الثمانيني الهمص.. ساعاتي رفح يواصل عمله رغم كبر سنه

رفح - هاني الشاعر - صفا

داخل محلٍ لا تزيد مساحته عن الثلاثة أمتار، يمتلئ بمختلف أنواع الساعات، ما بين حديثة وأخرى قديمة، وقطع تالفة ومتعطلة، يجلس المسن الفلسطيني إبراهيم الهمص (82 عامًا) من مخيم يبنا في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يمارس مهنة الساعاتي (تصليح الساعات)، منذ نحو 62 عامًا.

ولم يقطع كبر سن الهمص الحبل بينه وبين مهنته التي يعشقها، ولم يغادرها قط؛ وتوارثها عدد من أبنائه، الذين يعملون معه في ذات المكان؛ قائلاً: "أنا سعيد جدًا بهم، مُطيعين لي، ولم يتركوني وحدي في العمل وحدي".

يجلس على كرسيٍ صغير مرتفع حانيًا ظهره، يُحدق النظر مُستعينًا بعدسةٍ مُكبرةٍ يضعها على عينه اليُمنى، ليعاين قطعًا صغيرةٍ جدًا من داخل واحدة من عشرات الساعات المُتعطلة.

لا يلتف الهمص يمينًا أو يسارًا أثناء عمله، ويبقى منهمكًا ولا يرفع رأسه إلا عند الانتهاء من تصليح الساعة، أو طلبه من نجله فنجان قهوةٍ، يقول إنها تساعده على التركيز في عمله، الذي يحتاج لجهدٍ عالٍ جدًا.

ويتحدث عن مهنته بالقول: "ولدت عام 1942 في قرية يبنا المهجرة، وتعلمت سنة 1958 مهنة الساعاتي من عمي الحاج لطفي، وسنة 1960 بدأت العمل في مهنتي، وسافرت لنحو ثلاث سنوات إلى السعودية وعملت في ذات المهنة هناك".

ويضيف الهمص "عدتُ إلى فلسطين بعد ذلك، وافتتحت محلاً قرب بوابة صلاح الدين (سوق الشعرا)، وبفعل عمليات القصف الإسرائيلي والأحداث الميدانية، تركت المحل قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وما زال مقفلاً حتى الآن، ونقلته لشارع البحر وسط المدينة".

ويتابع "ما زلت محافظًا على مهنتي حتى يومنا هذا، وأواضب على الحضور للمحل يوميًا مُبكرًا قبل الأولاد، وأقوم بتنظيف والاهتمام وتفقد البضاعة، حتى يأتي الأولاد".

ويعرف معظم أهالي رفح والمارة من ناصية المحل الساعاتي الهمص، ولا يكاد يمر شخص إلا ويلقي السلام عليه أو التحية "مرحبًا أبو خالد.. كيف حالك.."؛ البعض من هؤلاء كبار سن، يواضبون على تصليح ساعاتهم لديه.

نحو سبع ساعات يقضيها يوميًا في محله، دون كلل أو ملل، من الثامنة صباحًا حتى الثانية، ثم يعود لمنزله لتناول الغداء وينال قسطًا من الراحة كعادته.

وفي ظل التقدم التكنولوجي، ما تزال فئة كبيرة تهوى شراء الساعات بمختلف أشكالها، حيث يتردد عليه الكثيرون من مختلف فئات المجتمع، خاصة كبار السن، وممن يحتفظون بساعات قديمة.

ويقول زبائن الهمص إن ارتداء الساعة في المعصم يضاهي اقتناء هاتفٍ نقال فاخر، وفي الوقت الذي قد يوضع الهاتف في الجيب، فيما لا تُفارق هيبة الساعات معاصم اليد.

ولوحظ الكثير من الزبائن الذين ترددوا على المتجر الصغير، وخصوصًا أولئك الذين يهوون اقتناء الساعات الثمينة، يحرصون على صيانتها الدورية خشية تعرضها للتلف في حال إهمالها.

م ت/هـ ش

/ تعليق عبر الفيس بوك