تسود حالة من الغضب والقلق الشديدين أوساط الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، بسبب التصاعد غير المسبوق في جرائم القتل ببلداتهم، بعد قتل أب وطفله الليلة الماضية.
وقتل الشاب فراس الهيب من الناصرة وابنه الرضيع فارس (عامان) في جريمة إطلاق نار، ارتكبت أمام منزله في المدينة.
ولقي الأب مصرعه على الفور، فيما فاضت روح طفله بعد أقل من ساعتين، ليلحق به في جريمة بشعة، مجهولة من حيث مرتكبيها وأسبابها، إلا أن الفلسطينيين أكدوا أن ما يجري استهداف للمجتمع الفلسطيني، بأيدٍ خفية.
وعبر فلسطينيون وناشطون في أراضي 48 عن استنكارهم الشديد للجريمة، معتبرين أنها تخطت كل حدود العقل والخطوط الحمراء.
وبالرغم من حالة الغليان في الداخل، ارتُكبت جريمة أخرى فجر اليوم الأربعاء، راح ضحيتها الشاب أمير سامي الزيادنة (25 عاما) وأصيب آخر بجروح وصفت بالخطيرة، في مدينة رهط في النقب.
وتضاف هذه الجرائم إلى سلسلة جرائم ارتُكبت في الداخل، راح ضحيتها منذ بدء العام الجاري وحده 113 شخصًا بما يشمل القدس والجولان المحتلتيْن، فيما قُتل ما يزيد عن 225 فلسطينيًا خلال عامي 2020و2021 في تلك الجرائم.
مسؤولية أمن الاحتلال
وطالب الناشطون بالانتفاض في وجه المنظومة الأمنية الإسرائيلية، التي "لم يعد هناك أدنى شك في أنها ضالعة بهذه الجرائم، وتحرك مافيا القتل بشكل متصاعد لقتل الفلسطينيين في الداخل".
وقال الناشط علي الزيبق تعقيبًا على جريمة قتل الأب وطفله بالناصرة: "هذا الأب وهذا ابنه قتلا اليوم في الناصرة، سؤال للقاتل.. ما ذنب هذا الملاك؟".
وأكد الناشط أيمن عوكل أنه "يجب معرفة من خلف هذا القتل المتعمد ونشر الفتن، فهناك أصابع تعمل، وعقول تدبر هذا القتل الممنهج بين أهل البلد الواحد".
بدوره، قال الناشط إلياس جمال: "الناس تعبت من قول الله يرحمه، حتى للأطفال! متى سوف يتم إيجاد حل لوقف الانحطاط".
وأضاف "يجب أن تظهروا غضبكم على المسؤولين عن الجرائم، والمسؤولين عن الأمن، لأن الكلام والدعوات أصبحت دون أي جدوى، لأن أحدًا لا يسمع".
وأكد الناشط شريف حمدان أن الإجرام الحاصل في الداخل "غير معقول ولا يقبله عقل أو منطق، ونحن لسنا أمام جرائم عشوائية، هناك شيء مخطط ومنظم".
أما الناشط طلعت أبو بكر فأكد وجود "تقصير شعبي في الداخل لمواجهة الجريمة، التي تحدث ضمن خطة إسرائيلية مدروسة وممهنجة".
وأضاف "هذه الجريمة أصبحت تحصد كل شيء، والجماهير الفلسطينية في الداخل معظمها غارق، يجب أن يكون هناك وقفة ضد ما يجري".
كما قال الناشط شادي القدومي "إن ما يجري هو بيد إسرائيلية، ولا دخل لفلسطينيي الداخل فيه".
وأشار لـ"وجود معلومات بأن من اعتقلوا على خلفية قتل الأب وطفله، هم من الوسط اليهودي وليسوا فلسطينيين، وهذا يؤكد أن أيدي إسرائيلية تعبث بأرواحنا وأمننا".
"إجرام بلا حدود"
الطبيب مؤيد بشارات عقّب على جريمة قتل الأب وطفله بالقول: "الغريب أننا لا يمكن أن نصدق أن كل هؤلاء الضحايا، لهم علاقة بمشاكل مع عصابات الإجرام".
وأضاف "الوضع ليس بالطبيعي ولا يمكن تصور طبيعة المسببات، فهناك أكثر من ١١٠ وفيات ضحايا القتل منذ بداية هذا العام".
وتساءلت الناشطة مها عواد "ما هذه المآسي التي تحل علينا في بلدنا، يجب أن يتم وضع حد لها، وللمنظومة الأمنية لأنها شريكة في هذه الجرائم، ولم يعد هناك أي شك في ذلك".
وقالت أم يوسف الحلو: "ما ذنب طفل رضيع حتى يُقتل بهذه البشاعة، نحن أمام إجرام بشع لا يعرف حدود، حتى الإجرام له حدود، لكن هؤلاء لم تعد في قلوبهم رحمة".
وكشف خبير في علم الجريمة مؤخرًا، خلال حوار مع وكالة "صفا"، عن وجود نصف مليون قطعة سلاح في الداخل الفلسطيني المحتل، تغلغلت بالمجتمع من خلال المنظومة الأمنية الإسرائيلية.
وتستفحل الجريمة في الداخل بشكل خطير وغير مسبوق منذ بدء العام الجاري، ووصل معدل ارتكاب الجرائم إلى وقوع ما بين جريمتين إلى 3 جرائم خلال 24 ساعة.