ظهرت قبل أيام صدوع وتشققات في مبان أثرية ومقدسات في العديد من القرى التاريخية المهجرة، بأراضي الـ48 على أثر الزلازل التي شهدتها المنطقة تباعًا، عقب زلزال تركيا وسوريا الأخير، ما جعل هذه الأماكن عرضة للانهيار في أي لحظة.
وضرب زلزال بقوة 6.3 درجة جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية مساء الإثنين، ما تسبب في حالة من الذعر وإلحاق المزيد من الأضرار بالمباني بعد أسبوعين من أسوأ زلزال تشهده البلاد في التاريخ الحديث والذي أودى بحياة عشرات الآلاف.
وشعر بالزلزال القوي، الذي تلته هزة ثانية بقوة 5.8 درجة، سكان فلسطين وسوريا ولبنان ومصر وبعض مناطق العراق.
وتفتح هذه الحوادث تساؤلاً حول عن مدى تأثير وقوة الزلازل على المقدسات والأماكن الأثرية في الداخل الفلسطيني المحتل، وهو ما يجيب عليه خبير، بالجزم بـ"نعم".
إلا أن الأخذ بعين الاعتبار أن التهميش ومنع التدعيم التي تقف من وراءها سياسة سلطات الاحتلال، عوامل أولى وقوية مساعدة للعوامل الطبيعية في تدمير هذه الأماكن أو تضررها.
تشققات وانهيارات
وتُعد الأماكن الأثرية والمقدسات في بلدات الداخل الفلسطيني عامة، عرضة لخطر الانهيار بسبب الزلازل، إلا أن تلك الواقعة على خط الزلزال الأسيوي الإفريقي أكثرها عرضةً للخطر، حسبما يؤكد الخبير بالآثار والمقدسات سليمان فحماوي.
ويقول فحماوي لوكالة "صفا": "إن 95% من القرى الفلسطينية المهجرة في أراضي الـ48 تم هدمها، فيما لا زال فيها مساجد وأماكن أثرية ومقدسات حتى اليوم".
ويضيف أن التأثير عليها بالزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة مساء الإثنين العشرين من فبراير، وارد، سيما وأنه قبل أيام تم اكتشاف تصدعات وشقوق في مساجد تاريخية على أثر زلزال تركيا وسوريا وتلك التي تبعته".
وحسب فحماوي، فإن مسجدًا في طبرية وكنيسة في صفد وأخرى في قرية البصة، أصيبت قبابها ومبانيها بالتشققات على أثر تلك الهزات الأرضية.
ويعزي ذلك إلى "أنها تقع على الحدود اللبنانية السورية، وبالتالي فإن أي زلزال في تلك المناطق، سيؤثر كما أثر حتمًا عليها".
سياسة الاحتلال
وتمنع "إسرائيل" ترميم أو تدعيم أي من المباني الأثرية والمقدسات التاريخية الموجودة في تلك المناطق، مع العلم أن عمر معظمها يعود لما قبل 80 عامًا.
ويشدد على أن سلطات الاحتلال تنظر إلى ترميم وتدعيم أو حتى زيارة هذه الأماكن والتصرف فيها أو استخدامها، على أنه عودة إليها، بالتالي فإن أسباب المنع سياسية بحتة.
ويوضح أن كل المباني التي بُنيت قبل عام 1989 هي عرضة للانهيار والدمار بسبب العوامل الطبيعية كالأمطار والرياح، فكيف الحال بالزلازل، التي تحدث بين سنوات وأخرى بتلك المناطق.
وتأثرت مناطق ما يسمى "خط الزلزال الإفريقي الأسيوي"، الذي يمر من إيلات وبيسان وطبرية وصفد، بالعديد من الزلازل التي حدثت في تلك المنطقة، خصوصًا التي وقعت في الأعوام 1997، وعام 2000، وسابقًا الزلزال المدمر الذي حدث عام 1936، يقول فحماوي.
بالتالي-يكمل فحماوي- فإن هذه الأمان تشققت وتأثرت سابقًا بالزلازل، ومنها مساجد كمسجد الزيداني والسوق في طبرية، ومسجد الفاروقي في بيسان، وهذا الأخير ظهرت تشققات فيه بشكل واضح خلال الزلزال الأخير.
كما شهدت أسقف وجدران العديد من المبان الأثرية بهذه القرى انهيارات نتيجة الزلازل الأخيرة.
الخطر القادم
ويجزم أنه وإلى جانب الأماكن الأثرية والمقدسات، فإن مجمل البيوت والمباني القديمة السكنية أيضًا، ستكون عرضة للانهيار والتشقق على الأقل تحت تأثير الزلازل، والأمر يسري على كل هذه المباني في فلسطين المحتلة، وخاصة في المدن المختلطة حيفا ويافا وعكا واللد والرملة.
ويكشف عن أن 150 ألف مبنىً في أراضي الـ48 مهددة بالهدم في حال ضرب أي زلزال المنطقة، على غرار زلزال تركيا وسوريا، مشيرًا إلى أن هذه المباني قديمة مقامة منذ الخمسينات.
ويحذر من أن المباني العالية قد تشكل خطرًا، فيما يمكن السيطرة على الخطر الذي قد تُحدثه انهيارات المباني المنخفضة، من حيث الخسائر البشرية.
ويقول: "إن أي زلزال سيضرب المنطقة، بنفس قوة زلزال تركيا وسوريا، سيكون مدمرًا لهذه الأماكن، ولن يستثني المقدسات والأثرية منها ولا تلك السكنية".
وبالرغم من تحذيراته السابقة، إلا أن فحماوي يرى بأن الخطر الأكبر والذي يجب أن يتنبه إليه الجميع، هو ما يمكن أن تحدثه الزلزال بالمسجد الأقصى المبارك، الذي أصبح أسفله شبه فارغ، ومليء بالحفريات الإسرائيلية التي تزعزع أساساته والمنطقة المحيطة به.