شهدت أراضي الـ48 المحتلة اعتداءات على عدد من الشخصيات والنشطاء الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس المحتلة، على يد مستوطنين وعناصر تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
المعتدى عليهم كانوا يتواجدون في أراضي الـ48 ضمن نطاق عمل، ومنهم من كان يتواجد لزيارة، حيث شهدت الـ48 ساعة الماضية 4 حالات اعتداء من هذا القبيل، ما بدا وكأنه أمرٌ منظمٌ، وفق ما يرى نشطاء.
وكان مستوطنون ورجال أمن في مطار اللد بالداخل المحتل اعتدوا على الشاب جمال سلهب من مدينة القدس، وهو أحد السائقين الذين ينقلون الركاب من القدس إلى مطار اللد.
وجاء الاعتداء على سلهب لمجرد إخراج بطاقته لرجال الأمن في المطار، وما أن شاهدوا هويته، دفعوه أرضًا وهاجمه الحرس ورجال الأمن ضربًا، ما تسبب له بنزيف وكدمات.
ولم يتم التعامل مع المعتدين من قبل إدارة المطار، بعد الحادثة، حسبما أكد زملاء للشاب المعتدى عليه.
وفي ذات الوقت، اعتدى مستوطنون على أمين سر اللجنة الشعبية بمخيم قلنديا رائد فايز خلال تواجده في مدينة حيفا.
وأصيب فايز بكدمات جراء حادثة الاعتداء، آنذاك، شهدت حيفا حالتي اعتداء على مواطنيْن من الضفة على يد مستوطنين.
وبالرغم من أن اعتداءات المستوطنين وحتى "رجال الأمن" على الفلسطينيين، تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، خاصة عقب هبة الكرامة في مايو 2021، إلا أن هذا النوع من الاعتداءات، يعكس حقدًا مؤسساتيًا وجماهيريًا على المقدسيين.
انعكاس لمستوى خطير
الناشط في حيفا يوسف إبراهيم يقول لوكالة "صفا": "إن الإسرائيلي أو المستوطن حينما يعتدي على الفلسطيني، ينظر إليه من أنه مجرد أنه عربي فلسطيني، وهذا سبب معظم الاعتداءات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية".
وأضاف: "أن يكون الاعتداء عقب إظهار بطاقة الهوية ومعرفة أن الشخص من القدس أو الضفة، فهذا يعكس مستوى الحقد والعنصرية المقيت، الذي وصل إليه الشارع الإسرائيلي".
وقال: "تشكل هذه الاعتداءات دافعًا للأحداث التي شهدتها الضفة والقدس خلال الأشهر الماضية، والتي ما تزال تمتد حتى اليوم نتيجة اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، وما أعقبها من عمليات فدائية نفذها فلسطينيين من الضفة بالداخل، أو عمليات المقدسيين في الدفاع عن المسجد الأقصى".
ويرى إبراهيم أن قناع "الديمقراطية" و"التعايش" المزيف، سقط عن منظومة الإسرائيليين بشكلٍ كامل، وليس فقط عن المؤسسة الإسرائيلية، التي أصبح نظام الأبرتهايد، نظامها الأساسي في التعامل مع الفلسطينيين.
"لذلك، فإن الاعتداءات للمستوطنين ولإسرائيليين غير محسوبين على هذه الشريحة، أصبحت "منظمة وموزعة بشكل مدروس، يستوجب يقظة من الفلسطينيين"- حسب إبراهيم.
ويقول: "وصلنا إلى مرحلة أن اللغة العربية وبطاقة الهوية، أصبحتا دافعًا وسببًا للاعتداء على الفلسطيني، بل إن هناك تصنيفًا من هؤلاء-يقصد المستوطنين- لهذه الاعتداءات.
ستتعداها لدوافع أخرى
ولن يتوقف الأمر من وجهة نظر إبراهيم، عند حد بطاقة الهوية، وإنما ستتعدى ذلك إلى أسباب ودوافع عنصرية، تتعدى الجغرافيا، وقد تصل لمجرد أن الشخص مسلم.
ويستحضر في هذا الإطار، حادثة اعتداء تعرضت لها طالبة فلسطينية من القدس، في إحدى الجامعات العبرية بالداخل مؤخرًا، حيث هاجمها إسرائيلي بسبب ارتداءها الحجاب.
ويكمل الناشط: "الشارع الإسرائيلي يستثمر خطاب الكراهية والعنصرية الذي يمارسه الهرم السياسي ضد الفلسطينيين، في الاعتداء على كل ما هو فلسطيني في أي مكان كان، ولدوافع لم نرَها حتى في نظام الأبرتهايد".
الناشط عمر عاصي يرى أن الاعتداء على فلسطينيين من القدس أو الضفة داخل أراضي الـ48، يعكس شمولية تلك الاعتداءات، وانعكاس الأحداث الجارية فيهما، على الشارع الإسرائيلي عامة.
ويقول لوكالة "صفا": إن الشارع الإسرائيلي يتميز الآن بأنه يميني متطرف، ولا يوجد ما يسمى بالتعايش، كما تروج له "إسرائيل" في الدول لتبدو وكأنها "دولة ديمقراطية".
ويضيف: "هناك حقدٌ يهودي على الشباب المقدسي والضفاوي، لأنه القادر على حماية القدس والمقدسات، وهو من يثور لصد اعتداءات المستوطنين، وعميلات الجيش الإسرائيلي".
يتابع "هذا الشباب هو من يمنع فلتان قطاع المستوطنين والجيش في الضفة والقدس، وخاصة في الأقصى، لذلك فإن هذه أسباب تزيد من الحقد والعنصرية تجاههم".
ثورة الضفة والقدس
من جانبه، يقول الناشط الفحماوي محمد جبارين "إن الاستبسال والثورة التي تشهدها الضفة والقدس، ضد الاحتلال ومستوطنيه، لحماية المسجد الأقصى والمقدسات، هي الدافع للاعتداء على الشخص لمجرد معرفة هويته.
كما أن العمليات الفدائية التي تشهدها الضفة والقدس ردًا على جرائم الاحتلال، على زيادة مستوى العنصرية تجاه أي مقدسي أو ضفاوي بأراضي 48 وغيرها.
ويضيف جبارين "هذا النوع انحدار خطير في الاعتداء على الفلسطيني، ويجب أن يجعلنا كفلسطينيين نتيقظ، بأن هناك اعتداءات منظمة وموزعة من المستوطنين بحماية رجال الأمن".
ويشدد على ضرورة إيجاد منظومة حقوقية فلسطينية تحمي الفلسطينيين من هذه الاعتداءات، وتقدم في ذات الوقت الدعم النفسي للشباب، خاصة الذين يتعرضون للاعتداءات من المستوطنين.
ويرى ضرورة أن تكون هذه المنظومة غير تقليدية، بمعنى أن تكون فاعلة في مواجهة اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على المواطنين وممتلكاتهم.
يُذكر أن اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال كانت أهم أسباب اندلاع "هبة الكرامة" بالإضافة إلى العدوان على المسجد الأقصى وغزة.