أجمع مؤتمرون من فصائل وقوى وطنية وإسلامية في قطاع غزة أن اتفاق أوسلو خطيئة تاريخية أدخلت القضية الفلسطينية في نفق مظلم، مشددين على أن إسقاطها بات مطلب وطني وشعبي ملح لا يقبل التأجيل.
جاء ذلك خلال مؤتمر وطني نظمته فصائل المقاومة في مدينة غزة يوم الأربعاء تحت عنوان "بالمقاومة نحقق الحلم ونبدد الوهم"، في الذكرى الـ17 للاندحار الإسرائيلي عن قطاع غزة، والذكرى الـ29 لاتفاقية أوسلو، بمشاركة حشد جماهيري واسع من أبناء شعبنا وشخصيات وطنية واعتبارية ووجهاء ومخاتير.
وأكد هؤلاء أن التجربة السياسية التي مر بها شعبنا خلال مرحلة أوسلو وما أنتجته من أداء وظيفي وسياسي وأمني للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها وأجهزتها؛ "أسقطت أحلام الواهمين بإمكانية التقاسم والتعايش مع هذا الاحتلال، وأثبتت أن العدو لا يمكن أن يكون شريكًا للسلام".
وشددوا على أن إسقاط اتفاق أوسلو وسحب الاعتراف بالاحتلال ورفض تنازل عن 78% من الأرض فلسطينية، وإيقاف التعاون الأمني مع الاحتلال بات مطلبًا وطنيًّا وشعبيًّا ملحًّا لا يقبل لا التأجيل أو التسويف أو المماطلة.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام في كلمة ممثلة عن فصائل المقاومة: "تمر اليوم 17 عامًا على اندحار الاحتلال عن جزء من أرضنا المباركة قطاع غزة ذكرى؛ يشعرنا ذلك جمعًا بالفخر".
وأوضح عزام أن هذه الذكرى تتوافق مع ذكرى 29 "لاتفاق سيء السمعة والصيت اتفاق أوسلو؛ بقدر فخرنا واعتزازنا باندحار الاحتلال عن هذه الأرض بقدر الألم الذي يعيشه شعبنا ولا يزال جراء هذا الاتفاق".
وشدد على أنه لا خيار لشعبنا سوى الاستمرار في طريق المقاومة، قائلاً "إذا فرضت علينا المواجهة واحتلت أرضنا لا خيار سوى الثبات على طريق الجهاد والمقاومة".
وأكد عزام أن توقيع اتفاق أوسلو أعطى الشرعية لاستمرار الاحتلال، مضيفًا "من كان يظن أن الاحتلال سيندحر ولو لجزء بسيط من هذه الأرض؟ شعبنا فاجئ هذا العالم، وكل من ظن أن الاتفاق أنهى حضور قضية فلسطينية".
وأوضح أن من يتحمل المسؤولية الكبرى عن معاناة شعبنا هو الاحتلال الإسرائيلي ومن يسانده ومن يطبع معه، مشددًا على أن خيار المقاومة ليس خيار فصيل أو فصائل مجتمعة؛ بل هو خيار شعبنا الفلسطيني بأكمله.
وأكد عزام أن اتفاقات لا يمكن أن تقود وحدة الموقف؛ "بل هي من قسمت هذا الشعب، وزرعت مزيدًا من الشقاق في صفوفه".
وبيّن أن نهضة شعبنا مطلوبة على أرضية التمسك بالثوابت والدفاع عن الحقوق والحفاظ على هذا الإرث المقدس، مؤكدًا أن وحدة الموقف هي شرط أساسي لتحقيق الإنجاز.
وشدد عزام على أهمية وحدة شعبنا الفلسطيني؛ "فهي شرط أساسي لاستمرار هذه المسيرة المباركة ومواجهة الاحتلال واندحاره ومن يقف خلفه".
ووجه رسالة إلى الدول العربية "نقول إن مسار التطبيع محكوم بالفشل التجربة والواقع يقولان ذلك، ونؤكد أنه من العبث المراهنة على هذا الكيان أو أنه سيجلب الخير لأحد".
وأكد عزام أن شعبنا سيظل وفيًّا للأسرى وللتضحيات التي قدموها، وسيعمل على الإفراج عنه.
الغرفة المشتركة
من جانبه أكد متحدث عن الغرفة المشتركة خلال المؤتمر، أن الاحتلال لم يكن يعلم أن اندحار عن قطاع غزة سيؤسس لمرحلة من جديدة من الصراع، وسيكون ذلك نواة لجيش التحرير.
وأوضح أن مستوطنات الاحتلال التي كانت تقطع أوصال قطاع غزة باتت اليوم متنفسًا لشعبنا ومواقع تدريب للمقاومة، "فغزة بفضل الله تحتضن اليوم جيشًا عرمرم من المقاتلين الأشداء".
وشدد المتحدث على أن وحدة المقاومة بغزة شكّلت نموذجًا فريدًا لشعبنا، قائلاً "ما كان لتحرير جزء بسيط من أرضنا أن يكون دون توحد أطياف شعبنا ومقاومته على قلب رجل واحد".
وأضاف "سقطت كل مشاريع التسوية بما فيها اتفاق أوسلو، وبقيت مقاومة الاحتلال شامخة، وكما تحررت غزة تحت ضربات المقاومين سيتحرر كل شبر من فلسطين".
وأكد المتحدث أن الغرفة المشتركة موحّدة بجميع مكوناتها على قلب رجل واحد، مشددًا على أنها ستواصل التجهيز والتدريب لمعركة التحرير، وستبقى الأمينة على حقوق شعبنا وثوابته والوفية لعذابات الأسرى والجرحى".
وشدد على حق شعبنا في كسر الحصار والعيش بحياة كريمة، وحقه من الاستفادة بثرواته الطبيعية، وخاصة حقوق الغاز، ونؤكد على حقنا الخالص بإنشاء ممر مائي آمن كمقدمة لرفع الحصار نهائيًّا عن قطاع غزة.
وفي ختام المؤتمر أوصى المؤتمرون على أن القدس ستبقى عاصمة شعبنا، وأن كل ما فيها مقدس والمسجد الأقصى درة التاج التي تتربع على عرشه القلوب والأفئدة، وإن المساس بها والاعتداء عليها ستكون بمثابة صواعق تفجير بالمنطقة، كما حدث في معركة سيف القدس.
وأكدوا أن اندحار الاحتلال عن غزة يؤكد صوابية المقاومة بكل أشكالها، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة كخيار وحيد للتعامل مع الاحتلال باللغة التي يفهمها، "هذه المقاومة التي أقرتها كافة الشرائع السماوية والمواثيق والأعراف الدولية".
وشددوا على أن الحركة الفلسطينية الأسيرة بأسرها وحرائرها كانت ولا زالت مثل الأقصى في مقامها رائدة كفاح شعبنا، نعادي من عادها، "وإن شعبنا أجمع هو رهن إشارتها في كل زمان ومكان إلى أن يمن الله على أبطالها بالحرية وسيبقى تحريرهم دين في رقابنا".
وختموا بيانهم على أن الوحدة الوطنية تثبت أن برنامج المقاومة وطهارة سلاحها وتمسكها بكل حقوق وثوابت شعبنا هي القاعدة الأساس التي يمكن أن تجمع شملنا وتوحد عملنا المشترك.