والديمقراطية فصيل ماركسي متأثر بالفكر الشيوعي نتج عن الانسلاخ الفكري بين الماركسيين والقوميين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سنة 1969، ويتزعمها نايف حواتمة منذ تأسيسها.
التأسيس
وبرزت خلافات فكرية وسياسية داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد أسابيع قليلة من انعقاد مؤتمرها بأغسطس 1968.
وفي 22 شباط/فبراير 1969، أعلن بيان صادر عن "الجناح التقدمي" داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الانشقاق عنها، وقطع كل علاقة تربطه بـ "حركة القوميين العرب" والعمل بصورة مستقلة تحت اسم "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين".
وفي النصف الأول من حزيران/يونيو 1969، انضمت إلى "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين" منظمتان يساريتان صغيرتان هما:" المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين" و "عصبة اليسار الثوري الفلسطيني"، كما انضم إليها في سنة 1972 بعض قياديي "الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين" التي انشقت عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
واستمرت الجبهة تعمل تحت اسم "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين" إلى سنة 1975 عندما تقرر أن تحمل اسم "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين". وكان من ضمن القياديين المؤسسين لها كلٌ من نايف حواتمة، الذي شغل منصب أمينها العام منذ تأسيسها وإلى اليوم، وعبد الكريم حمد (أبو عدنان)، وقيس عبد الكريم (أبو ليلى)، وفهد سليمان، ومحمد كتمتو، وتيسير خالد، وهشام أبو غوش، وعلي فيصل، وصالح زيدان، وتيسير الزبري.
كما كان من ضمن مؤسسيها ياسر عبد ربه، وصالح رأفت، وممدوح نوفل وعصام عبد اللطيف، الذين انشقوا عن الجبهة في سنة 1990، نتيجة خلافات سياسية وفكرية وتنظيمية، وشكّلوا تنظيماً مستقلاً باسم "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين-التجديد والديمقراطية"، الذي صار يحمل، منذ نيسان/أبريل 1993، اسم "الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني" (فدا).
وانفصل حواتمة عن "الشعبية"، لأنها أضحت بنظره تحت قيادة جورج حبش تركز كثيرًا على قضايا الكفاح المسلح وحده وهو يريد توجهًا يركز على تقوية أيدولوجيتها والاهتمام أيضًا بقضايا الكفاح العسكري المسلح.
الفكر السياسي
وعارضت الديمقراطية جميع الحلول السلمية، وقرارَي مجلس الأمن الرقمَين 242 و338، واتهمت كلَّ الدول العربية، التي تسير في ركب الحلول السلمية، بالتواطؤ والعمالة.
وتبنت استراتيجية الحرب الشعبية الطويلة الأمد، المستندة إلى ثلاثة أعمدة، هي: الكفاح المسلح، النضال السياسي، والنضال الجماهيري.
وعارضت فكرة الدولة الفلسطينية، المقترح إنشاؤها على جزء من أرض فلسطين؛ ورأت أنه لا يشكل حلاً جدياً، ولا يفي بحقوق الشعب الفلسطيني، وأكدت أن الحقوق القومية لشعب فلسطين لن تُستَوْفي كاملة، إلا عند سحق الكيان الإسرائيلي، وتحرير كامل التراب الوطني.
وعانت الجبهة من انخفاض في شعبيتها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي والصعود المتوالي للحركات الإسلامية وانتقال الصراع إلى داخل الأراضي الفلسطينية.
العمل العسكري
وشكلت الديمقراطية خلال تأسيسها جناحًا عسكريًا أطلقت عليه "القوات المسلحة الثورية"، ومع اندلاع الانتفاضة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي نشأ جناح يعرف باسم "قوات النجم الأحمر" وأصبح ينفذ أغلب العمليات.
وعارضت اتفاقية "أوسلو" ولا زالت، وخففت من أعمالها العسكرية منذ ذلك الوقت رغم معارضتها إياها، ونفذت عمليات فدائية خلال انتفاضة الأقصى أبرزها مهاجمتها لموقع عسكري إسرائيلي بقطاع غزة في 25 أغسطس 2001 في عملية أسفرت عن مقتل 7 جنود إسرائيليين وجرح 7 آخرين.
وإثر اندلاع انتفاضة الأقصى أعادت الجبهة تنظيمها العسكري الذي أصبح يحمل اسم "كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية".
وكانت "كتائب المقاومة الوطنية" من أبرز الأجنحة العسكرية تنفيذًا للعمليات داخل المستوطنات، بتنفيذه عديد العمليات العسكرية مثل عملية الون موريه، وايتمار ومستوطنة الحمراء وعملية وادي السلقا والطريق إلى فلسطين.
وقدمت الجبهة عديد الشهداء وعلى رأسهم خالد نزال وهو من أبرز قادتها، والشهيد عمر القاسم وهو أحد المؤسسين وارتقى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
النظام الداخلي
ويتكوّن تنظيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من منظماتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، وفي أقطار اللجوء العربية وفي البلدان الأجنبية التي تقيم فيها جاليات فلسطينية لأغراض العمل أو الدراسة.
ويعتمد بناؤها التنظيمي مبدأ "المركزية الديمقراطية"، ويقوم على وحدات قاعدية ضمن منظمات محلية، تتشكّل على أساس جغرافي، قطاعي، ومهني، وتعمل في إطار منظمات أقاليم تقودها لجان منتخبة من مؤتمرات الأقاليم.
ويتشكّل المركز القيادي للجبهة الديمقراطية من المؤتمر الوطني العام، وهو أعلى سلطة سياسية وتشريعية في الجبهة ينعقد كل 4 إلى 5 سنوات، ويتكوّن من مندوبين منتخبين عن مؤتمرات منظمات الجبهة في الأقاليم والفروع؛ والكونفرانس الوطني العام الذي يتمتع بصلاحيات المؤتمر الوطني نفسها وينعقد للبحث في نقاط محددة كلما اقتضى الأمر بقرار من اللجنة المركزية؛ واللجنة المركزية، التي ينتخبها المؤتمر الوطني العام، بصفتها الهيئة القيادية الأولى في الفترة ما بين انعقاد مؤتمرين، وهي تنتخب الأمين العام وأعضاء المكتب السياسي، وهو الهيئة التنفيذية العليا المناط بها تطبيق قرارات اللجنة المركزية؛ ولجنة الرقابة الحزبية المركزية التي ينتخبها المؤتمر الوطني العام وتتحدد مهامها في الإشراف على الالتزام بالنظام الداخلي.
وينشط منتسبو الجبهة الديمقراطية وأنصارها في المجتمع المحلي عبر المنظمات الديمقراطية الجماهيرية والمهنية، وهي أطر مستقلة تستقطب أعضاءها على أساس برنامج عملها المعلن، منها "كتلة الوحدة العمالية"، و"اتحاد لجان العمل النسائي"، و"اتحاد الشباب الديمقراطي"، وتجمعات المعلمين والموظفين والمهنيين...إلخ.