بيروت - خاص صفا
بعيدًا عن كل محاولات التشوية وتزوير الحقائق وطمس الهوية الفلسطينية، ولكي تبقى فلسطين بقراها ومدنها وتراثها وتاريخها العريق حاضرة وراسخة في ذاكرة وقلوب الأجيال المتعاقبة، تواصل أكاديمية دراسات اللاجئين العمل على مشروع "موسوعة القرى الفلسطينية".
ويهدف المشروع الذي أطلقته الأكاديمية مؤخرًا، إلى توثيق تاريخ كل قرية فلسطينية، وسرد فصول الرواية الحقيقية لتلك القرى سواء الموجودة حاليًا أو المهجرة أو المدمرة، بسبب الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه التي ارتكبها في فلسطين التاريخية المحتلة.
ويضم المشروع فريقًا من الشباب العربي والفلسطيني المنتشر في أصقاع العالم من (سوريا، لبنان، الأردن، أوروبا، فلسطين والخليج)، الذي يُؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وبحقه وانتمائه إلى فلسطين، وبعودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجروا منها عام 1948.
وأكاديمية دراسات اللاجئين انطلقت في العاصمة البريطانية سنة 2010 لتحمل على عاتقها تدريس القضية الفلسطينية عمومًا، وقضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص، بغية التعريف باللاجئين وحقوقهم المسلوبة، وعلى رأسها حق العودة.
توثيق تاريخ
نائب مديرة المشروع بلسم الصايغ من بيروت تقول لوكالة "صفا" إن فكرة الموسوعة جاءت نتيجة عدم الاهتمام الواسع بالكتابة أو عمل أبحاث عن القرى الفلسطينية من كافة مناحي الحياة فيها، "لذلك ارتأينا الجمع ما بين القري المهجرة عام 1948، وتلك التي هدمها الاحتلال ودمرها نهائيًا، وتلك التي ما زالت موجودة حتى يومنا هذا".
وتوضح أن المشروع بحثي توثيقي قائم على مادة علمية مُعمقة ومفصلة تُوثق تاريخ وحضارة القرى الفلسطينية من جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والجغرافية، وحياة سكانها اليومية.
وتضيف أن المشروع، الذي انطلق برعاية من نقابة الصحافة اللبنانية، يُركز على دراسة وتوثيق القرى المهجرة، بفعل المجازر التي ارتكبها الاحتلال وعصاباته الصهيونية بحق سكانها، وسياسة التطهير العرقي، بالإضافة إلى القرى التي هُدمت وأُزيلت بالكامل وشُرد سكانها.
وتتضمن الموسوعة المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وكيف هجر الاحتلال الفلسطينيين من ديارهم عام 48، ما أدى إلى تدمير نحو 600 قرية فلسطينية، وتشتيت المجتمع الفلسطيني والاستيلاء على ممتلكاته وأراضيه، بالإضافة إلى تَهْويد التاريخ الفلسطيني.
وأيضًا، يُسلط المشروع الضوء على تاريخ وهوية قرى فلسطين التي ما تزال تنعم بقاطنيها وبمعالمها وتراثها وحضارتها العريقة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
دحض رواية الاحتلال
وتشير الصايغ إلى أنه جرى الترويج للمشروع بشكل كبير ولمدة سنة ونصف، بهدف تعريف الشعوب والأجيال بالقرى الفلسطينية، ودحض الرواية الإسرائيلية المزورة وبأنهم "هم أصحاب الأرض الأصليين"، ولمواجهة كل محاولات الاحتلال لتزييف الأماكن وأسماء القرى ومحو ماضيها وتاريخها.
ولا يغفل المشروع عن إبراز الجانب الجمالي، ومدى التطور الحضاري والعمراني والثقافي الذي وصلت إليه قرى فلسطينية، وكذلك مستوى التكافل الاجتماعي بين سكانها.
وتبين أن المشروع يتبنى منهجًا علميًا في جمع المعلومات وتوثيقها سواء من المراجع أو الباحثين أو الكُتاب والأكاديميين أو روايات أهالي القرى أنفسهم.
وأطلق القائمون على المشروع من طلبة الأكاديمية منصة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تحتوي على خرائط ووثائق وصور قديمة وحديثة، ومقاطع فيديو عن القرى الفلسطينية، وتصاميم وإنفوجرافيك، بالإضافة إلى مقابلات مع سكانها، ومواد علمية وثقافية خاصة بكل قرية.
وبحسب الصايغ، فإن المشروع يُؤكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على الهوية الوطنية، ويسعى لإصدار مادة علمية لتكون مرجعًا لكل الباحثين والمهتمين في إحياء الذاكرة الفلسطينية، ودحض رواية الاحتلال.
وتزخر الموسوعة بإحصائيات حول القرى المهدمة والمهجّرة، والتي بقيت على قيد الوجود، وبتقارير وأبحاث وقضايا مفصلة عن فلسطين، وعن أعلام وشخصيات بعض القرى.
وتبين الصايغ أن المشروع لاقى صدى كبيرًا وتفاعلًا واسعًا منذ انطلاقه، "لكن نأمل تطوير الموسوعة وإجراء أبحاث مكتوبة عن كل قرية فلسطينية وأن يتم نشرها بشكل واسع وعلى مستوى العالم".
ر ش/أ ج