كسابقاته في طابا وشرم الشيخ؛ تشارك السلطة الفلسطينية في اجتماع أمني بمدينة العقبة الأردنية برعاية أمريكية ودعم مصري أردني.
وتبرر السلطة مشاركتها في ذلك الاجتماع المزمع عقده اليوم، بـ"الحرص على وقف مجازر الاحتلال، ووقف إجراءاتٍ أحادية الجانب، بما يؤسس للعودة للالتزام بالاتفاقيات الموقعة، وخلق أفق سياسي يؤدي لإنهاء الاحتلال، والحد من استباحة المقدسات وعربدة المستوطنين".
لكن يرى مختصان في الشأن السياسي يعتقدان أن أهداف وأجندات اللقاء، تختلف كليًا عما تدعيه السلطة؛ وخصوصًا بعد تصاعد عمليات المقاومة المسلحة وظهور مجموعات للمقاومة في مختلف المحافظات.
فالمختص في الشأن السياسي ياسر مناع يقول لـ"صفا" إن الاجتماعات الأمنية والاتفاقات الناتجة عنها تصب في مصلحة واحدة وهدف واحد وهو القضاء على المقاومة، وأن بنود ومضمون جميع الاتفاقيات الموقعة من أوسلو حتى اليوم تصبّ في ذات المضمون.
ويضيف مناع أن مجمل الاتفاقيات كانت مصيرها الفشل، رغم بعض فترات الهدوء التي كانت تؤجل العمليات والمواجهة بعض الشيء.
ويشير إلى عوامل نجاح أو فشل الاتفاقية وإفرازاتها، وتتمثل بردة فعل الشارع الفلسطيني على الأرض، أو حدوث عمل أمني تقوم به الفصائل يؤدي ردة فعل إسرائيلية أو العكس.
ويرى المختص أن مشروع السلطة واضح لم تعد تخفيه وهو استمرار التنسيق الأمني ورفض المقاومة، والاستمرار في خيار المفاوضات حتى في حال فشل هذا الخيار.
ويكشف مناع أن مثل هذه اللقاءات، هي "محاولات أمريكية عربية لدعم السلطة التي بدأت تفقد شرعيتها في الشارع الفلسطيني وتعزيزها وتقويتها".
ويقول إن "إسرائيل تنظر إلى السلطة على أنها وكيل أمني ونظام إداري لإدارة شؤون الفلسطينيين، ووجود السلطة خفض تكلفة الاحتلال، بمعنى أن إسرائيل في مراكزها البحثية تكثر الحديث عن مرحلة ما بعد محمود عباس".
وأشار إلى أن الشخصيات التي تشارك في لقاء العقبة ممثلة للسلطة، هي الأسماء المطروحة لما بعد عباس، فلا يستبعد أن تكون مثل هذه الاجتماعات للتحضير لمرحلة ما بعد الرئيس".
وحول الأجندة المطروحة في اللقاء، يبين مناع أنها لا تتعدى إنهاء ظواهر المقاومة، وتحديدا في جنين ونابلس، وحصول السلطة على بعض الامتيازات، كتقليص دخول جيش الاحتلال إلى بعض المدن وإفساح المجال للسلطة كي تعمل داخل المدن، وإعادة بعض أموال المقاصة التي تم اقتطاعها، ولم شمل بعض العائلات.
ويستبعد مناع أن تحصل السلطة على امتيازات جوهرية ذات قيمة، وخصوصًا في ظل تشكيلة حكومة الاحتلال الحالية.
رضوخ
بدوره، يقول المحلل السياسي سامر عنبتاوي لـ"صفا" إن اقتحام نابلس بهذه الصورة وقتل المسنين والأطفال في لحظة اكتظاظ السكان وجرح العشرات، يوحي بهجمة إسرائيلية واضحة تستهدف القضية الفلسطينية بالكامل.
ويلفت إلى أن التحضيرات للقاء العقبة والتفاهمات الأمنية التي سبق ورشح عنها قبل أيام، كانت نتيجته ما حصل في نابلس.
ويكمل قائلاً: "هاجم المستوطنون أمس القرى والبلدات وأطلقوا الرصاص الحي وأحرقوا المركبات، ولذلك ليس مفهومًا مشاركة السلطة في هذا اللقاء الذي يعتبر تكريسًا للهيمنة الإسرائيلية".
وبحسب المحلل، فإن الاحتلال يسعى لتكامل المشروع الصهيوني بدعم الاستيطان وتحويل منطقة الضفة لمحافظة إسرائيلية وتسليمها للداخلية الإسرائيلية.
وعن الرعاية الأمريكية للقاء، يوضح عنبتاوي أن الأمريكيين هم شركاء للاحتلال، ولا يجوز أن يكونوا وسطاء في أية ترتيبات، لأنها ستصب في مصلحة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، وسيمنع الشعب حتى من رفض عمليات القتل.
ويتطرق إلى أن أجندات اللقاء لا تتعدى بعض المغريات المادية والتسهيلات وتقوية الأجهزة الأمنية، وبعض الدعم السياسي للسلطة، في مقابل تعهد السلطة بتهدئة الأمور ولجم أعمال المقاومة بالكامل.
ويؤكد عنبتاوي أن لقاء العقبة لا يتعدى فخًا للفلسطينيين والذي قد ينتج عنه نوعا من الصراع الداخلي الفلسطيني الذي قد يتحول لحربا أهلية، جراء الصدام بين المزاج الشعبي والمقاومة من جهة وبين توجهات السلطة الرسمية من جهة أخرى.