تتواصل فعاليات المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة الذي تُنظمه دار الثقافة ابن رشيق - تونس، لليوم الخامس على التوالي، تحت شعار: "على الأرض ما يستحق الحياة"، وسطَ حضورٍ جماهيري من صُناع القرار والأدباء والفئات المجتمعية والشعبية، والذي يتناول الموسيقى الملتزمة وأهميتها في تكوين الحالة الشعبية والالتفاف حول القضايا المركزية المختلفة للشعوب.
ويرتبط شعار المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة، بالحالة الشعبية التونسية وعلاقتها بالقضية الفلسطينية، المتمثلة في حضور فِرق فلسطينية قادمة من الشتات للمشاركة بهذا المهرجان بالكلمة والموسيقى.
ويهدف المهرجان وفق القائمين عليه، إلى تعزيز مكانة القضية الفلسطينية، وإعادة البوصلة إلى وجهتها الصحيحة باعتبار فلسطين قضية الأمة المركزية، ما يستوجب توحيد كافة الجهود لمواجهة المساعي الإسرائيلية التي تهدف للنيل من حضور فلسطين على المستوى العربي والدولي.
بدوره قال مدير دار ثقافة ابن رشيق، العربي شعباني: إن “الدورة الثالثة للمهرجان قامت على عِدة مفاهيم أهمها الموسيقى الملتزمة، كونها تُناقش قضايا واقع ما لمجتمعٍ مُعين، حيث ترتبط كل أغنية مقدمة بحدثٍ يَعيشه شعبٌ مضطهد يُعبر عن قضاياه الوطنية بالموسيقى”.
وأضاف مدير المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة: “نحن كشعوب عربية نعيش واقعًا مؤلمًا في تونس وفلسطين، سوريا، لبنان، وغيرها، نشترك في مجموعة هواجس مشتركة نستطيع التعبير عنها بصورةٍ جماعية مِن خلال الموسيقى والأغنية الملتزمة، وتكون فرصةً للجمهور للاستمتاع والاستماع لموسيقى مختلفة من أشخاص متعددين”.
وبيّن: “هناك مجموعات جديدة تُعبّر عن القضايا بصورةٍ مختلفة حيث تتأثر بالأنماط الحديثة للموسيقى تُناقش قضايا معينة، نعيش في زمن متطور يشهد تغيرات مستمرة بواقع المجتمعات وسط انفتاحٍ على مستوى الشعوب بالتزامن مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الجميع في حالةِ تعارفْ ما تسبب في حالة تأثر شملت العديد من المناحي ومنها الموسيقى”.
وأشار إلى أن المهرجان يُركز على جانب التنوع الذي يشمل مستوى الفِرق المُشاركة والبلدان والأنماط داخل الموسيقى، لافتًا إلى أن الحفل يُخاطب جميع شرائح المجتمع منها الشيوخ، الشباب، النساء، الأطفال من خلال الورشات التكوينية داخل الموسيقى، في محاولةٍ لإرضاء جميع الأذواق والأعمار.
وأوضح، "المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة، يستمر على مدار سبعة أيام بدءًا من تاريخ 19 مارس/أذار – 25 مارس 2022، تخلله افتتاح معرض يتحدث عن نشأة الموسيقى الملتزمة، ويضم لوحات لفنانين عملوا على إبراز هوية الموسيقى من جميع دول الوطن العربي".
وتابع: “هناك مشاركات من فلسطين، التي تُمثّل ضيف الشرف بهذه الدورة من المهرجان، سيقدم العرضين الموسيقيين كلٌ من شادي زقطان والثاني لفرقة عُشاق الأقصى، وسيُشارك الفنان مصطفى سعيد قادمًا من جمهورية مصر العربية، وستتوالى العروض الموسيقية من تونس وباقي الدُول المُشاركة في المهرجان”.
وأردف: “العروض المُقدمة ثرية وغنية بإصرار لجنة المهرجان رغم الظروف الاستثنائية كافة على انجاح المهرجان الموسيقي، خاصة وأنه جاء في أعقاب تفشي فيروس كورونا، مضيفًا: ” نعتقد أننا سنكون أوفياءً لجمهورنا وعند حُسن ظنهم فينا دومًا”.
واستتلى: “اخترنا للمهرجان اسمًا واضحًا وصريحًا على هذه الأرض ما يستحق الحياة، برغم المرارة والقهر، لكن في الوقت ذاته هناك وطن يستطيع الجميع التحرك بداخله كونه يستحق العيش فيه، سواءً في تونس أو فلسطين، حيث المستقبل الجميل والأفضل الذي ينتظر الجميع، سعيًا لإعلاء القِيم المُثلى والإنسانية”.
وختم العربي شعباني حديثه قائلًا: “فلسطين مازالت حاضرة في وجدان الجمهور التونسي، حيث يُصر الجميع على قول كلمته المُناصرة للقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية، كفانا يأس، كفانا خمول، كُنا مجتمعات حيّة خلال فترةٍ سابقة، ونستطيع النهوض والتحليق نحو المستقبل”.
من ناحيتها، أوضحت رجاء بوحولي منسقة الاتصال والإعلام في المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة، أن الحفل الفني كان مقررًا إقامته خلال شهر فبراير الماضي، لكن الظروف الصحية المترتبة على جائحة كورونا حالت دون ذلك، إلى حِين اُقيم بشهر مارس الجاري، بمشاركة عشرات الفنانين من مختلف الدول العربية.
وأضافت خلال تصريحاتٍ إعلامية: “اليوم نحتفل بالكلمة الحُرة واللحن الوطني، عملنا خلال الأيام الماضية على التواصل مع كافة وسائل الاعلام المعنية بهدف إخراج الصوت التونسي ليجوب كل العالم، لإيصال رسالة مفادها أننا مازلنا على قَيد الحُلم والكلمة الوطنية وعلى الأرض ما يستحق الحياة”.
وأردفت: "يستمر المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة لليوم الخامس على التوالي، ونشهد اقبالًا وتفاعلًا كبيرين يومًا بعد يوم، إيمانًا بأهمية المهرجان ورسالته الموجهة إلى العالم، تعزيزًا للانتماء العربي والهوية الثقافية".
وأكدت: “فلسطين في قلوب التونسيين جميعًا، باعتبارها القضية الأم لأنها ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، إنما قضية كل الأحرار حول العالم، اليوم نُقيم هذه الدورة على شرف فلسطين وكلنا أمل برؤيتها محررة مستقلة في أقرب وقت”.
وفيما يتعلق بتوظيف منصات التواصل الاجتماعي بالترويج للمهرجان الفني للموسيقى الملتزمة، لفتت بوحولي، إلى “أن المنصات الاجتماعية أصبحت وسيلةً أسرع وأنجع لإيصال الفِكرة والكلمة وللتسويق للدورة الثالثة من المهرجان، مشددةً على أن الجميع بذل كافة الجهود لإيصال الصورة وتبليغ الكلمة والصوت”.
من ناحيته قال مصطفى سعيد مدير مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية: إنه "لا يمكن هزيمة المستعمر للأرض بسلاحٍ صنعه، لكن من المهم مقاومة المستعمر بسلاحٍ عجز عن صناعته وهي الموسيقى والأدب والشعر والثقافة والفنون والمسرح".
وأضاف: "رسالتي للقائمين على المهرجان بأن استمروا ولا تلتفوا إلى الوراء، استمروا بدعمكم الموسيقى الفصحى التي تخرج من رَحم هذه الأمة والتي تُمثّل التزامًا أخلاقيًا وفنيًا وثقافيًا".
ويحظى المهرجان العربي للموسيقى الملتزمة، بمتابعة إعلامية عربية، حيث يُتابع الإعلامي إبراهيم خضر من قطاع غزة، سَير فعاليات المهرجان عن كثب بالتنسيق مع لجان الاتصال والاعلام بالمهرجان.
وأكد خضر خلال تصريحاتٍ له، أن المهرجان يأتي بهدف تعميق أواصر الاتصال بين الثقافة الفلسطينية والتونسية، والحالة الشعبية الرابطة بين الشعبين الشقيقين على صعيد الادب والفكر والكلمة واللحن، ولهذا انعكاس حقيقي وواضح على علاقة الشعوب العربية بعضها ببعض.
وأردف، "فلسطين حاضرة في كل الميادين وأهمها الثقافية، لافتًا إلى أن الوجود الفلسطيني لها دلالة كبيرة مِن خِلال استخدام شعر الأديب محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" ليكون شعارًا للدورة الثالثة للمهرجان العربي للموسيقى الملتزمة".
وتابع، "الشعار يُدلل على الحضور الأدبي الفلسطيني لهذه المهرجانات، إضافة إلى تعزيز المفاهيم حول القضية الفلسطينية خاصة في ظل حالة التراجع التي تشهدها الساحة العربية من تطبيع بعض الأنظمة مع الاحتلال الإسرائيلي".
ودعا خضر، إلى ضرورة توجيه الاهتمام الإعلامي تجاه القضية الفلسطينية لإعطائها المساحة المطلوبة، تعزيزًا لمكانتها التاريخية وأهميتها الإسلامية، وتذكيرًا للعالم أن فلسطين مازالت تحت الاحتلال، والعُزوف عن ذكر فلسطين خلال المحافل الثقافية وتغييب هويتها الوطنية عن الساحة العربية.
تجدر الإشارة إلى أنه سيتم الاحتفال بذكرى يوم الأرض استباقًا خلال الحفل التكريمي النهائي للمهرجان العربي للموسيقى الملتزمة الجمعة.