أجمع كتاب ومحللون مختصون بالشأن الإسرائيلي والفلسطيني على أن سياسة العصا والجزرة التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لن تنفع ولن تكون كافية لمنع الانفجار في الساحة الفلسطينية خلال شهر رمضان المبارك، إذا ما استمرت الانتهاكات والاقتحامات في القدس والضفة المحتلتين.
ورأى هؤلاء المحللون خلال أحاديث لـ"صفا" أن حسابات التصعيد التي يجريها ويستعد لها المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي لن تكون مثمرة، إذا ما حاولت الجماعات الدينية والتلمودية اليهودية باقتحام مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك خلال الأعياد اليهودية التي تتزامن مع شهر رمضان المبارك.
وتتخوف سلطات الاحتلال من دخول توقيت هذه الأعياد، والتي تبدأ في 11 أبريل المقبل مع دخول توقيت "عيد الفصح" اليهودي الذي يتزامن مع شهر رمضان المبارك، خاصة في ظل تهديدات جماعات استيطانية إسرائيلية بتنفيذ أكبر مسير واقتحام للقدس والمسجد الأقصى وتنفيذ طقوس تلمودية معلنة داخل المسجد.
وانعكست هذه التخوفات على المستوى السياسي والأمني الذي أرسل رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) إلى الولايات المتحدة، فيما زار وزير خارجية الاحتلال يائير لبيد الأردن لنفس الغرض وبحث الحيلولة دون حدوث الانفجار.
معركة واسعة
ويعتبر الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أن التخوف الإسرائيلي نابع من مؤشر الغليان والاحتقان في القدس والضفة، والذي تُرجم من خلال العمليات الفدائية داخل القدس ونقاط التماس بالضفة.
ويقول بشارات: "وصول الأمر لأبواب واشنطن وعمّان نتيجة التخوف الإسرائيلي من تدحرج الأمور خلال رمضان لتمتد إلى قطاع غزة، ومن ثم الدخول بمعركة سيف القدس 2".
ويضيف بشارات "هذه إشارة أن المقاومة الفلسطينية بما أحدثته من خلال معركة سيف القدس حفرت عميقا في الوعي الإسرائيلي وأحدثت عقدة يجب تشديدها والبناء عليها".
وصيف العام الماضي خاضت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة معركة شرسة أطلقت عليها اسم "سيف القدس" نصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك عقب انتهاكات واعتداءات إسرائيلية.
كما يرى الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات في حديثه لـ"صفا" أن الاحتلال يتخوف من انفجار يتعدى منطقة القدس والضفة لتصل نيرانه لانتفاضة عارمة تغطي مساحة فلسطين التاريخية لتتدحرج الأمور لـ"حرب محدودة".
ويضيف عبيدات ان "الحكومة الإسرائيلية تتخوف من الجماعات التلمودية التي تسعى لاقتحام القدس المحتلة بأعداد كبيرة وممارسة الطقوس اليهودية بشكل علني وبصوت مرتفع، وإدخال ما يسمى بقرابين الفصح إلى المسجد الأقصى مما قد يدفع بِردَات فعل فلسطينية قد تصل لمعركة مفتوحة مع المقاومة الفلسطينية واندلاع انتفاضة بكل فلسطين".
تهديد كوخافي لغزة
ويشير إلى أن تهديدات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي تجاه قطاع غزة والتلويح بالعصا الغليظة "تأتي لفرض هدنة طويلة مع المقاومة الفلسطينية نحو تحييد غزة وفصلها عما يجري بالضفة والقدس".
وينبه عبيدات إلى أن الانفجار قادم على الرغم من محاولات سلطات الاحتلال تأجيله.
ويختم "الأمور مرجحة للتدحرج نظرا لحالة الغليان وتنامي شعور المقاومة لدى الجماهير الفلسطينية بالضفة والقدس المحتلتين".
ويلفت إلى أن "الاحتلال مستمر في مشروع التهويد في الضفة والقدس ويقتنص الفرص لفرض وقائع جديدة بخطوات استباقية، فمن جهة يستخدم سياسة جز العشب وتقليم أظافر المقاومة بالضفة والقدس، عن طريق تكثيف حملات الاعتقال واغتيال المقاومين".
ويشير عبيدات إلى أن هذا يجري "بالتوازي مع ما تقوم به أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من خطوات بهذا الاتجاه، ومن جهة أخرى يعِد بمزيد من التسهيلات بالقدس والضفة".
وكان الإعلام العبري ذكر أن الدوائر الأمنية الاسرائيلية تميل إلى منح الفلسطينيين تسهيلات في شهر رمضان وذلك للمرة الأولى منذ انتشار فيروس كورونا قبل عامين.
وقالت المراسلة العسكرية في القناة 11 العبرية- وفق ترجمة "صفا"- إن التوجه الإسرائيلي الآن هو للسماح لعدد كبير من الفلسطينيين بدخول المسجد الأقصى في شهر رمضان.
بالإضافة إلى السماح بزيارات عائلية من الضفة إلى داخل فلسطين المحتلة وكذلك منح تصاريح زيارة لعائلات أسرى حركة فتح من قطاع غزة لزيارة أبنائهم.
ومع ذلك، شدد مصدر أمني اسرائيلي على أن الفترة المقبلة بالغة التعقيد وأن أجهزة أمن الاحتلال مستعدة لسيناريوهات وقوع أحداث "متطرفة".