web site counter

مع تزايد عنصرية الاحتلال

يوم الأرض وهبة النقب.. صراع ممتد على الهوية والوجود

النقب المحتل - خاص صفا

لم تختلف هبة النقب الفلسطيني المحتل الحالية، والسبب الذي اندلعت لأجله عما حدث يوم الأرض عام 1976، عندما صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 21 ألف دونم من أراضي الجليل، لتنفيذ ما أسمته مشروع "التطوير".

بل تتشابك الأحداث مع بعضها البعض، لما تشكله الأرض من جوهر للصراع مع الاحتلال، الذي لا ينفك عن سياساته الممنهجة لمصادرة الأراضي الفلسطينية سواء بالداخل المحتل أو مدينة القدس أو الضفة الغربية، تحت مبررات متعددة، تهدف لتهجير السكان الفلسطينيين الأصليين، وإحلال اليهود مكانهم.

وفي 30 آذار/ مارس عام 1976 هب فلسطينيو 48 ضد استيلاء الاحتلال على أراضٍ بالجليل، وهو ما عُرف بـ"يوم الأرض"، وصاحبه إعلان الإضراب العام، لكن الاحتلال حاول كسره بالقوة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

ومنذ مطلع يناير/ كانون ثاني المنصرم، يشهد النقب هبة شعبية ضد الهجمة الإسرائيلية التي يتعرض لها منذ ما يزيد عن 3 أشهر، لتجريف وتحريش أراضيه، بهدف تمرير مخططات الاحتلال الاقتلاعية، وحسم قضية الأرض.

وعلى أثر التغول الإسرائيلي على الأرض، اندلعت احتجاجات تطورت إلى مواجهات مع قوات الاحتلال، أسفرت عن عشرات الإصابات ومئات المعتقلين بينهم قاصرون وفتيات.

تهجير واقتلاع

ويعيش في النقب، الذي تبلغ مساحته ما يزيد عن 14 ألف كيلو متر مربع، نحو مليون نسمة، بينهم 32% فقط من الفلسطينيين يقيمون على أقل من 5% من أراضيه، في 45 قرية تريد "إسرائيل" تهجيرها وتجميع سكانها بأقل مساحة ممكنة لمصادرتها.

وما يحدث في النقب من عمليات تجريف للأراضي وهدم للمنازل في عدة قرى يهدف إلى تنفيذ مشروع استيطاني ضخم تحت شعار "تشجير الصحراء" الذي تتخذه "إسرائيل" ستارًا لتهجير الفلسطينيين وتجريف أراضيهم وبعثرة قراهم وبيوتهم، ومن ثم طمس هويتهم الوطنية.

وما أشعل فتيل الأوضاع، استئناف جرافات الاحتلال عمليات التجريف والهدم في قرية الأطرش بالنقب، والعديد من القرى الأخرى "المسلوبة الاعتراف"، بهدف مصادرتها مما يسمى بالصندوق اليهودي "كيرن كيميت".

وإلى جانب عمليات التجريف، أعلنت وزيرة داخلية الاحتلال إيليت شاكيد المصادقة على تنفيذ عدة مخططات استيطانية لإقامة نحو 20 بلدة يهودية ومصانع للفوسفات ومشاريع سكك حديدية على المساحة التي يقيم عليها الفلسطينيون بالنقب.

وتتمثل مشكلة "إسرائيل" مع هبة النقب بأن هذه المنطقة تضم عددًا من أهم القواعد العسكرية والمرافق الأمنية الحساسة، كما تضم مفاعل ديمونة النووي، وتُشرف القرى الفلسطينية فيها على شبكة الطرق التي يسلكها جيش الاحتلال.

قضية محورية

رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب عطية الأعسم يقول لوكالة "صفا" إن الصراع مع الاحتلال يدور على الأرض، باعتبارها قضية محورية، و"هبة النقب" جاءت من أجل البقاء والوجود على هذه الأرض التي تُدلل على هويتنا.

ويوضح أن الهبة جاءت أيضًا بهدف التضامن مع المسجد الأقصى المبارك، وحي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وضد سياسات الاحتلال تجاه المواطنين في النقب من عمليات هدم وتجريف وملاحقة وغيرها.

ويرتبط مفهوم يوم الأرض وذكراه، مع المعركة اليوميّة لأهالي النقب، والتي تتمحور في الأساس حول ملكيّة الأرض والوجود العربي المُهدد بالتهجير والاقتلاع القسري، ناهيك عن الملاحقة المستمرة للشباب الرافض لممارسات الاحتلال ومحاولات طمس الوعي.

ويضيف الأعسم أن يوم الأرض جاء للحفاظ على هذه الأرض، "فنحن نحتفل بهذه الذكرى كل عام من خلال عدة فعاليات، لنؤكد لأجيالنا القادمة والشابة أننا نسلمهم أمانة ورسالة الأرض، حفاظًا عليها وتمسكًا بها، ونعمل على تعزيز الصمود لدى أهل الداخل، وخاصة في النقب".

وتشكل أحداث يوم الأرض جزءًا مما يعيشه النقب، وفق الأعسم، كونه مستهدفًا بشكل يومي من الاحتلال الذي يلاحق سكانه، ويريد تهجيرهم لصالح الاستيطان.

ويؤكد أن "إسرائيل" تريد مصادرة كل ما تبقى من الأراضي العربية في النقب، مشددًا على رفض ذلك.

ويضيف "نحن نريد أن نبقى ونعيش على أرضنا فهي عزتنا وكرامتنا، ولن نتخلى عنها، رغم عمليات الترحيل والتهجير القسري".

ومنذ عام 1948، صادرت سلطات الاحتلال 97% من أراضي النقب، والتي تشكل ثلثي مساحة فلسطين التاريخية، لكن الصراع يدور حاليًا على مساحة 3%. وفق الأعسم.

ويقول: "نحن أصحاب الأرض ونضالنا وهبتنا مستمرة، مهما حاول الاحتلال وخطط لطردنا وتهجيرنا، ونفذ من ممارسات ضد المواطنين في النقب لن ينال ما يريد، وسنبقى صامدين".

حسم الصراع

أما رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب جمعة الزبارقة فيقول لوكالة "صفا" إن أهمية أحداث يوم الأرض التي وقعت في 30 مارس/ آذار 1976، وهبة النقب، تُكمن بأن الصراع كان وما يزال على الأرض، كونها القضية المركزية والأساس لوجودنا وبقائنا.

ويضيف "لكن في النقب تحديدًا، بدأ يأخذ شكلًا مختلفًا نوعًا ما عن أحداث الأرض السابقة، بسبب الظروف التي يمر بها يوميًا بفعل انتهاكات ومخططات الاحتلال، وعمليات تحريش الأرض وتجريفها".

ويؤكد أن حكومة الاحتلال تسعى إلى حسم الصراع على الأرض بأسرع وقت ممكن، "لذلك تُسارع بإقامة المشاريع والمدن الاستيطانية، وخطوط السكك الحديدية، التي تخترق الحيز الفلسطيني وتمنع تطورنا المستقبلي".

وتتجاهل سلطات الاحتلال أن أراضي النقب مملوكة لأبنائها العرب قبل عام 1948، ومنذ أيام الحكم العثماني وأن معظم أصحابها يمتلكون إثباتات ملكية، لكنها مع ذلك تواصل مصادرة ما تبقى من أراضيها.

وبحسب الزبارقة، فإن أهالي النقب يُشكلون ما نسبته 32% من إجمالي عدد السكان، ما يشكل هاجسًا ديمغرافيًا للفكر الصهيوني.

ويوضح أن "الأرض تمثل بالنسبة لنا قضية وجود وهوية وانتماء، وليست قضية عقارية، ولا يمكن أن نتراجع عما تبقى لنا من أراضٍ في النقب، وسنواصل نضالنا وتشبثنا بأرضنا".

أ ج/ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام