رغم تكلفةُ صناعتِه المرتفعة وجودته العالية ومذاقه المميز، لم يحظَ الدِبس المُصنع محليًا بطريقة يدوية تقليدية بمكانته بين كميات كبيرة من المُصَنّع داخل مصانع خارجية ومحلية.
ويتجه الكثير من سكان قطاع غزة لشراء الدبس المُصَنّع المستورد ذو السعر الأقل مقارنة بالتقليدي اليدوي، بغض النظر عن جودته؛ لاستخدامه في أغراض متعددة مثل تناولها كوجبة صباحية، أو دخوله في صناعات مُتعددة.
ودبس التمر هو سائل دبق يشبه إلى حد كبير شراب التمر لكن عملية التحضير مختلفة، حيث يحتوي على كثافة عالية من السكر يتم إضافتها مع التمر المجفف.
من الجدير ذكره، أن دبس التمر هو خلاف للسكر المكرر، حيث أنه يحتوي على الفيتامينات والمعادن الحيوية، مثل: الحديد، والكالسيوم، والمغنيسيوم، فيتامين بـ 6، والسيلينيوم، ومجموعة من مضادات الأكسدة مما يجعله يتمتع بقيمة غذائية كبيرة.
ويُعدّ الدِبس من الأطعمة الشعبية القديمة المشهورة في فلسطين، فيما ما يزال العديد من العائلات خاصة الريفية يعتبرونه غذاءً أساسياً ووجبة خفيفة على مائدة الإفطار، ويحرصون على صناعته خلال موسم قطف ثمار البلح سنويًا لأغراض منزلية أو لبيعه في المحال والأسواق الشعبية.
الستيني رياض قديح من ريف بلدة عبسان الكبيرة شرقي محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يمتلك محلًا للعطارة والبهارات، ويحرص على الدوام على صناعة كثير من الأصناف يدويًا وتسويقها، ومن بينها دِبس البلح.
في فناء منزله المُزين بعدد من أشجار البلح، يُعلق "قديح" قطوف ممتلئة بـالرُطب الذي جف تمامًا وأصبح صالحًا للطهي والاستخدام المنزلي، يقطف ما يراه منهُ مناسبًا لصناعة الدبس.
صناعته وفوائده
يقول "قديح"، إنّ "خطوات صناعة الدِبس تبدأ بقطف ثمار الرُطب ووضعه في وعاء مليء بالماء وغسله جيدًا، ووضع الرطب في وعاء على النار حتى يغلي؛ ثم تصفيته بشاشٍ أبيض رقيق مع الضغط بقوة على الثمار حتى يخرج من العُصارة كاملة"..
ويضيف "بعد ذلك نضع عصير الرطب المُصفى في وعاءٍ أخر على نار مرتفعة، وخفض حرارة النار عندما يغلي ويفور، وتركه على النار لمدّة ساعتين إلى ثلاث مع إخراج الرغوة منه بملعقة؛ وعندما يصبح جاهزًا يُترك كي يبرُد، ثم يتم سكب الدبس في أوعية بلاستيكية".
ويتابع قديح "للدبس فوائد جمة واستخدامات متعددة منها: يعالج مرض فقر الدم، لاحتوائه على الحديد، والنحاس، وفيتامين ب2؛ يمنح الإنسان طاقة ودفء خاصة في فصل الشتاء، ويمنع تساقط الشعر، ويقي من أمراض عدّة (..)، كما أنه ذكر في السُنة؛ ويدخل في صناعة المختوم، وصناعات أخرى".
ويشير إلى أن منتجه خالٍ من السكر تمامًا أو أي مواد حافظه أو إضافات؛ ما يجعله أكثر جودة وأمانًا وفائدةً، عدا أن ثمنه أعلى من المُصنع داخل مصانع؛ حيث يبلغ الكيلوغرام الواحد منه حوالي 15 شيكلاً.
ويلفت "قديح" إلى أنه يُصنع الدِبس منذ سنواتٍ طويلة رغم مشقته والجهد الكبير الذي يحتاجه، فيما يحرص كل صباح على تناول الدبس مع الطحينية التي يصنعها بنفسه كما أجداده في كل صباح.
ويحث على سكان القطاع على تناول الدبس باستمرار، "ومن لديه القدرة على صناعته كذلك منزليًا ألا يتردد، لوفرة الرطب بأسعار منخفضة في السوق المحلية خاصة في موسمه".