ناقش المنتدى السنوي لفلسطين في ختام أعمال الدورة الأولى التي استمرت على مدار 3 أيام في العاصمة القطرية الدوحة، مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، والتصور المستقبلي لإعادة بناء الحركة الوطنية، وإعادة الزخم لمشروع التحرر في ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
واستهلت الجلسة الختامية، الإثنين، التي سيرها كل من المدير العام للمركز العربي، الدكتور عزمي بشارة، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الدكتور طارق متري، بكلمة للأسير مروان البرغوثي قرأتها على المنتدى زوجته فدوى، وكذلك بنقاش حول مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.
وشارك في النقاش أكاديميون وصحافيون وناشطون، تطرقوا لعدة من القضايا والأسئلة حول مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، في ظل حالة التفكك والانقسام، وغياب أدوار الأحزاب التقليدية، والمشاركة السياسية العامة، لحساب التفرد بالسلطة في منطقتَي الانقسام بالضفة الغربية وقطاع غزة.
الوحدة وإصلاح المنظمة
ودعا الأسير البرغوثي في رسالته إلى إنهاء حالة الانقسام والإسراع لإتمام المصالحة، وإلى تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، لتضم مختلف الفصائل وبضمنها حركتي حماس والجهاد، وكذلك صياغة رؤية مستقبلية لمشروع التحرر الوطني للفلسطينيين في كل أمكان تواجدهم.
وشدد البرغوثي في رسالته على أهمية مثل هذا المنتدى، وعبّر عن شكره لدعوة المشاركة التي تمنحه فرصةً لاختراق أسوار السجن، والتعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني ومجتمع الأسرى.
وأشار البرغوثي إلى أن الخطوة الأولى للإجابة عن سؤال ما العمل للخروج من المأزق الوطني وتحقيق المشروع التحرري المتمثل في هزيمة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، تبدأ بتشخيص الواقع، كما بيّنت الأوراق المقدّمة في المنتدى وورشات العمل.
وسلط البرغوثي الضوء على تحديات رئيسة ينبغي الانتباه إليها فلسطينيا، والعمل على تجاوزها لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، هي تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده رفضًا للتجزئة الاستعمارية، ومحاولة فرض التمييز ضد الفلسطينيين، من خلال تأسيس المؤتمر الفلسطيني العالمي، ليكون إطارا وطنيا جامعا.
وشدد البرغوثي في رسالته للمنتدى على ضرورة مراكمة وعي وثقافة وطنية تحررية قادرة على مقاومة التجزئة، وتعريف المشروع الصهيوني على أنه استعمار استيطاني إحلالي مركب، بهدف بناء الوسائل المناسبة لهزيمته وتفكيكه.
كما شدد على أهمية التأكيد على البعد القومي العربي والبعد التحرري الإنساني العالمي للقضية الفلسطينية على نحو واضح غير ملتبس، وضرورة التمسك بالمقاومة الشاملة من دون التخلي عن أي وسيلة، واستمرار المقاومة اليومية للشعب الفلسطيني، وإعادة عقد الانتخابات، وإعادة النظر في وظائف السلطة، وإعادة بناء الحركة الوطنية لتشمل حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، وتكريس مبادئ الديمقراطية وقيمها وسيادة القانون بوصفها ركيزة مستقبل المشروع الوطني.
النهوض بالمشروع الوطني
بدوره، أوضح بشارة في مداخلته أن المنتدى السنوي لفلسطين، هدَف إلى ملء الفراغ في الحالة الفلسطينية والتشبيك بين الباحثين والأكاديميين من أجل النهوض قدما بالمشروع الوطني الفلسطيني، الذي يأتي ضمن أهداف الحركة الوطنية والشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن المشروع الوطني الفلسطيني يواجه الكثير من التحديات لدرجة إضاعة الطريق وفقدان البوصلة حتى ما قبل اتفاقية أوسلو، مشيرًا إلى أن الشروخات والانقسام، عمقت من أزمة وحالة الضياع التي تعصف بالمشروع الوطني، لافتا إلى محاولة بعض الجهات تكرار المسار السياسي، من أجل التغطية على غياب المشروع الوطني الفلسطيني. وعليه، أوضح بشارة أن إطلاق المنتدى الذي سيكون سنويا، يأتي في سياق بحث كيفية إعادة بناء المشروع الوطني، وذلك من خلال المبادرات، والأوراق البحثية، والدراسات، والمناقشات، التي تؤسس لمرحلة صياغة ما يجب أن يكون عليه المشروع الوطني، الذي ينطلق من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق الجماعية، والحق في التحرر وتقرير المصير والاستقلال.
واختتم المنتدى جلساته وورش العمل التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في استعراض قضية فلسطين في الخطاب الإعلامي العربي والغربي، ومناقشة مقاربات نقدية لتاريخ فلسطين، إلى جانب مناقشة مجالات بحثيه في كتابة التاريخ الفلسطيني، وجوانب من التاريخ المغيب للمدينة الفلسطينية.
التطهير العرقي
وانعقدت الجلسة السادسة للمنتدى في مسارات فرعية متوازية، حيث ترأست د. آيات حمدان جلسة عنوانها "الاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي واللغوي"، وقد شارك في الجلسة 3 باحثين، حيث استعرض نزار أيوب، في مداخلته التطهير العرقي كأداة لترسيخ نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري في مدينة القدس، بينما سلطت لينا أوبرماير في كلمتها الضوء على الإقعاد والإيهان خلال مسيرة العودة الكبرى في غزة، خلال الأعوام 2018 و2019، فيما تناول ساول ج. تاكاهايش، الحقوق اللغوية لفلسطيني الـ48.
وفي الجلسة التي أتت بعنوان "حالات فلسطينية من منظور الجندر"، والتي ترأستها فردوس العيسى، تناولت ها باو نجان دونغ، في محاضرتها "ممنوع اللعب في ظل الاستعمار الصهيوني"، "الأخوات السريعات"، بينما جادلت كميليا إبراهيم-دويري في ورقتها حالة العزاب الفلسطينيين في إسرائيل، بين المنظومة البطريركية والاضطهاد الإسرائيلي.
وفي ورقة مشتركة لكل من سهاد ظاهر-ناشف وعرين هواري، تم استعراض التجربة المعيشة للنساء الفلسطينيات من المناطق المحتلة عام 1967 المتزوجات والمقيمات داخل أراضي الـ48، ومعاناة الأسر الفلسطينية جراء سياسة "إسرائيل"، بمنع لم شمل العائلات الفلسطينية على جانبي الخط الأخضر.
وتحت عنوان "فلسطين: جوانب تاريخية"، ناقشت الجلسة التي أدارها عصام نصار، المحطات التاريخية للشعب الفلسطيني والحقب التاريخية التي مرت على فلسطين، من خلال المحاضرة التي قدمها محمد مرقطن، الذي استعرض من خلالها قضية التحرر من سردية علم الآثار التوراتية في كتابة تاريخ فلسطين القديم.
وناقشت الورقة التي قدمها بلال شلش تحت عنوان "اختزال أو ما كنش فيه"!، الروايات الشفوية مصدرا غائبا للتأريخ العسكري لحرب فلسطين 1947-1949. وفي السياق، استعرض محمد عثمانلي في ورقته "الطامعون في عطف ظله الهاميوين"، حدود تصور البيروقراطية العثمانية للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين بين الأعوام 1876-1904.
وبرئاسة محمد أبو زينة وحيدر سعيد، انعقد المسار الأخير للجلسة السادسة، بمحاضرتين متوازيتين، الأولى بعنوان "الاستعمار الاستيطاني والتأثير في البيئة والزراعة في فلسطين"، استعرضت خلالها خلود العجارمة زراعة التبغ في فلسطين، كنموذج لصراعات المزارعين الفلسطينيين على ملكية الأرض، في سياق الاستعمار الاستيطاني، بينما تناولت روان ساممرة في مداخلتها، قضية المحميات الطبيعية والحدائق الوطنية، كنهج للبناء الاستيطاني والسيطرة على الحيز الفلسطيني، كما استعرضت ياسمين قعدان في محاضرتها معاني البيئة من لغة المعرفة المحلانية في مسارات حركة الفلّاح الفلسطيني.
وعن "فلسطين في الخطاب الأدبي"، ناقش حيدر سعيد المسيّر للجلسة، مع أسعد الصالح، ورقته التي كانت بعنون "امرأة فلسطينية تبحث عن مكان"، والتي تناول من خلالها سيرة ومسيرة ورحلة فدوى طوقان الجبلية، فيما تحدث عبد الرحمن أبو عابد في مداخلته التي كانت بعنوان "مرايا الغريبة"، عن المكان والزمان وأسئلة الذات في السيَر الذاتية، بينما سلّط حسني مليطات، الضوء في ورقته البحثية على تمثيل القضية الفلسطينية في الخطاب الاستشرافي الإسباني المعاصر.