقًا عليها".