انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم، من القرى والبلدات التي كانت تحتلها جنوب لبنان، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك بعيد ساعات من تأكيد تل أبيب عزمها إبقاء قواتها في خمس نقاط استراتيجية عند الحدود.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أنه بعد شهرين ونصف من العمليات العسكرية، انسحب الاحتلال من بلدات: يارون، ومارون الراس، وبليدا، وميس الجبل، وحولا، ومركبا، والعديسة، وكفركلا والوزاني، فيما أبقت على وجودها في خمس نقاط رئيسية على طول الحدود.
ومع دخول الجيش اللبناني إلى هذه القرى، استمر توافد الأهالي لتفقد منازلهم وأرزاقهم، بعد أن كانت قوات الاحتلال، قد باشرت الانسحاب ليلًا، وبدأ الجيش اللبناني بالانتشار في قرى بليدا وميس الجبل ومركبا.
وفي منتصف الليل، استكمل الجيش اللبناني انتشاره في البلدات المحررة، وبدأت فرق من فوجي الهندسة والأشغال بإزالة السواتر الترابية وتطهير الطرق الرئيسية من الذخائر والقذائف غير المنفجرة.
كما سيرت قوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل" دوريات في تلك القرى، وأقامت عدة نقاط مراقبة جنبًا إلى جنب مع الجيش اللبناني.
من جهة أخرى، دعت بلديات الأهالي إلى التريث في الدخول إلى القرى، إفساحًا في المجال أمام الجيش للعمل على مسح الأراضي التي انسحب منها العدو، حفاظًا على سلامتهم، بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام.
وقال مصدر أمني فضّل عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس: "انسحب الجيش الإسرائيلي من كل القرى الحدودية، باستثناء النقاط الخمس، والجيش اللبناني ينتشر بشكل تدريجي، بسبب وجود متفجرات في بعض الأماكن، وأضرار بالطرقات".
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أنهى وقف لإطلاق النار قصفًا متبادلًا بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله بدأ في 8 أكتوبر 2023، وتحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكان من المفترض أن يستكمل جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر 26 يناير/ كانون الثاني الماضي انسحابه من المناطق التي احتلها في جنوب لبنان وفق المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار بين بيروت وتل أبيب، والبالغة 60 يومًا بدءًا من دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية التي أسفرت عن استشهاد وإصابة آلاف اللبنانيين، دمارًا واسعًا في مناطق عدّة في جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية. وقدّرت السلطات كلفة إعادة الإعمار بأكثر من عشرة مليار دولار.
وقبيل ساعات من انتهاء المهلة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الإثنين أنّه سيبقي "قوات محدودة منتشرة مؤقتًا في خمس نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان"، مبرّرًا ذلك بمواصلة "الدفاع عن سكّاننا والتأكد من عدم وجود تهديد فوري" من حزب الله.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية بين حزب الله وجيش الاحتلال، بعد حرب امتدت نحو عام وتخلّلها توغّل برّي إسرائيلي في مناطق لبنانية حدودية.
ولم يُنشر النصّ الحرفي الرسمي للاتفاق، لكنّ التصريحات الصادرة عن السياسيين اللبنانيين والموفدين الأميركيين والفرنسيين تحدثت عن خطوطه العريضة، لناحية تعزيز انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وإشرافه على انسحاب حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني، وتفكيك بناه العسكرية. وينصّ الاتفاق كذلك على انسحاب "إسرائيل" من كامل المناطق التي احتلّتها في جنوب لبنان.
ويضع القرار الإسرائيلي السلطات اللبنانية في مأزق بمواجهة حزب الله، الذي كان حمّلها الأحد مسؤولية العمل على تحقيق انسحاب القوات الإسرائيلية مع انتهاء المهلة.