كثّف المستوطنون المتطرفون بحماية من شرطة الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاتهم على سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة والتهديد بطردهم من منازلهم بالقوة والاستيلاء على الحي، في مقابل استمرار معركة الصمود والثبات التي يخوضها أهالي الحي من أجل البقاء ومواجهة سياسة التطهير العرقي.
ويتعرض المقدسيون في الشيخ جراح إلى هجمة شرسة من المستوطنين وشرطة الاحتلال تزايدت مع انتهاء شهر رمضان المبارك، وتتمثّل في الملاحقة والاعتقال، وعمليات التفتيش والتنكيل بهم؛ في محاولة للتضييق عليهم ودفعهم للرحيل عن الحي المقدسي لصالح المستوطنين.
وتستخدم قوات الاحتلال وسائل القمع والتنكيل كافة من أجل إخلاء حي الشيخ جراح من سكانه، ومنع أي تضامن معهم ودعم صمودهم في مواجهة سياسات التهجير والاستيطان.
تصاعد الاعتداءات
ومساء السبت هاجم مستوطنون أهالي الشيخ جراح بالرصاص المطاطي واعتدوا عليهم بالضرب؛ ما أدى لإصابة أحد الشبان بالرصاص في منطقة الخصر.
الناشط المقدسي صالح ذياب يروي لوكالة "صفا" تفاصيل ما يحدث في الشيخ جراح، قائلًا إنّ اعتداءات المستوطنين على سكان الحي تصاعدت بشكل كبير بعد انتهاء شهر رمضان.
ويوضح ذياب أنّ الحي يشهد استنفارًا للمستوطنين في المنطقة الغربية والشرقية منه، وسط اقتحام متكرر لعضو الكنيست المتطرف "إيتمار بن غفير" الذي يهدد السكان بطردهم من منازلهم في الحي والاستيلاء عليها لإقامة مستوطنة جديدة.
ويضيف أنّ المستوطنين يتعمّدون استفزاز السكان، وتوجيه الشتائم والألفاظ النابية لهم والإساءة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وكذلك محاولة اقتحام منازلهم كما حدث بالأمس، حينما هاجموا "بناية الصمود" في الحي، وحاولوا اقتحام المنازل؛ ما دفع الأهالي للتصدي لهم، فأطلقوا الرصاص بشكل عشوائي باتجاههم.
ويذكر أنّ أحد المستوطنين أطلق الرصاص باتجاه الشاب محمد اشتي وأصابه في منطقة الخصر، بعد اقتحام المستوطنين لمنزل جدته التي تعيش فيه ودفاعه عنها، ووصفت جراحه بالمتوسطة.
ويؤكّد المقدسي ذياب أنّ شرطة الاحتلال حينما حضرت لمكان الحدث اعتدت على عدد من الأهالي بالدفع والضرب والقنابل الصوتية، بحجة "إلقاء الحجارة على المستوطنين".
وسبق أن اعتدت قوات الاحتلال على أحد الشبان واعتقلته خلال مشاركته في المظاهرة الأسبوعية التي ينظمها أهالي الحي والنشطاء كل جمعة؛ احتجاجًا على سياسات الاستيطان والتهجير.
وتزامنت المظاهرة الأسبوعية مع اقتحام عناصر من اليمين المتطرف لحي الشيخ جراح، وهم يرفعون "العلم الإسرائيلي"، وسط هتافات عنصرية بـ"الموت للعرب"، والمطالبة بإخلائهم من منازلهم.
وبهذا الصدد، يوضح ذياب أنّ أحد المستوطنين اعتدى عليه بالدفع بقوة أثناء مشاركته في التظاهرة، وذلك بحجة ارتدائه العلم الفلسطيني، باعتباره يشكل رمزًا للسيادة الفلسطينية على مدينة القدس المحتلّة في ظل احتدام الصراع الإسرائيلي على السيادة في المدينة.
ولم تتوقف اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه عند هذا الحد، بل تتعدى قيام جماعة "تدفيع الثمن" المتطرفة بخطّ عبارات عنصرية على جدران المنازل تدعو إلى "قتل العرب"، إلى جانب إعطاب مركبات المقدسيين وتحطيم زجاجها في الحي، في محاولة لاستفزاز الأهالي.
وعادةً ما تغلق قوات الاحتلال مداخل الشيخ جراح وتنصب الحواجز العسكرية، وتمنع الخروج منه والدخول إليه؛ ما يعيق حركة تنقل المقدسيين وينغص على حياتهم.
صمود وثبات
ويؤكد الناشط المقدسي أنّ الاحتلال يشعر بـ"الهزيمة والضعف، خاصة بعد معركة "سيف القدس" والهبة الشعبية الفلسطينية وما حققته من انتصارات وإنجازات كشفت عن فقدانه لقوة الردع وللسيطرة على المدينة المقدسة، وعن تآكل هيبته".
ويبيّن أنّ الاحتلال يحاول بكافة الوسائل استعادة هيبته وسيادته على القدس، كما يحاول باستمرار اعتداءاته وإجراءاته العنصرية في مدينة القدس "صب الزيت على النار".
لكن كل ممارسات الاحتلال - وفق ما يؤكد ذياب- لن تزيد الأهالي إلّا صمودًا وثباتًا وإصرارًا على الدفاع عن مدينتهم ومقدساتهم ومنازلهم، وتزيدهم أيضًا إيماننا بأنّ "النصر قادم وقد بات قريبًا".
ويتهدد خطر التهجير 500 مقدسي يقطنون في 28 منزلًا في حي الشيخ جراح على أيدي جمعيات استيطانية بعد سنوات من التواطؤ مع محاكم الاحتلال، والتي أصدرت مؤخرًا قرارًا بحق سبع عائلات تقطنه، رغم أنّ سكان الحي المالكين الفعلين والقانونين للأرض.