رأى كتاب ومحللون سياسيون أن التسريب الأخير المنسوب للقيادي في حركة فتح حسين الشيخ، والذي هاجم فيها الرئيس محمود عباس "مقصودة وتنبئ بوضوح باحتدام معركة خلافة الرئيس"، كما "يراد منها إيصال رسالة للإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي بأن الشيخ هو الأجدر لقيادة السلطة وإكمال مخطط أوسلو".
وتخوَف المحللون في تعقيبهم على التسريب عبر مداخلات متلفزة من وصول الصراع على خلافة عباس إلى حرب أهلية وصراع دموي بين أقطاب فتح الذين يمسكون بزمام الأمور في الضفة الغربية المحتلة.
وكشف تسجيل صوتي مسرب منسوب للشيخ جزءًا من "معركة خلافة" الرئيس عباس.
وأظهر التسجيل غضب الشيخ من عباس ومدير جهاز المخابرات ماجد فرج، وتهجمه عليهما.
واتهم الشيخ عباس بـ"المشاركة في الفوضى الحالية، والاستفادة منها"، وفق التسجيل الذي نشرته وكالة "شهاب".
سيناريو عرفات
الكاتب والمحلل مصطفى الصواف لم يستغرب من تسريبات الشيخ وهو يهاجم الرئيس "وينعته بأقذر الألفاظ".
وقال الصواف، في مقالة له، "هذه طبيعة القيادة المتنفذة في السلطة وهي مسالة لا تحتاج لكثير من الشرح.. افعل ما شئت كما تدين تدان، وهذا نفس السيناريو الذي تعرض له المرحوم ياسر عرفات قبل اغتياله".
وأضاف أن "الأجواء تقول إن مرحلة عباس انتهت، والأمور تسير في طريقها لإيجاد وريث لخلافته، وما طرحه الشيخ هو تمهيد لهذه المرحلة ورسالة للإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي اللذان يخططان لإيجاد خليفة لعباس، والعين على ما يبدو على الشيخ المرشح لاستكمال المشروع الذي بدأه عباس في أوسلو".
وحذر من أنّ "المعركة على خلافة عباس تحتدم وقد تصل إلى حرب أهلية بين قيادات حركة فتح في الضفة، وهذا ما يمكن فهمه من كلام الشيخ".
وبحسب الصواف فإن "عباس في نهاية أيامه وإذا لم يداهمه الموت فسيتم قتله، كما تم قتل ياسر عرفات وبنفس السيناريو الذي تم التخلص فيه من عرفات عبر التشويه ونعته بالألفاظ الفظة غير اللائقة".
وأعرب الكاتب الصواف عن أمله بألا تصل الأمور لحد الاقتتال، "كونها ستضر بشكل كبير بالمشروع الوطني الفلسطيني؛ فالمصالح الشخصية لقيادات حركة فتح باتت مقدمة"، حسب قوله.
احتدام الخلافات
رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية مفيد أبو شمالة، اتفق مع سابقه بأنّ "خلافات التوريث في السلطة وصلت إلى مراحل متقدمة جدا، خاصة بعد تسريبات حسين الشيخ التي أصابت رأس السلطة واتهمته بالفشل".
وقال أبو شمالة "الجوقة المتنفذة المنتفعة في السلطة مرتبطة بولاءات غير وطنية توجه دفة مستقبل السلطة، لكن الشعب الفلسطيني يسير خلف خيار المقاومة وهو خيار مختلف عن نهج السلطة".
وأشار إلى أن "تسريبات الشيخ في هذا التوقيت تدلل على صراع محتدم بين قطبين على خلافة عباس، وفق مخطط إسرائيلي أمريكي ليتصدر الشيخ المشهد".
أما الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن فيرى أن "المصالح المشتركة هي التي تجمع القيادة المتنفذة في السلطة، وأن حسين الشيخ يمارس السيطرة الكاملة على أقاليم حركة فتح في غزة والضفة".
وقال محيسن: "يجب على حركة فتح أن تتخلص من الشخصيات القيادية الذين أساؤوا لها ولتضحياتها، لأنها تعيش في أزمة واضحة على صعيد الشخوص والبرنامج السياسي".
وتخوف من احتدام الصراع على خلافة عباس ووصوله إلى صراع دموي بين الأقطاب، لافتا إلى أن "ماجد فرج وحسين الشيخ ظهرا في المشهد على حساب شخصيات مثل ناصر القدوة ونبيل شعث".
وأضاف "في تقديري فالشيخ سيقضي على جبريل الرجوب في طريقه لخلافة التوريث ما بعد عباس".
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي محمود العجرمي في تعقيبه على التسريبات أنها "تعكس ارتباط القيادة المتنفذة للسلطة بالاحتلال".
وأضاف أن "القيادة المتنفذة في السلطة اختطفت حركة فتح من تاريخها المجيد، وهذه السلطة ليست وطنية، والوقائع منذ اتفاق أوسلو حتى اللحظة تشير إلى ذلك".
المعارض السياسي فايز السويطي، قال خلال حديثه لقناة الأقصى، إن أبرز المرشحين لخلافة عباس هما حسين الشيخ وماجد فرج، مشيرًا إلى أن الأيام الحالية قد تشهد صراعا كبيرا على خلافة عباس.
وأضاف "تنصيب الشيخ وفرج لمناصب مهمة في السلطة دليل على تحضيرهم لما بعد عباس، والاحتلال يُعِدهما لخلافته وربما حظوظ الشيخ أقوى من فرج.
وتابع "في تقديري فتسريبات الشيخ مقصودة ومتعمدة منه لإرسال رسائل بأنه الأجدر لقيادة السلطة لما بعد أبو مازن".
واستدرك السويطي "الشارع الفلسطيني يرفض أن يصل أي شخص إلى حكم السلطة عن طريق دبابة أمريكية، والشيخ وفرج كلاهما مرفوض ومنبوذ من الشارع الفلسطيني، ولا يمكن لشعبنا أن يقبل أي شخص يصل إلى سدة الحكم إلا عن طريق الانتخابات"، حسب قوله.