web site counter

"أسماء".. من مصابة عدوان إلى مصممة أزياء

خان يونس- هاني الشاعر - صفا

فقدان جزءٍ من الجسد ليس بالأمر الذي يمكن تقبله أو التعايش معه بسهولة؛ كيف وإنّ كان عضو رئيسي في الجسد؛ كفقدان الساق، كما حدث مع الجريحة أسماء أبو طير (34 عامًا) من خان يونس جنوبي قطاع غزة.

فأسماء، الأم لثلاثة أطفال، كان عليها أن تفكّر مليَا في التغلب على تحدياتٍ جمة؛ تلك التحديات كبرت مع التفكير بإنشاء مشروع خاص يُدِر دخلاً عليها.

توجهت "أسماء" منذ أيام لفتحِ متجرٍ خاص في تصميم وحياكة ملابس النساء والأطفال بعد أشهرٍ من التعلم والتدريب ليصبح مكانها المفصل بعد منزل أسرتها فتجد فيه مُتنفسًا وإبرازًا لقُدراتها ومواهبها التي جعلت منها امرأة قوية تتغلب على صعوبات الحياة بعد فقدان القدّم اليُسرى.

صباح يوم الثالث من يوليو 2014 كانت "أسماء" على أسوأ موعد لم تعلم به مُسبقًا أو تتوقعه وهو فقدان قدمها بقصف جوي إسرائيلي لنسوة وأطفال من عائلتها ما تسبب أيضًا في استشهاد إثنين وإصابة عددٍ آخر.

مرحلة مختلفة شعارها "الألم والأمل" مع الجريحة "أسماء" التي حُوّلت للأردن للعلاج على مدار قرابة عامٍ لتعود بعدها لغزة لتبدأ رحلة أخرى ما بين علاجٍ طبيعي يتمثل في عملياتٍ جراحيةٍ متتاليةٍ على فترات أنهكت جسدها وأدخلتها في حالةٍ نفسيةٍ جعلتها تنعزل عن المجتمع وتنطوي على نفسها لثلاث سنوات.

عام 2017 حظيت الجريحة بفرصة تركيب طرف صناعي حررها من الكرسي المُتحرك الذي كبل جسدها وجعلها لا تتقبل فكرة أن تكون مقعدة؛ لكن فرحتها بالطرف لم تكتمل؛ فاكتشف به خللاً لم يجعلها تتمكن من استخدامه والتغلب على صعوبات الحياة اليومية لكنها استبدلته عبر نفس المركز الطبي بمثيل له أفضل حالاً.

نقطة تحول

بعد تلك السنوات الصعبة انتصرت "أسماء" الطموحة على ذاتها الجريحة؛ بعد أن دّشنت مشروعًا صغيرًا في منزلها لصناعة قوالب الكيك بأشكال وأحجام مختلفة بجانب أصناف مختلفة من الحلوى وبيتها وتسويقها عبر صفحتها في فيس بوك وانستغرام.

عاد شبح المرض يداهم جسدها النحيف مُجددًا وأوقفها عن العمل في صناعة الكيك بقرارٍ من الأطباء؛ بسبب الضغط الكبير وتأثير الإصابة على القدم السليمة وقد يؤدي ذلك لبتر الثانية؛ فعاد بها الحال من جديد لرحلة علاج من الصفر استمرت قرابة عام؛ كما تتحدث "أسماء" لمراسل "صفا".

لم تستطع أن تُخفي أنها عاشت من جديد مرحلةً نفسيةً عصيبة جعلتها تعتزل المجتمع مرة أخرى وتتقوقع بعيدًا عن الضجيج المعتاد في منزلها لتواجه ضجيجًا آخر أكثر إزعاجًا لمشاعرها تمثل في وحدتها وألم الإصابة.

حظيت مُجددًا بفرصة تدريب عبر مكتب وزارة العمل لتعمل في تصميم الأزياء لتثبت لتحصل على المرتبة الأولى بين عدد من المتدربات، ما أهلها للحصول على تمويلٍ لافتتاح متجر بجانب منزلها أسمته "الفراشة".

وتعلل سبب تسمية متجرها بهذا الاسم لتمكنها من التحليق مجددًا والاندماج في المجتمع والتنقل كما الفراشة بين منزلها ومكان عملها ومركز التدريب.

واليوم، تتطلع "أسماء" أن يكبر المشروع وتشغل أيدي عاملة معها ويحقق المتجر نجاحًا كبيرًا وأن تكون مثالاً للمرأة المكافحة.

أ ك/هـ ش

/ تعليق عبر الفيس بوك