تشكل حالة التعبئة الشعبية وتكثيف الرباط اليومي والدائم في المسجد الأقصى المبارك الوسيلة الأنجع للدفاع عن المسجد، وإفشال كل مخططات حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة ومنظماتها المتطرفة، والتي تسعى إلى تنفيذها على أرض الواقع في المسجد المبارك.
وفي خطوة مفاجئة، اقتحم وزيرً الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، صباح يوم الثلاثاء، المسجد الأقصى، بحماية مشددة من شرطة وضباط الاحتلال، رغم تحذيرات فلسطينية مسبقة من الإقدام على هذه الخطوة، التي لاقت استنكارًا فلسطينيًا وعربيًا واسعًا.
ويرى مختصون في الشأن المقدسي أن الدفاع عن الأقصى يبدأ بالتعبئة واستثمار الحالة الشعبية عبر التحشيد وتكثيف الرباط والتواجد اليومي في ساحاته، وجعل ذلك برنامج عمل أساسي لأهل القدس والداخل الفلسطيني المحتل، ولكل من يستطيع الوصول للمسجد.
خطوة استفزازية
المرابطة المقدسية هنادي الحلواني تقول، "إن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى يمثل خطوة استفزازية، فهو يريد التصعيد والاستفزاز منذ البداية، وخاصة بعد حملة الخداع والتضليل التي قادها الإعلام العبري، والتي اتسمت بالمراوغة والكذب".
وتوضح الحلواني لوكالة "صفا"، أن بن غفير استغل فترة خلو المسجد من المرابطين والمصلين، ونفذ الاقتحام في الجولة الأولى، وسط تشديدات إسرائيلية على أبوابه وتضييق على دخول المصلين إليه، ومنع عدد من الشبان والنساء من الدخول لأداء صلاة الفجر، استعدادًا لتأمين الاقتحام.
ولهذا الاقتحام ما بعده، كما تقول الحلواني، "لأن بن غفير أراد أن يرى ردة فعل المقدسيين والفلسطينيين إزاء ما جرى اليوم، وخاصة كما حدث أثناء إحراق المسجد الأقصى عام 1969".
وتؤكد أن المطلوب فلسطينيًا عدم السكوت والرضوخ لما يحدث في المسجد الأقصى، بل لابد من ردة فعل حازمة للدفاع عن المسجد ومواجهة كل مخططات الاحتلال والمستوطنين.
ودعت المرابطة الحلواني، المقدسيين إلى تكثيف الرباط الدائم وشد الرحال إلى الأقصى، كونه أصبح بعد تسلم بن غفير منصب وزير الأمن القومي في خطر أكبر من ذي قبل.
تطور خطير
وأما رئيس مركز القدس الدولي، الخبير في الشأن المقدسي حسن خاطر، فيرى أن اقتحام بن غفير كوزير للأمن القومي، الأقصى يشكل تطورًا خطيرًا، لأنه كان معنيًا أن يفعل هذه الخطوة كي يفي بوعوده الكثيرة التي تحدث بها لأتباعه المتطرفين على مدار الأيام الماضية.
ويضيف خاطر، في حديثه لوكالة "صفا"، أن "بن غفير أراد من خلال اقتحام الأقصى اليوم، ترجمة هذه الوعود على الأرض، كي يقول، "إن هناك تغيرات في علاقة اليمين المتطرف بالمسجد المبارك".
والخطورة، كما يقول خاطر، "ماذا يمكن أن يفعل بن غفير بعد هذا الاقتحام، هل ستقف الأمور عند هذا الحد أم سيذهب باتجاه تنفيذ مطالب جماعات الهيكل التي تقدمت بها لمفوض شرطة الاحتلال بشأن المسجد الأقصى؟ إن ذلك يشكل تحديًا جديدًا للمسجد، وما الذي يمكن أن بفعله بن غفير".
وبنظره، فإن هذه الجريمة الجديدة ستؤدي لاستفزاز الشارع المقدسي والفلسطيني، لأن هذه الغطرسة والعدوان على الأقصى لا يمكن أن يمر هكذا، لأن من يرتكب تلك الاعتداءات هم شخصيات وقادة في حكومة الاحتلال، ما سينعكس على الشارع الفلسطيني، كما حدث عندما اقتحم "أرئيل شارون" الأقصى عام 2000.
ويتابع الخبير في الِشأن المقدسي "اعتقد أن إعادة تكرار مثل هذا السيناريو من قبل هذه الشخصيات السياسية المتطرفة تدفع بالأحداث نحو التصعيد والرد على هذه الجرائم".
ويوضح خاطر أن حكومة الاحتلال المتطرفة تحمل معها الكثير من التحديات والوعود للمساس بالأقصى، وتدنيسه وتهويد القدس، والمساس بالأسرى، ومصادرة الأراضي وتكثيف الاستيطان وعمليات التهجير وقتل الفلسطينيين، الأمر الذي سيُفجر الأوضاع.
ويؤكد أن الدفاع عن الأقصى يبدأ بتكثيف الرباط اليومي، وحالة الاستنفار الفلسطيني، وضرورة التفاعل والتجاوب مع أي جريمة جديدة يرتكبها الاحتلال في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة.
الفعل الشعبي
بدوره، يقول المختص في شؤون القدس زياد إبحيص، "إن معركة المسجد الأقصى هي معركة وجودية بالنسبة لليمين الإسرائيلي، فالإحلال الديني في الأقصى هو لب الصهيونية وجوهرها الذي ينتظر التحقيق وفق تنظيره، والمعركة عليه لن تكون سهلة".
ويضيف "لدينا معادلة ردع من خمسة عناصر: أهمها الرباط والفعل الشعبي، وثانيًا: عمليات المبادرة الفردية، وثالثًا: التفاعل الشعبي الخارجي، ورابعًا: فعل المقاومة من قطاع غزة، ويدخل اليوم عنصر خامس هو المقاومة المنظمة في حواضن محدودة بالضفة الغربية كما في كتيبة جنين وعرين الأسود".
ويتابع إبحيص "علينا أن نخوض المعركة بعناصر قوتنا الخمس، لأنها معًا بالكاد تكفي لخوض هذه المعركة، ومحاولة اختزالها وتسطيحها في عنصر أو عنصرين يهدي الاحتلال مكاسب مجانية ويجعلنا أضعف".
ويؤكد على ضرورة التعبئة الدائمة واستثمار الحالة الشعبية، وأن نقوم بواجبنا تجاه الأقصى، بغض النظر عن قرارات الاحتلال وألاعيب إعلامه.