تعاني سوريا من أزمة طاقة ووقود منذ عدة سنوات، وزادت حدتها خلال الأشهر الأخيرة، حيث يجد المواطنون صعوبة في توفير البنزين والمازوت وغيرها من المشتقات النفطية، إلى جانب انعكاس ذلك على قطاع الكهرباء عبر زيادة ساعات التقنين.
وكانت الرئاسة السورية قد تحدثت عن انفراجات قريبة لأزمة المحروقات في المنطقة، عقب وصول ناقلتين من النفط الإيراني إلى بانياس، إلا أن المواطنين لم يلتمسوا أي فوارق بهذا الخصوص.
متى تنفرج أزمة النفط في سوريا؟
كشف وزير النفط والثروة المعدنية في سوريا بسام طعمة، عن عجزه حل أزمة الطاقة في سوريا خلال وقت قصير، معتبراً أن الأزمة "تراكمية".
وقال وزير النفط في لقاء على قناة "روسيا اليوم"، إن معاناة الشعب السوري "مفتعلة من الإدارة الأميركية التي تسرق النفط"، مضيفاً: "لا يوجد تحت يدنا الآن من الإنتاج النفطي أكثر من 18 إلى 20 ألف برميل من أصل 400 ألف برميل".
وأكد على ضرورة مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بتعويضات عن السرقة الموصوفة لمقدرات الشعب السوري.
وأشار طعمة إلى أن هناك مفاوضات مع الجانب الجزائري، "من أجل استيراد بعض المنتجات النفطية"، لافتاً إلى أنهم يتواصلون مع الجانب اللبناني فيما يتعلق بخط الغاز العربي.
استثمارات الروس في الطاقة السورية
وأكد وزير النفط على وجود "مشاريع هامة للجانب الروسي سواء في مجال النفط والغاز أو في مجال الفوسفات"، مبيناً أن التعاون بين سوريا والروس في المجال الاقتصادي "هو قطاع متواصل قديم".
وتابع: "لدينا عقدان في البحر المتوسط مع شركتين روسيتين، ونسعى لإيجاد البدائل من أجل تنفيذ المسح الاهتزازي ومن ثم بدء حفر الآبار".
أزمة المحروقات في سوريا
وتطرّق طعمة إلى أزمة المحروقات التي تشهدها البلاد، معرباً عن أمله في إيجاد حلّ لها عبر اتساع رقعة الدول العربية المطبّعة مع سوريا.
وقال طعمة: "هناك خطة حكومية لننجح في تأمين الدفعة الأولى من مازوت التدفئة لجميع العائلات"، معرباً عن أمله في أن "تساعد الانفراجات في العلاقات بين الدول العربية في ترميم قطاع الطاقة".
أسعار النفط عالمياً
شهدت أسعار النفط العالمية، ارتفاعاً خلال تعاملات أمس الجمعة، بدعم من ضعف الدولار وتراجع مخزونات الوقود الأمريكية، حيث عوضت خسائر كانت قد تكبدتها في وقت سابق، في ظل التوقعات بتراجع الطلب العالمي.
وبحسب وكالة "رويترز"، فإن العقود الآجلة لخام برنت ارتفعت 31 سنتا أو 0.3 % إلى 94.88 دولار للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 36 سنتا أو 0.4 % إلى 89.47 دولار للبرميل.
قرار "أوبك+" خفض إنتاج النفط
بعد أن سادت حالة من التفاؤل بشأن اتجاه أسعار النفط للانخفاض منذ شهر يوليو 2022، بسبب توقعات بتراجع نمو الاقتصاد العالمي في عامي 2022 و2023، التي أعلنها صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية، جاءت قرارات مجموعة "أوبك بلس" الأربعاء الماضي، بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، لتصعد بأسعار النفط في السوق الدولية.
ويمثل هذا الخفض نسبة 2% من حجم الإنتاج اليومي العالمي من النفط.
هناك من رأى أن قرار "أوبك+" جاء ليحافظ على أسعار النفط في السوق الدولية عند معدلات تتراوح ما بين الـ 85 والـ 95 دولارا للبرميل، من أجل الحفاظ على المقدرات المالية للدول المنتجة للنفط، واستباق أي وضع يمكن أن يتسبب في تراجع حاد للأسعار مثلما حدث غداة الأزمة المالية العالمية 2008 عندما انهارت أسعار النفط ووصلت إلى 30 دولارا للبرميل.
تأثير قرار "أوبك+" على الاقتصاد العربي
تُظهر أزمة الطاقة الحالية، التباين الواضح في أداء اقتصادات الدول العربية، ففي الوقت الذي تحسنت فيه المؤشرات المالية للدول العربية المصدرة للنفط، مع الاتجاه الصاعد لأسعار الخام في السوق الدولية، منذ أغسطس 2021، جاء قرار "أوبك بلس" ليدفع الأسعار في السوق الدولية نحو مزيد من الارتفاع، أو يحافظ عليها في حدود 85 دولاراً للبرميل في المتوسط، وهي نتيجة مرضية لهذه الدول.
بالمقابل ستدفع هذه الدول فاتورة ارتفاع معدلات التضخم في السوق الدولية، لكونها دول مستوردة لكثير من احتياجاتها، لكن الفارق سيكون لصالحها في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط.
وعلى الجانب الآخر فإن المتضرر في المنطقة العربية سيكون تلك الدول المستوردة للنفط، حيث ستتحمل موازناتها آثارا سلبية مضاعفة، من جهة زيادة فاتورة الواردات الخام والسلع الأخرى.
وستكون الأزمة أشد تأثيراً على البلدان العربية التي تعاني من أزمات اقتصادية، ولديها برامج منتظرة للتمويل من صندوق النقد الدولي.
فقد تكون أسعار الطاقة في الأسواق العالمية أحد البنود التي ستلجأ إليها حكومات تلك الدول لرفع الأسعار محليا، وهو ما يعني زيادة تكلفة إنتاج السلع والخدمات بالنسبة لمواطني هذه الدول.