وصلت حالة الاحتقان الحزبية والسياسية في الكيان الإسرائيلي إلى مستويات غير مسبوقة من العداء والتحريض المتبادل، وسط تحذيرات داخلية من تفاقم الأزمة وصولًا إلى "حرب أهلية".
ويرى مراقبون للشأن الإسرائيلي أن حالة الاحتقان الشديدة داخل الكيان تهيئ الأرضية لاغتيال سياسي كما حصل مع رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين في تسعينات القرن الماضي.
ودعت الأزمة زوجة رئيس الوزراء الأسبق "نفتالي بينيت" إلى التحذير من اقتراب الكيان من جريمة سياسية توازي اغتيال رابين.
وقالت زوجة "بينيت"، وفق ترجمة وكالة "صفا"، إن: "مستويات العداء وصلت حدًا غير مسبوق؛ ما يهيئ الأرضية للتصفيات السياسية".
وتفاقم الاحتقان الداخلي بعد إعلان المعارضة، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق "يائير لبيد"، عزمها تنظيم "أضخم" تظاهرة منذ سنوات في شوارع "تل أبيب"، للاحتجاج على التغييرات التي ينوي الائتلاف الحكومي اليميني إحداثها في النظام القضائي.
ولاقت الدعوات هجومًا من أقطاب اليمين، إذ دعا وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير شرطة الاحتلال إلى اعتقال من يتورط بقطع الطرق، ومنع رفع الأعلام الفلسطينية.
لكن شرطة الاحتلال ردت على الدعوة بقولها إن هناك تناقضًا بين قرار اعتقال قاطعي الطرق ونصوص أخرى من القانون، مشيرة إلى أنه لا يمكنها اعتقال المتظاهرين أو إزالة الأعلام إلا في "حالات شاذة".
كما دعا عضو الكنيست اليميني "تسفيكا فوغل" إلى اعتقال قادة المعارضة بتهمة الخيانة في أعقاب دعوتهم للتظاهر ضد الحكومة الجديدة.
وقال "فوغل" المرشح لرئاسة لجنة الأمن الداخلي في الكنيست عن حزب "القوة اليهودية" التي يتزعمها "بن غفير"، في حديث لقناة "كان 11" إنه يتوجب اعتقال بيني غانتس، ويائير لبيد، ويائير غولان، وموشي يعلون، بتهمة الدعوة للتمرد على الحكومة، مشيرًا إلى أن هؤلاء أخطر أربعة أشخاص في الكيان.
وعندما سُئل عن مسوغات اعتقالهم، ذكر "فوغل"، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن الأربعة يدعون لحرب أهلية، وينظرون للحكومة اليمينية كعدوة للمشروع الصهيوني، "وبالتالي خانوا وطنهم ويتوجب اعتقالهم".
المعارضة تحذّر
في المقابل، عقب زعيم المعارضة يائير لبيد على تصريحات "فوغل" بقوله إن: "إسرائيل تتدحرج نحو دول العالم الثالث، وستبدأ باعتقال قادة المعارضة".
كما دعا قائد أركان جيش الاحتلال السابق "غادي آيزنكوت"، المتطرف "فوغل" إلى التراجع عن تصريحاته الخطيرة، مؤكدًا أن "الدعوة لاعتقال قادة المعارضة تنسف قيم الديمقراطية"، على حد قوله.
وأمام حالة الاحتقان الشديد، دعا "بن غفير" أقطاب حزبه إلى تهدئة الأمور وعدم استخدام عبارات تُهيّج الشارع على الحكومة اليمينية، بعد دعوات أقطاب حزبه لاعتقال قادة المعارضة ومواجهة التظاهرات بقوة.
أما رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو فدان الدعوة لاعتقال قادة المعارضة، لكنه اتهم في الوقت نفسه المعسكر الآخر بالتحريض الدائم على حكومة اليمين وعدم احترام خيار الشعب.
ولعبت تشكيلة الحكومة اليمينية المتطرفة دورًا مهمًا في حالة الانقسام الداخلي الآخذة بالتصاعد، بعد المحاصصة في توزيع الحقائب بين أقطاب اليمين، وسط تحذيرات من تأثيرها على استقرار جيش الاحتلال.
وحذر قائد أركان الجيش "أفيف كوخافي"، الذي سيُسلّم منصبه لـ"هرتسي هليفي" بعد منتصف هذا الشهر، من خلق واقع يكون فيه رأسين لجيش الاحتلال.
وأكد "كوخافي"، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن ذلك "سيمس بقدرة الجيش على اتخاذ القرار في المكان والزمان المناسبين".
وأشار إلى أن "وجود وزير في مكتب وزير الجيش وجعله مسؤولًا عن الإدارة المدنية والمنسق سيسهم في شق صف الجيش ويحوله إلى جيش متعدد الرؤوس".
وأكد كوخافي أنه سيخضع لتعليمات وزير الجيش فقط ولن يخضع لتعليمات وزير آخر، في إشارة للوزير في وزارة الجيش "بتسليئيل سموتريتش" الذي جرى تعيينه مؤخرًا بهذا المنصب المستحدث.